قد يكون تأسيس شركة سيارات أمراً صعباً جداً مع كل ما يتطلبه من جهد وسهر لتحقيق الاستمرارية، لكن الإنجاز الحقيقي يتمثل بتأسيس شركة واصلت على مدى مئة عام مسلسل النجاح والتألق. هذا ما حققته أودي التي تحتفل بعيدها المئوي الأول. فبالنسبة لهذا الصانع الألماني، العام 2009 ليس بسنة عادية، لأنه لا يمثل فقط الاحتفال بهذا «العيد الغالي» فحسب، بل كون أودي اكتست بأجمل حلل النجاح والمجد طيلة هذه الأعوام التي بدأت في تموز (يوليو) 1909 مع شعار Vorsprung durch Technik أو «التقدم عبر التكنولوجيا»، وتمكنها من المحافظة عليه حتى يومنا هذا، وخير دليل على ذلك النتائج المميزة التي حققتها أودي في النصف الأول من العام الجاري في الأسواق العالمية متحدية ما يواجهه العالم من أزمة مالية اقتصادية. المشاريع المبتكرة وكسر حاجز الأفكار المبتذلة التقليدية، أمور أساسية بالنسبة لأودي التي نلمس في طرزها العاطفة، الخبرة والشغف في كتاب تعود أصالته الى 100 عام كاملة، بدأ على يد مؤسس الشركة أوغست هورخ عام 1909، الذي اختار ترجمة اسم عائلته «هورخ» باللاتينية ليكون علامة تجارية لشركته «أودي». أما قصة الحلقات الأربع المتقاطعة فتعود إلى عام 1932 عندما تعاضدت جهود هورخ مع كل من DKW، فانديرر، وأودي، متخذين عبارة «Vorsprung durch Technik» أو «التقدم عبر التكنولوجيا» شعاراً للشركة التي ظهرت في الإعلانات التجارية للمرة الأولى عام 1971. واليوم تحتفل أودي بعيد ميلادها المئة حاملة معها أمجادها مع عالم رياضة السيارات، إنجازاتها في الأسواق العالمية، ونجاحاتها المنقطعة النظير في مبيعاتها حول العالم. ويشار إلى أن أودي تستثمر نحو 2 بليون يورو في كل عام بهدف تطوير منتجاتها وتقنياتها، وتأمل الشركة ببلوغ عدد طرزها 42 طرازاً عام 2015. وستصل إلى أسواق الشرق الأوسط قريباً جداً كل من أودي R8 V10 وأودي A5 كابريوليه، بموازاة مزيد من الاستراتيجيات التي من شأنها دفع عجلة التقدم في شكل أكبر في أسواق المنطقة. السنوات الأولى لطالما سحرت رياضة المحركات مؤسس أودي أوغست هورخ، فعمل على إدخال سياراته في المنافسات لبناء علامة أودي في الشكل الصحيح والاستثمار في مشروع نمو اسم شركته حول العالم، فما لبث أن حقق الفوز الأول عام 1914 مع رالي سلسلة جبال الألب الذي يعتبر اختباراً قاسياً لا يرحم للسائق والسيارة أيضاً. كان هورخ على علم بأن خوضه غمار السباقات والراليات سينعكس إيجاباً على تأدية سياراته، وعلى الدفع بعجلة التطور وابتكار الأفكار التكنولوجية التي من شأنها تحقيق الفوز له في السباقات وفي سياراته المخصصة للإنتاج التجاري أيضاً. إذ تمكنت الشركة في أن تكون أول صانع ألماني يكشف النقاب عن سيارة بمقود أيسر، حيث قدمت أودي 14/50 hp Type K في عام 1921. وكان عام 1926 شاهداً على تقديم أول سيارة بمحرك مكون من 8 اسطوانات، تبلغ سعته 3.2 ليتر بقدرة 60 حصاناً، وهي هورخ 8Type التي كان لها وقع كبير في تلك الفترة من الزمن. وانتقل هورخ مع تقنيات المحركات ليدشن حقبة جديدة كلياً مع محرك وسطي في عام 1934. وتمكّن مع هذا المحرك المكون من 12 اسطوانة ومن ثم 16 اسطوانة، الذي زوّدت به سيارة السباق الأسطوريةAuto Union Grand Prix من تحقيق الفوز في 83 حدثاً رياضياً بين أعوام 1934 و1939. وسبقت أودي عصرها مرة أخرى، محققة Auto Union Type C Streamliner الرقم القياسي العالمي للسرعة في العام 1936، اذ وصلت سرعتها القصوى إلى حدود 406.6 كلم/س أي 112 متراً في الثانية الواحدة على يدي سائقها بيرند روزميري. كواترو وما بعد... في عام 1980، أطلقت أودي تقنية الدفع الرباعي الدائم «كواترو» خلال معرض جنيف الدولي، وكانت السيارة Urquattro التي عدّلت لاحقاً للمشاركة في بطولة العالم للراليات، وحققت انتصارات تسرد رواياتها حتى اليوم على أيدي نجوم الراليات على غرار الفرنسية ميشيل موتون، الألماني والتر رول، الفنلندي هانو ميكولا وستيغ بلومكفيست. وتواصلت سلسلة انتصارات أودي في سباقات عدة، منها بطولة تسلق مرتفع بايكس بيك الأميركي، بطولة السيارات السياحية الألمانية DTM، بطولة سباقات التحمل الفرنسية لومان، والكثير غيرها. وفي عام 1989، طرحت أودي في الأسواق أول محرّك يعمل بتقنية الحقن المباشر لوقود الديزل مع شاحن هواء (توربو) TDI، وعرف إقبالاً واسعاً كونه يستهلك كميات منخفضة من الوقود، ويوفر عزماً كبيراً مع انبعاثات منخفضة جداً للغازات، إذ لا تزال تقنية TDI تلقى ترحيباً منقطع النظير في هذه الأيام مع محرك 3.0 TDI النظيف، كونه يتمتع بقدرات تأدية عالية ويخضع تماماً لمتطلبات الاتحاد الأوروبي للانبعاثات الغازية الضارة EU 6 والتي لن تطبق إلا في عام 2014، لتؤكد أودي بأنها تسبق عصرها من جديد. كذلك طوّرت أودي طراز Audi duo، المزود بمحركين الأول في المقدمة ويعمل بوقود البنزين والثاني في الجهة الخلفية ويعمل بالطاقة الكهربائية المستمدة من صفائح مستقبلات الطاقة الشمسية المثبتة على سقف السيارة. كما شهد عام 1994 تقنية أخرى من أودي كانت في السابق حكراً على صناعة الطائرات، وهي استخدام الألومينيوم لبناء هياكل سياراتها في ما يُعرف بتقنية Audi Space Frame أو ASF كونه يوفر حماية أفضل للركاب، قوة أكبر للهيكل وقابلية مميزة لتشتيت أثر التصادم بعيداً من المقصورة بموازاة توفير وزن منخفض للسيارة. وفي عام 2000، كشفت أودي النقاب عن طراز A2 الذي زود بمحرك صغير يستهلك 3 ليترات من الديزل في كل 100 كلم. واستقبل العالم بإعجاب عام 2007 سيارة أودي السوبر رياضية R8 المزودة بتقنية مصابيح LED التي تضيء في وضح النهار. www.carsandspeed.com