حذر الرئيس الصيني هو جينتاو خلال افتتاحه المؤتمر الثامن عشر للحزب الشيوعي أمس، من أن الفساد قد يؤدي إلى «انهيار» الحزب والدولة. لكنه أكد تمسّك «الشيوعي» بالسلطة، مشدداً على أهمية «إصلاح البنية السياسية»، وانتهاج «نموذج نموّ جديد»، وتعزيز القدرات البحرية لبلاده التي تخوض نزاعات حدودية مع دول مجاورة في جنوب شرقي آسيا. أتى ذلك في خطاب استغرق 90 دقيقة أمام 2309 مندوبين ومدعوين، خلال المؤتمر الذي يُعقد مرة كل خمس سنوات ويستمر أسبوعاً. ويشهد المؤتمر الحالي تنحّي هو جينتاو (69 سنة) من منصبه أميناً عاماً للحزب الشيوعي، لمصلحة نائبه شي جينبينغ (59 سنة)، كما يتخلله انتخاب أعضاء جدد للجنة الدائمة في المكتب السياسي، وهي أعلى هيئة في الحزب وقد يُخفض عدد أعضائها من تسعة إلى سبعة، لتسهيل اتخاذ القرارات. شي جينبينغ الذي قاتل والده إلى جانب ماو تسي تونغ، مؤسس النظام الشيوعي، يشغل منصب نائب الرئيس منذ 2008، وسيصبح عملياً رئيساً للبلاد، قبل تنصيبه رسمياً في آذار (مارس) 2013، خلال الاجتماع السنوي للمجلس الوطني الشعبي. وسيخلف لي كيكيانغ، نائب شي، رئيس الوزراء وين جياباو، فيما قد يحتفظ هو جينتاو برئاسة اللجنة العسكرية للحزب. ودخل الأخير قاعة المؤتمر في قصر الشعب، يرافقه الرئيس السابق جيانغ زيمين (86 سنة)، في مؤشر إلى أن الأخير ما زال يحتفظ بنفوذ، كما حضر قادة بارزون، سابقون وحاليون. ودافع هو جينتاو عن إرثه الذي دام عقداً، وحدد الخطوط العريضة لعهد خلفه شي جينبينغ، فيما خيّمت فضيحة بو شيلاي الذي كان مرشحاً لخلافة هو، لكنه عُزل وسيُحاكم لاتهامه بالفساد واستغلال السلطة، في قضية هزّت انتقال القيادة في بكين. وكانت وسائل إعلام أجنبية أوردت أخيراً معلومات عن ثروات طائلة لعائلات قادة صينيين، بينهم هو جينتاو وشي جينبينغ ووين جياباو. ولم يشرْ هو جينتاو صراحة إلى قضية بو شيلاي، ولكن كان واضحاً أنه يتحدث عنها، بقوله إن «محاربة الفساد وتعزيز النزاهة السياسية، قضيتان مهمتان تُقلقان الشعب، وهما التزام سياسي واضح وطويل الأمد للحزب. وإذا فشلنا في التوصل إلى معالجة صحيحة، قد يكون ذلك قاضياً بالنسبة إلى الحزب، وربما يؤدي إلى انهيار الحزب والدولة». واستدرك أن «على القادة، خصوصاً المسؤولين البارزين، ممارسة انضباط ذاتي صارم وتعزيز التهذيب والإشراف على عائلاتهم والعاملين معهم، وألا يسعوا إطلاقاً إلى أي امتياز. يجب فرض عقاب بلا رحمة، على كلّ مَن ينتهك انضباط الحزب وقوانين الدولة، أياً تكن هويته وسلطته ومناصبه. لا أحد فوق القانون». هو جينتاو الذي ذكر مسألة الفساد 16 مرة خلال خطابه، شدد على أن «إصلاح البنية السياسية جزء مهم من الإصلاحات الشاملة في الصين»، داعياً إلى «متابعة جهود نشطة وحذرة لجعل ديموقراطية الشعب أكثر شمولاً». لكنه شدد على وجوب «التمسك بقيادة الحزب»، وزاد: «علينا إطلاق العنان لقوة النظام السياسي الاشتراكي، والإفادة من الإنجازات السياسية لمجتمعات أخرى. لكننا لن ننسخ إطلاقاً نظاماً سياسياً غربياً». وذكر «الاشتراكية ذات الخصائص الصينية»، ما لا يقلّ عن 78 مرة في خطابه. ومدركاً تنامي الغضب من الفساد واتساع اضطرابات اجتماعية، وتباطؤ اقتصاد بلاده، دعا هو جينتاو إلى «نموذج نموّ جديد» يركّز على الاستهلاك أكثر من التصدير، وحدّد عام 2020 لتحقيق «مجتمع متوسط الرفاهية» والقضاء على الفقر، و «مضاعفة إجمالي الناتج الداخلي».