اختلال الساعة البيولوجية، نتيجة السهر ليلا والنوم نهارا في الإجازة الصيفية الطويلة من الأمور التي تؤرق الطلاب وأولياء الأمور وحتى مسؤولي إدارات التعليم في المملكة مع انطلاقة العام الدراسي الجديد، ويرى المتخصصون أنه للقضاء على هذه الظاهرة لابد من تهيئة الأبناء تهيئة نفسية وجسدية يكون للآباء فيها دور كبير يبدأ بالحديث معهم عن أهمية المدرسة وما توفره من معارف ومهارات ونشاطات إبداعية وبرامج مفيدة، ومحاولة تنظيم الساعة البيولوجية وإعادتها إلى وضعها الطبيعي في اليوم الذي يسبق اليوم الدراسي الأول. دور الآباء وقالت الدكتورة سوسن أحمد المعلمي عضو هيئة التدريس في جامعة الملك عبدالعزيز، إنه على الطلاب الانفتاح على العام الدراسي الجديد بكل حماسة ونشاط بعد أن استمتعوا بإجازة صيفية طويلة، ولكن للأسف ما يحدث العكس تماما، فنجد الكثير من الطلاب يشعرون بالاكتئاب والخمول بمجرد ذكر المدرسة، لأسباب أهمها وأبرزها عدم الرغبة في الاستيقاظ مبكرا بعد أن اعتادوا في الإجازة على سهر الليل والنوم نهارا، وللقضاء على هذه المشاعر السلبية لابد من تهيئتهم تهيئة نفسية وجسدية يكون للآباء فيها دور كبير يبدأ بالتحدث معهم عن أهمية المدرسة وما توفره من معارف ومهارات ونشاطات إبداعية وألعاب ترفيهية وبرامج مفيدة متعددة، مع الحرص على تنظيم مواعيد النوم والاستيقاظ حتى يعود الجسم لنظامه الطبيعي وتعود ساعته البيولوجية للعمل بالشكل الصحيح. مسألة وقت يرى أحمد الزغبي مدير النشاط الطلابي في جامعة الملك عبدالعزيز، أن الوقت كفيل بتنظيم البرنامج اليومي للأبناء بمجرد مرور بضعة أيام، ويضيف «معاناة أبنائنا الطلاب عند عودتهم للمدارس من كل عام تكمن في صعوبة الاستيقاظ مبكرا، وذلك لانتقالهم من مرحلة السهر التي تصاحب عادة شهر رمضان وعيد الفطر المبارك، فضلا عن الإجازة الطويلة ويساعد في ذلك وجود القنوات الفضائية التي تبث برامجها على مدى الأربع والعشرين ساعة، حتى اختلط الليل بالنهار، مما يحتاج معه وقتا لضبط الساعة البيولوجية لديهم، وقال: لا داعي للخوف والقلق فالوقت كفيل بعودتهم لوضعهم الطبيعي». مشكلة حقيقية وتصف دعاء ثابت عدم انتظام البرنامج اليومي وتنظيم النوم للأبناء مع بداية العام الدراسي والخروج من الإجازة الصيفية بالمشكلة الحقيقية التي لا يكاد يسلم منها بيت من البيوت، مبينة الكيفية التي يمكن أن يتم التعامل بها لتنظيم الساعة البيولوجية وإعادتها إلى وضعها الطبيعي في اليوم الذي يسبق اليوم الدراسي الأول، وتقول: «البعض يضطر لاستخدام «شراب الكحة» لاعتقادهم بأنه يساعد على النوم، كما يمكن استخدام أسلوب عدم النوم في ذلك اليوم إلا بعد صلاة العشاء مثلا حتى يستطيع الأبناء الاستيقاظ مبكرا في اليوم التالي». وأضافت، البديل الثالث وهو عدم الاستيقاظ لصلاة الجمعة وعدم النوم إلى المساء، ويفضل أيضا منح الأبناء بعض المحفزات، مثل اصطحابهم