لاحت أمس بوادر انفراج للأزمة مع الحوثيين في اليمن، وأكدت مصادر حكومية أن لجنة مشتركة توصلت إلى مسودة اتفاق جديد، يقضي بخفض إضافي لسعر الوقود، وتكليف رئيس للوزراء خلفاً لمحمد سالم باسندوة في غضون الساعات المقبلة، في مقابل وقف الاحتجاجات وإزالة مخيمات المسلحين الحوثيين التي تطوّق صنعاء من كل الاتجاهات. وتزامنت أنباء مسودة الاتفاق مع وصول مبعوث مجلس التعاون الخليجي صالح القنيعير ومستشار الأمين العام للأمم المتحدة مبعوثه إلى اليمن جمال بن عمر إلى صنعاء، في سياق المساعي الإقليمية والدولية لتسوية الأزمة المتصاعدة مع الحوثيين، والتي تهدد بنسف العملية الانتقالية والزج باليمن في مواجهات طائفية ومذهبية. وكان البيت الأبيض أصدر الأربعاء بياناً أكد أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس الأميركي باراك أوباما جددا في اتصال هاتفي أجراه الأخير «التزامهما المشترك مواصلة دعم الرئيس عبد ربه منصور هادي والحكومة اليمنية للتوصل إلى حل دائم يهدف إلى إنهاء التوترات مع الحركة الحوثية في إطار العملية الانتقالية، وبموجب مبادرة مجلس التعاون الخليجي». وقال مستشار الرئيس اليمني للشؤون الاستراتيجية فارس السقاف ل «الحياة»: «إن جهود المفاوضات التي أشرف عليها الرئيس ومثّله فيها أمين العاصمة عبدالقادر هلال، أسفرت عن مسودة اتفاق نهائي مع الحوثيين تنتظر التوقيع الذي سيشارك فيه كل الأطراف السياسيين، في حضور المبعوث الأممي جمال بن عمر». وأضاف السقاف أن المسودة «تنص على خفض إضافي لسعر الوقود وتسمية رئيس جديد للوزراء في غضون 48 ساعة تلي توقيع الاتفاق، كما تضمن تشكيل الحكومة بالتوافق والتشاور، وتمثيل الحوثيين فيها إذا وافقوا على المشاركة». وأشار مستشار الرئيس إلى أن الحوثيين سيوقفون الاحتجاجات بموجب الاتفاق، ويزيلون مخيمات المسلحين المحيطة بمداخل العاصمة بمجرد الإعلان عن اسم رئيس الوزراء الجديد. وزاد أن «التشكيلة الحكومية ستضم وجوهاً جديدة وسيُمثّل الشباب والنساء فيها، فضلاً عن الأطراف السياسيين استناداً إلى نسبة مشاركة كل طرف في مؤتمر الحوار الوطني». وفيما نفى الناطق الرسمي باسم جماعة الحوثيين محمد عبدالسلام أمس التوصل إلى أي اتفاق رسمي، مؤكداً أن النقاشات ما زالت مستمرة، قالت مصادر أمنية وناشطون حوثيون ل «الحياة» إن «11 شخصاً من أنصار الجماعة قُتلوا أمس في أربعة انفجارات ناجمة عن عبوات ناسفة زُرِعت في مدينة عمران (شمال صنعاء)، كما سقط 9 جرحى». وروى شهود ل «الحياة» أن أربع سيارات نقلت القتلى والجرحى إلى مستشفى في صنعاء تابعٍ للجماعة ظهر أمس، في حين يُعتقد بمسؤولية عناصر من تنظيم «القاعدة» عن هذه العمليات التي تحمل بصمات التنظيم. وكانت ترددت أنباء عن تسلل عشرات من مسلحي «القاعدة» إلى محيط صنعاء في الأيام الأخيرة، للدخول على خط المواجهة مع الحوثيين. وشهدت العاصمة اليمنية أمس هدوءاً حذراً وسط انتشار كثيف للوحدات الأمنية والعسكرية، كما تفاقمت مخاوف المواطنين وأحجمت غالبيتهم عن إرسال الأبناء إلى المدارس، خشية انفجار الأوضاع المتأزمة، خصوصاً في جنوب العاصمة وشمالها. إلى ذلك، تواصلت المواجهات في محافظة الجوف (شمال شرقي صنعاء) وغارات للطيران الحربي لليوم الخامس على التوالي، في ظل أنباء غير مؤكدة عن مقتل القيادي الحوثي القريب من زعيم الجماعة يوسف الفيشي، وستة قادة ميدانيين أول من أمس في مديرية الغيل التي يحتدم القتال فيها منذ أكثر من ثلاثة أشهر بين المسلحين الحوثيين وقوات حكومية يدعمها مقاتلون قبليون موالون لحزب التجمع اليمني للإصلاح (الإخوان المسلمين). وأكد هادي خلال استقباله أمس مبعوث الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي الدكتور صالح عبدالعزيز القنيعير أن بلاده تمر ب «ظروف صعبة وأزمة جديدة، لكن الحوار وحده كفيل بحل كل القضايا». وزاد أن وجود مبعوث لدول مجلس التعاون في اليمن يؤكد الاهتمام الكبير لدول المجلس بالبلد وأمنه واستقراره ووحدته «باعتبار أمن اليمن من أمن دول المنطقة».