تطور النزاع بين مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني وأكثرية أعضاء المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى حول قانونية الدعوة التي وجهها الأول إلى انتخاب أعضاء جدد للمجلس الشرعي في 30 الجاري، حين أقفل المفتي أمس أبواب دار الفتوى في بيروت أمام 20 عضواً (من أصل 31) من المجلس الشرعي للحؤول دون اجتماعهم بدعوة من نائب رئيسه (الرئيس هو المفتي وفق القانون) الوزير السابق عمر مسقاوي في القاعة المخصصة له في مبنى الدار. فتجمع هؤلاء عند المدخل في غرفة الحاجب ووقعوا على محضر المراجعة القانونية بعد أن أقروها وقوفاً. وحضر ستة مخاتير صادقوا عليه وعلى واقعة أن قاعة الاجتماع كانت مقفلة، وعلى توقيع الأعضاء العشرين على المحضر. وقدم الأعضاء أنفسهم مراجعة الطعن إلى مجلس شورى الدولة، طالبين إبطال قرار المفتي الدعوة للانتخاب «لمخالفتها أصول الدعوة المنصوص عنها في المرسوم 55/ 18، ولعدم اعتمادها لائحة الشطب وفقاً للمرسوم نفسه». وكان المفتي قباني أصدر باسمه وباسم رئاسة المجلس الشرعي بياناً اعتبر فيه أنه المرجع المختص بالدعوة إلى اجتماعه بصفته رئيسه وأن الدعوة التي وجهها نائب الرئيس «مخالفة لنص المرسوم المذكور وغير قانونية وغير صحيحة وأي اجتماع للمجلس سيعقد بناء عليها باطل حكماً». وأرفق قباني البيان بإقفال أبواب دار الفتوى فتجمع الأعضاء الذين لبّوا دعوة مسقاوي في غرفة عند احد المداخل وعقدوا اجتماعاً. ثم زار الأعضاء ال20 رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وأطلعوه على ما حصل وسلموه نسخة عن مراجعة الطعن القانوني. ووقع مراجعة الطعن إضافة إلى مسقاوي الأعضاء: محمد المراد، محمد سعيد فواز، محيي الدين دوغان وعبدالحليم الزين. وأوكل هؤلاء فواز والمراد عنهم. وقالت مصادر المجلس الشرعي إن المفتي قباني سبق أن رفض تسلّم الطعن المقدم من الأعضاء الستة والذي يحظى بدعم 21 عضواً من المجلس الشرعي (أكثر من الثلث) وبرفضه سوّغ قانونياً لنائب الرئيس أن يدعو إلى اجتماع للمجلس الشرعي إذ إن الأصول القانونية تنص على حقه بدعوة المجلس للاجتماع في حال حصول أي نزاع قانوني. وتقع مراجعة الطعن في 12 صفحة فولسكاب، إضافة إلى المستندات. وأشار نصها إلى أن لوائح الشطب التي وجه قباني الدعوة للانتخاب على أساسها صدرت الشهر الماضي، فيما المرسوم الرقم 55/ 18 ينص على أن تنشر مطلع كل سنة ما يعني أن الدعوة للانتخاب مخالفة للأصول، واستندت المراجعة أيضاً الى إحدى مواد المرسوم التي تنص على أن «للمجلس الشرعي صلاحية تفسير النظم والمقررات في ما يخص تنظيم شؤون المسلمين الدينية». وارتكزت المراجعة الى سابقة صدور قرار عن مجلس شورى الدولة عام 1997 يعطي المجلس الشرعي هذه الصلاحية. كما نصت على أن انتخاب أعضاء المجلس الشرعي الأعلى في ظل القرار المطعون به «ينشئ أمراً واقعاً مخالفاً للقانون ويؤدي الى نزاعات واصطدامات وخلافات الجميع بغنى عنها وعلى أن الدعوة المطعون بها تخضع للإبطال بسبب تجاوز حد السلطة». وأشارت إلى أن دعوة قباني للانتخاب «تخالف قرار المجلس الشرعي بالتمديد لولايته نظراً إلى الظروف الداخلية وترتبط بالصعيد الأمني الاجتماعي لصحة الانتخاب والمرتبط بالانقسام السياسي الراهن». وعرضت المراجعة لقرارات التمديد للمجلس الشرعي في حضور ميقاتي ورئيسي الحكومة السابقين سليم الحص وفؤاد السنيورة، ولإبلاغ المفتي المجلس الشرعي مطلع الشهر الماضي أنه لن يدعو لانتخابات في ظروف غير ملائمة ثم إعلانه الدعوة إليها في مقابلة تلفزيونية. ورأى موقعو المراجعة أن دعوة قباني للانتخابات شكلت «مصادرة منه لأي قرار يتخذه المجلس الشرعي حول مبدأ الانتخاب». وطلبت المراجعة إصدار قرار بعدم صلاحية المفتي بالدعوة للانتخابات في شكل مستقل عن قرار المجلس الشرعي ولمخالفاتها أصول إجراءات نشر لوائح الشطب.