مع عودة الدراسة عقب كل إجازة، تتخبط عقارب الساعة البيولوجية لدى الطلاب جراء تعود غالبيتهم على السهر، لكن فيما تعود عقارب الساعة إلى أماكنها عند معظمهم، يبقى بعضهم متخذاً من السهر «مفخرة» بين أنداده، ليتباهى بأنه «وصل» ليله بنهاره. يأتي ذلك في وقت حذّر فيه تربويون من تفشي هذه الظاهرة بين الطلاب من الجنسين في المراحل الثلاث، خصوصاً الثانوية، مطالبين أولياء الأمور بإلزام أبنائهم بالنوم مبكراً. وبينما يلقي طلاب رؤوسهم على «أدراجهم»، مستسلمين للنوم خلال الحصص، اعتبر تربويون أن السهر يجعل من الطالب «جسداً بلا عقل» داخل الفصل الدراسي. وتعاني معلمة الرياضيات في المرحلة الثانوية نورة التويجري من تبعات سهر بعض طالباتها، الذي تلمسه من خلال عدم تركيزهن أثناء الشرح وتثاؤبهن تقول: «الساعة البيولوجية تحتاج إلى أسبوعين على الأقل، لتعود إلى وضعها الطبيعي، لكن في الأعوام الثلاثة الأخيرة، لاحظت على بعض الطالبات أن ساعاتهن البيولوجية اعتادت على السهر، مع أنه كان من المفترض أن تحرص الأسر قبل بدء الدراسة على تهيئة أبنائها قبل وقت طويل، حتى يكون هناك انسجام في بداية العام الدراسي، وبالتالي الاستفادة من التحصيل العلمي بالشكل المطلوب». وتضيف: «يؤثر السهر في التركيز، فعند سؤال الطالبة المرهقة من السهر في نهاية الحصة عما استفادته من الدرس، تكون الإجابة لا شيء». وأوضح المرشد الطلابي في مدرسة ابن ماجة الابتدائية سعود الجمعاني، أن هناك طلاباً في المرحلة الابتدائية باتوا يعانون من اضطراب ساعات النوم، بسبب اعتيادهم على السهر حتى في أيام الدراسة، لافتاً إلى أن المسؤولية التي تقع على عاتق المعلمين مسؤولية كبيرة في تهيئة الطالب للدراسة، وتحذيرهم من السهر. ويشير طالب المرحلة الثانوية سعود المحسن إلى أن كثيراً من الطلاب باتوا يفاخرون بقدرتهم على السهر لمدة يومين متواصلين، موضحاً أن مواقع التواصل الاجتماعي ومشاهدة القنوات الفضائية ولعب «البلاي ستيشن» من أبرز ملهيات الطلاب عن النوم. وتقر الطالبة في المرحلة المتوسطة ريم الأحمد بأنها تجد صعوبة بالغة في النوم قبل منتصف الليل، وتفشل كثيراً في الاستيقاظ مبكراً، وهو ما ينتج منه عدم حصولها على ساعات نوم كافية، لافتة إلى أنها تنشغل بمشاهدة التلفزيون أو العاب الفيديو حتى وقت نومها. وتضيف: «كثير من زميلاتي برنامجهن اليومي النوم نهاراً والاستيقاظ ليلاً»، مشيرة إلى أنهن مستمتعات بهذه الطريقة في الحياة. في المقابل، ليس سهر الطلاب وحده ما يؤثر فيهم، فارتكاب المعلمين للفعل نفسه يؤثر في أدائهم، وبالتالي في المادة المقدمة للطلاب، إذ يحضر بعضهم إلى المدرسة من دون أن يحظوا بساعات نوم كافية، ما يؤثر بشكل سلبي في أدائهم اليومي. وتلفت المعلمة أم أيمن النظر إلى أن بعض زميلاتها يتشاركن مع الطالبات صعوبة التأقلم في بداية العام الدراسي الجديد «بعضهن يعانين من السهر، ولا يخلدن للنوم إلا في الساعة الثانية فجراً»، مؤكدة أهمية استشعار المسؤولية، كونهن قدوة، إلى جانب أهمية دور الأسرة في تهيئة أبنائها للمدرسة قبل أيام عدة من الدوام، من خلال منعهم من السهر كما اعتادوا في أيام العطل.