أخفقت المفاوضات بين السلطات اليمنية وجماعة الحوثيين في التوصل إلى اتفاق ينهي أزمة مستفحلة، وينزع فتيل التوتر الناجم عن توسيع اعتصامات المحتجين الحوثيين وحصارهم المسلح للعاصمة صنعاء الذي دخل أسبوعه الرابع. وأكدت مصادر حكومية أن عملية التفاوض ستستأنف في غضون ساعات، برعاية مستشار الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه إلى اليمن جمال بن عمر. وفي حين حمّل بيان لسفراء الدول العشر الراعية للعملية الانتقالية في اليمن، جماعة الحوثيين المسؤولية عن تدهور الوضع الأمني في صنعاء، جدَّد الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، حرصه على إيجاد مخرج سلمي للأزمة، محذّراً من التدخلات الإقليمية الرامية إلى تعريض بلاده للخطر، في إشارة إلى الدور الإيراني الداعم للحوثيين. وتصاعَدَ التوتر الأمني مجدداً في صنعاء أمس، بعد اشتباكات محدودة وتبادل للنار بين مسلحين حوثيين وقوات أمن في منطقة الحصبة القريبة من خيم اعتصام الحوثيين في شارع المطار. وتلا ذلك إغلاق شوارع مجاورة، بما فيها الشارع المؤدي إلى مقر التلفزيون الحكومي. وأكدت ل «الحياة» مصادر قريبة من فريق التفاوض الحكومي مع الحوثيين أمس، أن خلافات نشبت حول قضايا تفصيلية تضمّنها مشروع الاتفاق، حالت دون إنجازه والتوقيع عليه ليل الجمعة. ومن هذه القضايا تمسّك الحوثيين بإبقاء مخيمات المعتصمين في شارع المطار حتى تنفيذ بنود الاتفاق، واشتراطهم إعادة النظر في توزيع الأقاليم، بما يكفل إضافة محافظة حجة إلى إقليم «آزال» الذي يضم صنعاء وعمران وذمار، إلى جانب محافظة صعدة، معقل الجماعة الرئيس، وذلك لضمان حصول الحوثيين على منفذ على البحر الأحمر. وأفادت المصادر ذاتها عن توافق على معاودة المفاوضات في غضون ساعات في حضور المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بن عمر، لتقريب وجهات النظر بين الفريقين وتعزيز الثقة، لتسهيل إنجاز اتفاقٍ يضمن تلبية شروط الحوثيين من دون أن يحاولوا فرض إرادتهم على بقية الشركاء السياسيين. القيادي في الجماعة علي البخيتي اتهم في صفحته على «فايسبوك» «الأجنحة الفاسدة والمتسلطة التي تملك القرار داخل السلطة» بأنها «تعرقل في اللحظات الأخيرة أي تفاهم يستجيب للمطالب الشعبية». وفي ظل تمدُّد المخاوف من تأزُّم الأوضاع في صنعاء إلى الأسوأ، قال سفراء الدول العشر الراعية للعملية الانتقالية في اليمن، إنهم لاحظوا «بقلق بالغ التهديدات المتزايدة لأمن اليمن، المُتمثّلة بأعمال جماعات وأفراد يعترضون على التنفيذ الكامل للمرحلة الانتقالية، المستندة إلى مبادرة دول مجلس التعاون الخليجي وآليتها التنفيذية، ومُخرَجات مؤتمر الحوار الوطني، وما ورد في قرارات مجلس الأمن». ودان السفراء في بيان «النشاطات العلنية لأنصارالله (الحوثيين) المهدِّدة للاستقرار»، وحمَّلوا الجماعة مسؤولية «تدهور الوضع الأمني في صنعاء وعدم الانسحاب الكامل من عمران، واشتراكها في مواجهات مسلحة في الجوف». وحضّوا الجماعة «على التفاوض مع الحكومة اليمنية بحسن نيّة لإنهاء المظالم وتسوية الخلافات السياسية، وتنفيذ كل الاتفاقات التي توصلت إليها مع الحكومة». وفيما حذَّر السفراء من «أي محاولة من خارج اليمن لدعم أعمال تؤدي إلى الفوضى»، قال الرئيس اليمني خلال استقباله وجهاء وممثلين عن سكان الأحياء الجنوبية من العاصمة التي كانت شهدت مناوشات بين الجيش والحوثيين: «حذّرنا مراراً من أي تدخُّل في الشؤون الداخلية لليمن، لكن ما يحدث ربما يكون رسائل من أجل فرض الهيمنة الإقليمية، وتعريض اليمن لأخطار كبيرة». وجدد هادي حرصه على «ألا تُسفك قطرة دم يمنية»، مبدياً ترحيبه بالاحتجاجات ما دامت سلمية، وزاد: «لا مانع لدينا وبموجب الدستور والقوانين، أن تكون هناك تجمعات سلمية، لكن محاولة اقتحام المرافق الحكومية أو المدارس وأقسام الشرطة والبيوت، شيء محرَّم ولا يجوز السكوت عنه».