في البدء لا بد من التأكيد على أن شركة سابك من الشركات الوطنية التي لها مساهمة فاعلة في تغيير شكل الاقتصاد السعودي، المعتمد على النفط كمصدر وحيد للدخل الوطني، إذ أسست هذه الشركة في الصناعات البتروكيماوية والتحويلية، احتلت المملكة نسبة لا يستهان بها في هذه الصناعة في الأسواق العالمية، إضافة إلى مساهماتها المتعددة من خلال برامج المسؤولية الاجتماعية التي تقوم بها الشركة، وكذلك نسبة «السعودة» الجيدة في مصانعها وإداراتها من الشباب السعودي المؤهل. ولكن شركة سابك، هي هذا العملاق الاقتصادي الوطني، وقفت في وجه توظيف المرأة السعودية بشكل يثير التساؤلات، فهل لعقلية من يقومون عليها علاقة بذلك بسبب محافظتهم ونظرتهم لعمل المرأة السعودية في شركتهم، أنا أميل لهذا السبب، إذ قرأت قبل نحو عام تصريحاً لأحد نواب هذه الشركة، يشير فيه إلى أن توظيف المرأة السعودية في «سابك» خاضع لقرارات وزارة العمل، وتقبل المجتمع لفكرة عمل المرأة، وهذا تبرير غريب وعجيب، فالمرأة السعودية قطعت شوطاً كبيراً لا يستهان به في المشاركة التنموية في مجالات عدة، كما في شركات الاتصالات والبنوك وغيرها من القطاعات الخاصة، وفي القطاع الحكومي ومسؤولو سابك يتحدثون عن تقبل المجتمع لعمل المرأة، وكأنهم ليسوا على تواصل مع المجتمع الذين يعملون فيه، والجزئية المهمة أن مثل هذا القرار يجب ألا يكون خاضعاً لعقلية من يديرون هذه الشركة، أو تلك، فعمل المرأة السعودية أصبح ضرورة ملحة لها وللمجتمع ككل، وليس خاضعاً لأمزجة بعض المسؤولين في أي قطاع كان، فقط أحب أن أعرف كيف توصل مسؤولو سابك إلى أن المجتمع إلى الآن يرفض عمل المرأة السعودية. نعم شركة سابك، وطبيعة أنشطتها، قد تحتم الاستعانة بالعنصر الرجالي أكثر، ولكن هذا ليس عذراً لها في إغفال مسألة توظيف المرأة السعودية في بعض قطاعاتها الإدارية والخدمية، فعلى سبيل المثال نجد شركة أرامكو السعودية أعطت المرأة هذه الفرصة منذ فترة طويلة، وأثبتت المرأة السعودية نجاحاً كبيراً في المشاركة التنموية في تلك الشركة، ولم نسمع أي صوت يعارض ذلك، القضية تبدو فردية من إدارة الشركة، على رغم أن سابك توظف نساءً أجنبيات في فروعها في أوروبا وسنغافورة، وبعضهن يحضرن لمكاتب الشركة في السعودية لحضور بعض الاجتماعات والمهام التي قد تصل إلى فترة أشهر، نعم لكون شركة سابك شركة عالمية فالأنظمة الدولية تمنعها من عدم توظيف عناصر نسائية في تلك الدول، ولكن ماذا بشأن توظيف المرأة السعودية في مكاتبها وفروعها في المملكة؟ لن نطلب أن تقوم الشركة بتبني برامج ابتعاث للمرأة السعودية، كما تقوم بذلك شركة أرامكو، لأن مشروع خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي قد سبقهم لإعطاء المرأة السعودية الحق في مثل هذه الفرص، ولكن على الشركة التحرك والاستفادة من مخرجات مثل هذا البرنامج والبدء بتوظيف المرأة السعودية، وعدم التردد، كما ذكر أحد مسؤوليها، بأن التوسع في توظيف المرأة سوف يبدأ قريباً من خلال أكاديمية سابك، ومن يسمع مثل هذه التصريحات يعتقد أن المرأة موجودة في الشركة، وهذا غير صحيح، ففي مقر الشركة في الرياض لا يوجد إلا موظفة سعودية واحدة تعمل إلى جنب زملائها الرجال، ولكنها، مع الأسف، تعمل لأحد المكاتب الاستشارية التي تتعامل معها الشركة، فهذا وضع غير مقبول في الفترة الحالية، التي تعمل الدولة، ومن خلال وزارة العمل، التي تعمل على توظيف المرأة من خلال برامج «سعودة الوظائف» في جميع القطاعات، ومنها حق المرأة في الحصول على فرصتها بعيداً من الاجتهادات الشخصية لمن يقفون على إدارة هذه الشركة، وعلى وزارة العمل عدم التغاضي والتهاون مع مثل هذه الشركة لعدم إعطاء المرأة حقها في المشاركة والعمل في إحدى الشركات الوطنية الرائدة. قبل أيام صدر مؤشر الفجوة بين الجنسين لعام 2012، الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، وأظهر أن هناك خللاً بين الرجل والمرأة في بلدنا، من حيث أحقية التعليم، والرعاية الصحية، وحق العمل، لذا على القطاعات المختلفة، ومنها «سابك»، تمكين المرأة السعودية لسد هذا الخلل. [email protected] @akalalakl