استعرض الناقد الأردني الدكتور محمود العزازمة تجربة القاص جارالله الحميد، مساء أول من أمس في محاضرة بنادي حائل الأدبي أدارها عضو مجلس إدارة النادي علي النعام. تناول العزازمة تاريخ القصة القصيرة في المملكة مذ أول ظهور لها على شكل مقالة في جريدة سنة 1926م بقلم عبدالوهاب آشي، الذي يعتبر أول جيل من أجيال القصة القصيرة، ويأتي بعده أحمد السباعي الذي يُعد جيله من الجيل الأول الذي بدأ في الأربعينيات وانتهى مع ظهور جيل جارالله الحميد. وقال العزازمة: عاصر الحميد مرحلة الحداثة التي بدأت بالثمانينيات، رافضا الانصياع لما قبله وأعاد النظر في التقاليد، حيث لا أحداث في قصصه لأنها توجد خلف الكواليس وأثر هذه الأحداث هو ما يبرز. وأشار العزازمة إلى أن منصور الحازمي أطلق على الحميد وجيله (جيل الغرباء) لأنهم ينهجون منهجاً خاصاً بهم مختلفاً عن سابقيهم، وأضاف: هذا الجيل ساير أشقاءه العرب ولم يأت بعدهم، حيث كان جيلاً منفرداً في القصة القصيرة، وهو أكثر الأجيال التي ظُلمت خلال فترة ثورتها. وتطرق العزازمة للبناء الفني في قصص الحميد قائلاً: "يختلف بناؤه الفني في كل قصة عن التي قبلها والتي بعدها، وكان وما يزال يرغب بالتجديد ومواكبة التطور والإبداع فيها، كتب عشر قصص قصيرة جداً وخاض غمارها في الوقت الذي وقف جيله ضد هذا اللون من القصص، حيث يتعامل الحميد مع كل قصة بأنها مشروع جديد، ولا يتعمد تقليد الأدباء ولا حتى تقليد نفسه في كل قصة جديدة، ويعتمد على التشكيل السينمائي بالإيجاز والإيماء وتكثيف الدلالة. ولفت العزازمة إلى أنه: في وقت اتجه فيه الكثير من كُتاب القصة إلى الرواية، ظل الحميد قابضاً على جمر القصص القصيرة، ولم يحاول الحميد هدم الشعر بل قام بتوظيف الشعر في قصصه، إذ يكتشف القارئ لقصصه بأنه يقرأ بين مدرستي الشعر والكتابة. وشهدت المحاضرة عددا من المداخلات عبر الهاتف من الكاتب عبده خال الذي قال: "أنا سعيد بهذا التواصل وأطلب تقبيل رأس جارالله الحميد لأني أعتقد أن الإنسان ضعيف مهما عَظُم، وعند زيارتي له في المستشفى علمتُ بأني مجرد طالبٌ عاق مر مرور الكرام أمام مُعلمه، نحن نمثل الجيل الثاني من موج زمان جارالله الحميد، وكنا نتواضع أمام الآخرين ونغطي تجاربنا المتواضعة، وتجربة الحميد يجب أن تأخذ مكانها، حيث تعرّفتُ عليه من (أحزان عشبة برّية) وما زلت أتعرّف عليه كثيراً مع قصصه، فلك يا جارالله كل الأمنيات. وقال أحمد الجريفاني في مداخلة صوتيّة: "لا يعرف جارالله الحميد بحائل أكثر من أحمد الجريفاني وأحمد المهوّس، لقد عشنا فترة مراهقتنا معاً وكنا ندرس معاً، فقد كان يساعدني عندما أكتب الشعر وأنا أفهم قصته".