في مباراة الهلال الأخيرة مع الفريق الكوري التي انتهت نتيجتها، مع الأسف، بخسارة ثقيلة للهلال أوجعت الجماهير السعودية، شاهدت تلك المباراة على شاشة القناة السعودية الرياضية، وتكرر لقطات لمشجعات كوريات مع عوائلهن، مشجعات للفريق الكوري، وكن جالسات في مكان بعيد من غالبية الجماهير الأخرى، تلك اللقطات أثارت لدي تساؤلات، ومنها لماذا المرأة السعودية ممنوعة من الحضور إلى مباريات كرة القدم، بوصفها متفرجة في ملاعبنا؟ وما السبب الذي يقف خلف مثل هذا المنع غير المبرر، خصوصاً أن بعض الفقهاء يجيزون ذلك شرعاً، وأن سبب المنع هو العادات والتقاليد، التي يوم نبه البعض لدينا بصوت عالٍ وجعل هذه المسألة من الممنوع التحدث عنها ومناقشتها والمطالبة بها؟ قد يطرح البعض أن هذه ليست من القضايا المهمة للمرأة السعودية، وأن هناك قضايا أهم وأجدر بالمناقشة مثل قضايا المرأة الاقتصادية والاجتماعية، وأعتقد بأن ذلك لا يُلغي مثل هذه المطالبة، لأن لها علاقة بحياة المرأة الاجتماعية والترفيهية مثل أي امرأة في العالم، فنحن نشاهد حضور النساء في الملاعب الرياضية في دول خليجية في أماكن مخصصة ومحددة للعوائل بعيدة من الزحام والتدافع في الدخول والخروج، فلماذا يُسمح للنساء الأجنبيات بالحضور في ملاعبنا الرياضية وتمنع المرأة السعودية من ذلك؟ هل هي الخصوصية التي يرددها البعض ويكيفها لتتفق مع رؤاه الخاصة، فالقضية ليست إجبارية على الكل، فمن رأى أنه يستمتع بمشاهدة مباراة فريقه المفضل، أو منتخب بلاده بالملعب ومع عائلته فهذا حق بسيط يجب أن يوفر له بما هو لائق، فحضور المرأة السعودية سيجعل الكل يتعامل معها بشكل طبيعي وبعيد من الدونية والنظرة المتخلفة، فهي عنصر فاعل في تنمية هذا البلد، والدولة تعمل من خلال أنظمتها لمساواتها بالرجل، وعلى رغم التعثر هنا وهناك إلا أن التوقف عند جزئية صغيرة هو ما يعمق مشكلات المرأة السعودية ويخلق مشكلات لمجتمعنا، فالمرأة موجودة في كثير من المجالات وأثبتت جدارتها، وهي تعمل في بلادها عنصراً مهماً في التنمية الشاملة. التخوف من قضايا الاختلاط كما يرى البعض لا ينطبق على مثل هذه الأماكن العامة الممتلئة بالآلاف من البشر، كما هي حال الملاعب الرياضية لدينا، والرئاسة العامة لرعاية الشباب يجب أن تهتم بالشابات أيضاً، وأن تكون هذه الوظيفة من صلب اهتماماتها، وأن تعدّ البرامج والاستراتيجيات للمرأة السعودية أيضاً ولا تقف متفرجة، كما هي حالها مع الأسف، وتجربة مشاركة المرأة السعودية في الأولمبياد الأخيرة خير مثال على عدم اهتمام الرئاسة بملف المرأة الرياضي لدينا، فمسؤولو الرئاسة كانوا صامتين أثناء مناقشة قضية المشاركة النسائية في تلك الفعالية الدولية، وكأن الأمر لا يعنيهم، وفي آخر المطاف وبعد انتهاء مشاركة بعض النساء السعوديات قاموا بالمباركة، وكأنهم جهاز لا علاقة له بالرياضة، التي هي لجميع المواطنين والمواطنات. لا أستغرب أن يأتي يوم يُسمح مثلاً فيه بقيادة المرأة الأجنبية السيارة، ويستمر منع المواطنات من هذا الحق الطبيعي، وهذه أنصاف حلول، مع الأسف، فالمجتمع متغير ومتطور بكل ما تعنيه الكلمة لأسباب كثيرة منها الاجتماعي والاقتصادي والمعلوماتي، فبقاء الوضع على ما هو عليه من المحال، فالطريقة المثلى هي أن نتغير، كما هي حال المجتمعات المشابهة لنا، التي تعمل فيها المرأة المواطنة، وتشارك في الحياة العامة بكل طاقاتها من دون التفات إلى بعض المعارضين لهذه المشاركة، ولكن مع أنظمة وقوانين تطبقها الأجهزة الرسمية بكل شفافية. [email protected] @akalalakl