أوضح الدكتور محمود العزازمة أن القاص والكاتب جارالله الحميد رفض الانصياع لما قبله، وأعاد النظر في التقاليد، «إذ لا توجد أحداث في قصصه، لأنها توجد خلف الكواليس، وأثر هذه الأحداث هو ما يبرز»، مُشيراً إلى أن منصور الحازمي أطلق على الحميد وجيله «جيل الغرباء»، لأنهم ينهجون منهجاً خاصاً بهم، ومختلفاً عن سابقهم، وأضاف العزازمة: «أن تجربة هذا الجيل ساير أشقاءه العرب، ولم يأتِ بعدهم، إذ كان جيلاً منفرداً في القصة القصيرة»، وتحدّث العزازمة عن البناء الفني لقصص الحميد، قائلاً: «يختلف بناءه الفني في كل قصة عن القصة التي قبلها، والقصة التي بعدها، ولا يزال يرغب بالتجديد ومواكب التطور والإبداع فيها»، مضيفاً: «يتعامل الحميد مع كل قصة بأنها مشروع جديد، ولا يتعمد تقليد الأدباء، ولا حتى تقليد نفسه في كل قصة جديدة». وقال العزازمة في محاضرة، نظمها نادي حائل الأدبي مساء (الأربعاء) الماضي، بعنوان «تجربة جارالله الحميد القصصية»: «إن الكثير من كتّاب القصص القصيرة تركوها، واتجهوا إلى الرواية، ولكن الحميد ما زال قابضاً على جمر القصص القصيرة»، لافتاً إلى أن الحميد «لم يحاول هدم الشعر، بل قام بتوظيف الشعر في قصصه». وفي المداخلات، تحدث الروائي عبده خال من خلال الهاتف، وقال: «نحن نمثّل الجيل الثاني من موج زمان جارالله الحميد، وكنا نتواضع أمام الآخرين، ونغطي تجاربنا المتواضعة، وتجربة جارالله الحميد يجب أن تأخذ مكانها من المجتمع الثقافي والتعليمي، كذلك أشعار الثبيتي على رغم عدم شهرته، إلا أن سمعته انتشرت بين أوساط الأدب والتعليم والنقاد»، وأوضح المهندس حسني محمد جبر، أنه لا عجب من اتجاه الحميد إلى القصّة القصيرة، «ليسجّل تلك التغيرات المتسارعة التي تتحقق بمجتمعه، التي لا تترك لمتابعها فرصة للتأمل والتفكير، فلجأ إلى رصدها على هيئة ومضات ثقافية (فلاشات)، ليتفكروا في ما يحيط بها، أتمنّى من الباحثين الاجتماعين أن يسجلوا إلى من مثل هذا العَلم ما كان، ورصد كل تطوّر، وربط كل تغيير بزمنه، فالمجتمع الذي ليس له ماضٍ، لا مستقبل له». وعاتبتْ الدكتورة ليلى الشمايلة الإعلام «على إهمال الأديب جارالله، وعدم تسليط الضوء عليه كاملاً خلال فترة حياته»، وقال عضو مجلس إدارة نادي حائل الأدبي مفرح الرشيدي: «من يقرأ لجارالله يتوقف عند حدة الانطباع». وتمنّى لو أن الدكتور العزازمة توقّف عند حياته المرضية في أروقة المستشفيات وغرفها، والحديث عن تجربته القصصية فيها. ولفت براك البلوي إلى جارالله الذي وصفه بعراب القصة، «كان واثقاً من نفسه من خلال ما يطرحه من إبداع في القصة القصيرة منذ بداياته». وقال مدير مكتب صحيفة عكاظ في حائل سعود الرشود: «كل ما تمددّت المدينة تمدد الناس بالنسيان، (أبا تغريد) سيّد اللفظ تعلمنا تركيب الكلمات عندما نقرأ الروايات، إذ يكفي نص «الصباح» عنها كلها، عندما يقول جارالله ينام العالم، وأبقى أُفتت هذا الحزن وأقتاته».