من وزارة الإعلام في مصر، خرجت أخبار بأن وزير الإعلام وافق على إنشاء قناة تلفزيونية – أرضية وليست فضائية، مخصصة لعرض المسلسلات التركية فقط . خبر تداولته صحف مصرية، ولا يوجد دخان بلا مقدمات ولا نار بلا دخان، فالمسألة بدأت بمنافسة التلفزيون المصري العام (تلفزيون الدولة) للقنوات الخاصة في عرض المسلسلات التركية، لكن معدل العرض ظل كما هو في حدود مسلسلين في اليوم على شاشات «نايل لايف» و «الدراما»، ثم تطورت الأمور في أيلول (سبتمبر) الماضي في شكل مفاجئ بمجيء وفد إعلامي تركي إلى مصر، وزيارته الوزير وتوقيع بيان عن المزيد من التعاون بين البلدين، مع ما تبع ذلك من كلام عن دبلجة المسلسلات التركية إلى اللهجة المصرية، لتطور الأمور، من دون كلام رسمي، وإنما في إطار نتائج زيارة الوفد التركي، بحديث عن إنشاء القناة المصرية الأرضية هذه. بل وحددت الإشاعات اسم رئيسها سعد عباس الذي يقود الآن شركة «صوت القاهرة» وأيضاً الوكالة الإعلانية لاتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري، والأمر الأهم في ما وراء الأخبار والإشاعات معاً هو الأزمة المالية الخانقة لاتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري التي تجعله يبحث عن موارد، خصوصاً أن الإعلانات تدفقت على القنوات الخاصة التي تعرض مسلسلات تركية قبل شهر رمضان، وبعده، وهو ما دفع اتحاد الإذاعة والتلفزيون إلى التفكير في الاستعانة بالمسلسل التركي لجلب نقود المعلن، وتمادى بعضهم في التفكير إلى درجة تصوره أنه إذا خصصت قناة بكاملها للمسلسل التركي، فقد تتدفق أموال المعلنين كالسيل على الاتحاد المتأزم. وهي فكرة غير رشيدة لأسباب عدة أولها، أن الكثير من شركات الإعلانات الكبرى في مصر أصبحت تمتلك قنوات خاصة، أو دخلت شريكاً مع مالكي قنوات أخرى، ثم إن لها شروطاً في العمل أيضاً، وفي ما يعرض ولا يعرض من خلال القناة التي يتعامل معها. أما الأمر الثالث فهو اعتقاد بعض المسؤولين في جهاز يضم ثلاث شبكات تلفزيونية (أرضية وفضائية ومختصة) وشبكة محلية، أن حل مشاكلهم يتم من طريق استيراد مسلسلات بلاد أخرى ودبلجتها وليس في ابتكار أساليب أفضل وأكثر كفاءة في العمل وتحسين أداء العاملين في قنوات التلفزيون المصري وتطوير العمل فيه وإعادة هيكلته لتخليصه من جيش لا يعمل ولا بد من إيجاد حل له. وعلى صعيد آخر، نواجه معضلة أخرى هي أن المشاهد المصري اعتاد على رؤية المسلسل التركي بدبلجة شامية، وأحب الأمر على هذا النحو، من هنا فإن تحويل الدبلجة في أعمال القناة الجديدة إلى لهجة أخرى، حتى لو كانت المصرية ذاتها، يحمل معه أخطاراً أكيدة، منها تعكير مزاج كثيرين من المشاهدين المتيمين بالمسلسل التركي في قالبه الدرامي واللغوي إذ يدخل هذا المسلسل الملايين من الناس في حال زائفة، أقرب إلى أحلام اليقظة، ويحاصرهم فيها من خلال وجود مكثف وصل إلى أعلى درجاته.