لم تستوعب الحاجة الفلسطينية سارة مناصرة أن يُكتب لها الحج هذا العام، فبدت مسرورة بعد سماعها الخبر، وسرعان ما انطفأت فرحتها بالحج بعد أن استوعبت أن زوجها لن يصاحبها في الرحلة كونه مسجوناً داخل السجون الإسرائيلية منذ ما يقرب ال10 سنوات. سارة مناصرة قدمت من الضفة الغربية تاركة طفلتيها (بشرى) و (أشرقت) عند أقاربها وقدم معها والد زوجها الأسير عبدالله علي المكلوم (77 عاماً)، وهو أب لأربعة سجناء خرج منهم اثنان وتبقى اثنان آخران، فرغم سوء أوضاعهما الاجتماعية وظروف سجن (فراس) زوج سارة إلا أنهما لم يستطيعا تأجيل أداء الفريضة فأبقوا الأطفال عند أقاربهم لرعايتهم والاهتمام بهم. سارة مناصرة هبت مسرعة إلى زوجها تبشره بذهابها لأداء الحج وتعده بالدعاء له أن يفك الله أسره ليعود إلى أطفاله الصغار ويعول أسرته البريئة، وقالت سارة ل «الحياة»: «عندما علمت باختياري ضمن بعثة ضيوف خادم الحرمين الشريفين أنا ووالد زوجي ذهبت مسرعة إلى السجن الإسرائيلي الذي يقبع داخله زوجي مسجوناً منذ عام 2003 وأخبرته بذلك، ورأيت الفرح يتطاير من عينيه التي دمعت، فهو يتمنى أن يكون ثالثنا». ولم تستطع سارة مناصرة أن تفارق طفلتيها بتركهما في الضفة الغربية، لكنها قررت تركهما عند قريباتها والذهاب إلى الحج مجبرة على ذلك، وتؤكد سارة أن زوجها سبق له أن سجن، وتقول: «ليست هذه المرة الأولى التي يسجن فيها زوجي، لكنها تعتبر الفترة الأطول»، مضيفة: «بعد انتفاضة عام 2003 ألقت السلطات الإسرائيلية على زوجي وأودعته سجيناً بحكم 18 عاماً قضى منها حتى الآن 10 أعوام». وتتحسر الحاجة الفلسطينية على ابنتيها المحرومتين من والدهما «مكثت ابنتي (أشرقت) مع والدها ثلاثة أعوام، لكن ابنتي الصغرى (بشرى) لم تهنأ بالجلوس مع والدها طيلة عمرها سوى تلك الدقائق المعدودة التي تحددها السجون الإسرائيلية لأوقات الزيارات العائلية، فرغم عمرها الصغير إلا أنها تعرف عنابر الغرف الكئيبة وطعم القضبان الحديدية وجدران السجون الممتلئة بكتابات ذكريات الأسرى». وتسترسل سارة في روايتها «ولدت بشرى بعد سجن أبيها بأيام، وهي الآن تبلغ من العمر 10 أعوام، فهي تبات في أحضان والدها منذ ذلك الوقت، ولم تشاهده إلا من خلف القضبان». الحزن والأسى يرتسمان على محيا والد السجين فراس الحاج عبدالله علي، فهو يحمل هم أحفاده الصغار، وابنيه المأسورين داخل السجون الإسرائيلية، ويتحدث بصوت باكٍ وبعبرة الرجل المقهور المصهور بين طوب المنزل المهدوم، والوطن المحتل والابن المسجون، ويقول: «عندي أربعة أبناء سجنوا جميعاً لأكثر من مرة، وقد خرج منهم اثنان حتى الآن وتبقى اثنان آخران وعدتهما حين زيارتي لهما قبل الحج أن أدعو الله لهما في يوم عرفة بفك أسرهما واللحاق بإخوتهما الطلقاء».