في ظل ارتفاع إيجارات الوحدات السكنية وما يعانيه المواطنون والأجانب على حد سواء قامت «الحياة» بفتح ملف الإيجارات مع عدد من المختصين في مجال الإسكان، الذين أكدوا وجود قلة في العرض تقابلها زيادة في الطلب، ويعتبر ذلك من أكثر الأسباب لارتفاع الإيجارات. وقال عضو لجنة الإسكان في مجلس الشورى المهندس محمد الشمري إن من أسباب زيادة الإيجار مدخلات الإنتاج، إذ إن الشخص عندما يريد بناء عمارة فإن أسعار الأراضي ليست كما هي في السابق. وأضاف: «عندما ننظر إلى أسعار السيارات قبل 15 أو 20 عاماً كانت السيارة من نوع «كابرس» تبلغ قيمتها 40 ألف ريال، أما الآن فيتجاوز سعرها 160 ألف ريال، وتشمل الزيادة أسعار الأراضي، ففي السابق كانت الأسعار تقريباً ب20 ألف ريال، أما الآن فلا يستطيع الشخص أن يجد أرضاً بقيمة 200 ألف ريال». وذكر الشمري أن الشخص حالياً عندما يريد أن يستثمر فإن قيمة الأراضي مرتفعة، وكذلك أسعار الأسمنت والحديد وبقية مواد البناء، ويضاف ذلك كله على المستأجر من حيث زيادة الإيجار، ومن ناحية أخرى فإن الحال المادية للأشخاص من حيث الرواتب شهدت زيادة كبيرة، وهو ما جعل من السهولة دفع قيمة الإيجار، ولكن على حساب متطلبات أخرى. ونفى أن تكون لجنة الإسكان في مجلس الشورى قامت بدرس إنشاء هيئة متخصصة بهدف درس ارتفاع الإيجارات، وأضاف: «قد يكون درس أسباب زيادة الأسعار في الإيجارات من صلاحيات وزارة الإسكان»، مشيراً إلى أن العملية كاملة تخضع للعرض والطلب، فإذا زاد الطلب انخفض الإيجار، وإذا قلّ الطلب زاد الإيجار. وأشار الشمري إلى أن «جميع الأمور التي نريد مناقشتها في اللجنة نؤجلها من أجل انتظار استراتيجية الإسكان التي لم تشهد النور حتى الآن»، إذ تحول ذلك إلى عملية «تخدير» على حد قوله، «وننتظر حتى تصدر هذه الاستراتيجية وما تحتويه من بنود، ونحن بكل حقيقة معطلون حتى صدور تلك الاستراتيجية». وأشار إلى أنه منذ إنشاء الوزارة وحتى الآن لم يشهد المواطن أي شيء ملموس، ولم تحدد الوزارة للجنة الإسكان بالمجلس أي وقت محدد لصدور الاستراتيجية. من جانبه، قال الخبير في المجال العقاري يوسف الزامل إن السبب الرئيس في زيادة أسعار الإيجارات هو نقص المعروض من الوحدات السكنية على مختلف أحجامها من الفلل، والدبلوكس، والأدوار، والشقق الكبيرة والصغيرة أمام تزايد الطلب. وأضاف أن الزيادة في العرض لا تغطي الزيادة في الطلب فهناك «فجوة»، وهو ما تسبب في الضغط على الأسعار باتجاه الارتفاع، لافتاً إلى أن حل هذه المشكلة هو زيادة المعروض عن طريق ترتيب لجميع فئات الشعب السعودي، سواء أكانوا في القطاع الخاص أم القطاع الحكومي، وأن يتم الترتيب لذلك عن طريق عقود إيجار منتهية بالتمليك على حسب دخل كل مواطن، سواء لتملك شقق أم منازل أم أدوار أم دبلوكسات، والاتفاق مع شركات أجنبية ومع البنوك بواسطة تمثيل حكومي لبناء ضواحٍ سكنية في أطراف المدن الرئيسة، وربط هذه الضواحي السكنية بأحدث الشبكات لإيصال الخدمات إليها، إذ سيتم الحصول على مساكن بإيجارات معقولة، وكذلك يحصل كل شخص على مسكن له ولعائلته من خلال عقود واضحة تتحول من الإيجار إلى التملك في نهاية المطاف، فتدخل الشركات الأجنبية والمصارف في أقل من عام لبناء المساكن، ويكون دور الحكومة توفير الأراضي التي تقام عليها تلك الوحدات السكنية باختلاف أنواعها. وأشار الزامل إلى أن المفترض أن يكون دور وزارة الإسكان هو المنسّق بين المصارف والشركات الأجنبية والمواطنين الراغبين في الحصول على مساكن، مضيفاً أن الدور الذي قامت به وزارة الإسكان دور محدود وليس ملموساً، إذ قامت بإنشاء بعض الوحدات السكنية في بعض المحافظات، ولكن لا تزال الأعداد محدودة ولا تشكّل فارقاً، نافياً أن تكون هي الطريقة العملية لحل أزمة الإسكان، لأنها «طريقة حكومية» في البناء وهذا لا يصلح، ويجب أن تكون وزارة الإسكان جهة تنسيق وترتيب وتخطيط وتنظيم وليست جهة تنفيذ. تأخر استراتيجية الإسكان من أسباب ارتفاع الإيجارات.