لمدن الملاهي أو مكافأة مالية مثلا حتى يستطيعون الذهاب في اليوم التالي، وقد أخذوا كفايتهم من النوم وفي نشاطهم وحيويتهم وبالتالي تكون هذه بداية تنظيم البرنامج اليومي، ولعل هناك الكثير من الأسر التي تستخدم هذه الطريقة أو تلك. تنظيم تدريجي وقال سعود حمزة عوض إنه بدأ قبل أسبوع من بدء الدراسة في تنفيذ برنامج تدريجي مع الأبناء وأفراد الأسرة، يعتمد على إنقاص ساعات النوم في النهار عبر شغل وقتهم بأي طريقة، ويضيف: اصطحبهم أحيانا إلى المطعم لتناول الغداء والتنزه ثم العودة للمنزل وهكذا تدريجيا بدأت الأمور تنتظم شيئا فشيئا، إلا أن برنامجا كهذا يحتاج إلى جهد من رب الأسرة وصبر وتحمل بعض الشيء، كما يحتاج إلى استقطاب في التعامل مع الأبناء. مشكلة سنوية ويرى سديري العقيلي من الرياض، أن هذه المشكلة سنوية وتتكرر مع كل إجازة مدرسية تقريبا، وليس فقط بعد عيد الفطر المبارك، لأن مفهوم الإجازة لدى المجتمع يرتبط دائما بالسهر طوال الليل والنوم حتى وقت صلاة المغرب، حيث يبدأ النشاط والحركة في الليل مما أخل بتوزان المجتمع، لذلك أصبحت هذه من الظواهر الشائعة في ثقافتنا الاجتماعية. وأضاف، كرب أسرة لا أستطيع أن أدعي أننا نختلف عن باقي الأسر.. نحن جزء من هذه المنظومة ولكن ما سيحدث أننا نتحمل حالة من عدم التوازن في اليومين أو الثلاثة الأولى وبعد ذلك ستتنظم الأمور. طاسة ضايعة ويقول الشريف خالد بن هزاع بن زيد: تبدأ الدراسة بعد إجازة سنوية طويلة وقد انقلبت الساعة البيولوجية للجميع خاصة الأبناء، هذه المشكلة يعاني منها الكبار والصغار على السواء وأصبحت نمطا حياتيا للأسرة، ويصبح الجميع أمام أمر واقع من المعاناة الذهنية لهم في ساعات الدراسة خاصة في الأسبوع الأول الذي يكاد يكون الذهن ممسوحا وخاملا لقلة النوم. وتابع الغريب والمؤسف أن كثيرا من المعلمين والمعلمات أصبحوا أسرى هذه التغيرات، وبالتالي يبدأون العام الدراسي في الأسبوع الأول، وحالهم لا يختلف عن حال الطلبة والطالبات في مختلف المراحل، يعني باختصار (الطاسة ضايعة) من قلة النوم، وبالتالي عدم التركيز من الطرفين على السواء (المعلمين والطلاب) والنتيجة ضياع أسبوع كامل وأكثر دون استفادة حقيقية من الحصص. وزاد، بعد إجازة طويلة وشهر رمضان والعيد، أننا نطوع حياتنا بالكامل لعادات سلبية اخترناها طوعا دون تقدير جاد للاستعداد وتهيئة الأبناء في مختلف مراحل الدراسة لبدء المرحلة والعام الدراسي الجديد بجدية واستعداد ذهني ونفسي، وهذا بدوره يتطلب تغييرا في ثقافة الأسرة في هذا الجانب. وختم بالقول، مشكلة عدم الاتزان الذهني في بداية الفصل الدراسي تؤرق الأسرة كثيرا من صعوبة إيقاظ الأبناء، وتستمر هذه الدوامة لفترة، حيث يسرعون إلى النوم فور عودتهم من المدرسة والاستيقاظ منتصف الليل وهكذا دواليك في حالة ارتباك للأسرة والدراسة، وما يؤسف له أن الدوام الوظيفي يشهد نفس المشكلة أيضا.