يطلق اليوم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، رئيس «جبهة النضال الوطني» وليد جنبلاط مبادرته السياسية للخروج بلبنان من أزمته الخانقة في مؤتمر صحافي يعقده في قصره في المختارة بعد ان يكون الحزب استكمل لقاءاته بالرؤساء الثلاثة في اجتماع عقده مساء أمس مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، على أن يتبعه باجتماعات مماثلة تشمل القوى السياسية من دون استثناء. وعلمت «الحياة» من مصادر في الحزب التقدمي أن جنبلاط لقي ترحيباً بمبادرته من رؤساء الجمهورية ميشال سليمان والمجلس النيابي نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي وأنه سيحاول من خلال العناوين الرئيسة التي سيطرحها اليوم تحضير الأجواء أمام معاودة التواصل بين جميع الأطراف من أجل التوصل الى مخرج يجنّب لبنان الوصول الى طريق مسدود في ظل تعثر معاودة الحوار برعاية رئيس الجمهورية في جلسته المقررة في 29 الجاري والتي يبدو ان قوى 14 آذار لن تشارك فيها مشترطة الموافقة على رحيل الحكومة الحالية واستبدال حكومة حيادية استثنائية بها. وقالت المصادر ان «التقدمي» ما زال يعتبر الأقدر على تهيئة الظروف للبحث في تشكيل حكومة جديدة وإنما من خلال استئناف الحوار لتجنيب لبنان الوقوع في فراغ، وذلك بفضل تواصله مع القوى السياسية الفاعلة في البلد. ولفتت الى ان جنبلاط لا يتوخى من خلال مبادرته الالتفاف على الدور الوسطي لرئيس الجمهورية، وبالتالي يعتبر ان مبادرته تأتي استكمالاً لدور الأخير في هذا المجال وتحت سقف «إعلان بعبدا» الذي صدر عن طاولة الحوار في اجتماعها الأخير. ورأت مصادر مواكبة لتحرك «التقدمي» ان جنبلاط يراهن على دوره الوسطي في محاولته فتح ثغرة في الأفق السياسي المأزوم تقود الى إعادة الاعتبار للحوار السياسي برعاية رئيس الجمهورية مستفيداً من نظرائه «الوسطيين»، مع ان قوى 14 آذار لا تشاركه رأيه بأن الوسطية تنطبق على الرئيسين بري وميقاتي وتتعامل معهما على أنهما من صلب قوى 8 آذار. وقالت ان المعارضة تشارك جنبلاط في تحذيره من الأفق المسدود الذي وصلت اليه البلاد، لكنها تحمّل المسؤولية لرئيسي البرلمان والحكومة، خصوصاً ان الأخير ما زال يطل بمواقف يتحدث فيها عن إنتاجية حكومته التي لم تحرك ساكناً لتدارك الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة. وفي المقابل، أوضحت مصادر في «التقدمي» ان جنبلاط ليس من الذين يهربون الى الأمام، وهو يبدي تشاؤمه بمستقبل الوضع في لبنان ما لم يتم تحريكه باتجاه البحث عن حلول، وقالت انه سيطلق صرخته اليوم من أجل التلاقي قبل فوات الأوان. وأكدت ان جنبلاط لن يغفل في مبادرته مطالبة 14 آذار بتشكيل حكومة جديدة وأنه سيلمح في حديثه عن ضرورة الخروج من الأزمة الى التفكير بصيغة لقيام حكومة جديدة على قاعدة استئناف الحوار. وأضافت ان جنبلاط يستدرك خطورة الوضع وهو لا يخفي تشاؤمه، لكنه يراهن على إطلاق المحاولة الأخيرة لإنقاذ لبنان، لأن سقوطه في الفتنة المذهبية والطائفية سيرتد سلباً على الجميع ولن يكون هناك من خاسر ورابح إذا ضاع البلد. وسيشدد جنبلاط - وفق مصادره - على خفض منسوب التوتر من الخطاب السياسي وتغليب لغة الاعتدال على ما عداها من دعوات يغلب عليها تبادل الاتهامات والتشنج المذهبي، إضافة الى ضرورة الحفاظ على المؤسسات وعلى مرجعية الدولة كأساس لحل الاختلاف. ولن يبدل جنبلاط - كما تقول مصادره - في موقفه من الأزمة الراهنة في سورية، لكنه ضد ترجمة الرهانات على مستقبلها في الداخل اللبناني لأنها ستزيد من وطأة الانقسام الحاد، أو الانخراط في الأزمة السورية لئلا نقع في ما يخطط له النظام في سورية لجهة إغراق لبنان في ارتداداتها عليه. واعتبرت ان جنبلاط سينطلق في موقفه من سلاح «حزب الله» من «اعلان بعبدا» الذي يشكل الأساس للبحث في الاستراتيجية الدفاعية للبنان باعتبار ان الدولة وحدها هي المرجعية. وقالت المصادر ان رئيس «التقدمي» ضد استخدام السلاح في الداخل أو الاستقواء به في النزاعات السياسية.