خيّم هدوء حذر على صنعاء أمس وسط انتشار أمني كثيف، فيما واصل الحوثيون استقدام تعزيزات إلى مخيماتهم المسلحة المحيطة بمداخل العاصمة، وانتشر مئات الحوثيين في منازل مجاورة لمعسكر قوات الاحتياط جنوبالمدينة، غداة اشتباكات خاضها الجيش معهم لإجبارهم على فتح الطريق الذي يربط صنعاء بمناطق جنوب اليمن. ودعا حزب المؤتمر الشعبي (حزب الرئيس السابق علي عبدالله صالح) أنصاره إلى الوقوف «على الحياد». وجاءت هذه التطورات بعد يوم على تصدي قوات الأمن لتظاهرة حاشدة للحوثيين حاولت اقتحام محيط مبنى رئاسة مجلس الوزراء وإذاعة صنعاء، ما أدى إلى سقوط عشرة محتجّين وجرح عشرات. وسادت مخاوف من تضاؤل فرص إيجاد حل سلمي للأزمة مع الحوثيين الذين يواصلون التصعيد منذ ثلاثة أسابيع، لإسقاط الحكومة وإلغاء قرار بزيادة أسعار الوقود وإشراكهم في القرار السياسي. واتهمت اللجنة الأمنية العليا جماعة الحوثيين باستهداف محطة لتوليد الكهرباء في منطقة حزيز جنوب العاصمة، ومهاجمة نقطة تفتيش تابعة لمعسكر قوات الاحتياط، والتمركز أمام معسكر السواد من الجهة الشرقية وحول نادي الفروسية، واقتحام ثلاث مدارس في المنطقة للتمترس فيها. وأكدت اللجنة في بيان رسمي أن «المسلحين الحوثيين استخدموا في الهجوم أسلحة خفيفة ومتوسطة وقذائف آر بي جي ما أسفر عن قتل شخص وجرح 15 من المواطنين وإعطاب مركبتين عسكريتين». وأشارت إلى أن «الأجهزة الأمنية والعسكرية أخرجت المسلحين من مدرستي الوحدة وعبداللطيف، بينما فرت تلك المجموعات الخارجة عن القانون ودخلت بعض المباني المطلة على خط الأربعين، شمال شرقي محطة حزيز». في غضون ذلك دان عدد من الأحزاب السياسية أحداث العنف الناجمة عن التصعيد الحوثي في صنعاء، مطالباً ب «تحكيم العقل والبحث عن مخارج سلمية للأزمة». وشددت هذه الأحزاب على حق التعبير السلمي عن المطالب، محذّرة من استخدام القوة لقمع الاحتجاجات. وهدّد حزب التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري بالانسحاب من الحكومة خلال خمسة أيام، إذا لم يتم التوصل إلى مخرج للأزمة، في حين اعتبر الحزب الاشتراكي أن «العمل السلمي يجب أن يُحمى من كل ما قد يعرّضه للأخطار أياً يكن شكلها أو لونها». ورأى حزب المؤتمر الشعبي (حزب الرئيس السابق علي صالح) أن «السبيل الوحيد والأمثل لحل أي خلاف لن يتأتى إلا من خلال الحوار وعدم التمترس بالمواقف»، داعياً أنصاره إلى «الحياد وعدم الوقوف مع طرف ضد آخر». وكان زعيم جماعة الحوثيين عبدالملك الحوثي حضّ أنصاره في آخر خطاب له، على تكثيف الاحتجاجات وتوعّد بخطوات تصعيدية «استراتيجية» إذا لم تُستجب مطالب الجماعة بإشراكها في القرار السياسي، وإسقاط الحكومة وإلغاء قرار زيادة أسعار الوقود. وفي حين يطوّق آلاف المسلحين من أنصار الحوثي صنعاء من كل الاتجاهات، تواصل الجماعة مواجهات شرسة في محافظة الجوف (شمال شرقي صنعاء) منذ أسابيع ضد قوات حكومية مدعومة بمسلحي القبائل الموالين لحزب التجمع اليمني للإصلاح (الإخوان المسلمين). وأفادت مصادر محلية وعسكرية بأن الطيران الحربي قصف أمس لليوم الرابع على التوالي «مواقع حوثية في مديريتي الزاهر والغيل في محافظة الجوف» حيث «تدور معارك منذ أسابيع للسيطرة على المحافظة». وتتصاعد المخاوف من أن تؤدي الأزمة مع الحوثيين إلى مواجهات شاملة في صنعاء ومحيطها، من شأنها إفشال عملية الانتقال السياسي وتقويض مؤسسات الدولة، والزج باليمن في دوامة صراع مذهبي وطائفي طويل.