قبل أيام أصبحت شركة «روسنفت» الروسية من أكبر الشركات النفطية العالمية المدرجة في البورصات لتتصدر الشركات الكبرى في قطاعها، مثل «إكسون موبيل» الأميركية و «رويال داتش شل» الهولندية - البريطانية و «بريتيش بتروليوم» (بي بي) البريطانية، وليبلغ إنتاجها ومن بعد امتلاكها حصة «بي بي» في شركة نفطية روسية - بريطانية نحو 4.5 برميل من النفط والغاز يومياً، مقارنة ب 2.3 مليون لأي من الشركات الأخرى. فبعد موافقة مجلس إدارة «بي بي»، باعت الشركة كامل حصتها في شركة نفطية روسية - بريطانية والبالغة 50 في المئة من الشركة الروسية - البريطانية بمبلغ 26 بليون دولار مقسمة بين 13 بليوناً نقداً و13 بليوناً هي عبارة عن 19 في المئة من إجمالي أسهم «روسنفت»، لتصبح «بي بي» ثاني أكبر مالك لحصة في الشركة الروسية بعد حكومة موسكو. وستحصل «بي بي» على مقعدين في مجلس إدارة «روسنفت» من أصل تسعة مقاعد. وتحاول الشركة الروسية ان تحصل على مقعد واحد في مجلس إدارة «بي بي» إلا ان مجلس الإدارة في الأخيرة لم يوافق حتى الآن. وبهذا تنهي «بي بي» مشكلاتها وتجربتها المضطربة والمريرة مع شركائها في الشركة الروسية - البريطانية «تي ان كيه»، الثالثة في قطاعها في روسيا، والتي ما زال أربعة من أكبر أثرياء روسيا يملكون حصصاً فيها. وسيحصل الأربعة على نحو 25 بليون دولار نقداً بعدما تشتري «روسنفت» حصصهم المتبقية. وببيع «بي بي» حصتها حققت أرباحاً طائلة من مشاركتها بهذه الشركة منذ شرائها الحصة عام 2003 بنحو ثمانية بلايين دولار وتقدَّر الأرباح تقريباً بنحو 19 بليون دولار موزعة على السنوات التسع الماضية. هو استثمار ممتاز ومطمئن للشركة ومالكيها. وستعمل الشركة لدفع جزء من هذه الأرباح إلى حملة الأسهم، فيما ستخصص الجزء الأكبر والمهم لفي دفع تعويضات مالية إلى الحكومة الأميركية نتيجة للكارثة البيئية في خليج المكسيك في 2010 والتي ما زالت تلاحق «بي بي» وكانت قد تؤدي إلى انهيارها واختفائها. ويُذكر ان الرئيس الحالي ل «بي بي»، روبرت دادلي، وهو أميركي الأصل كان طرد من روسيا ومنع من دخولها بعدما تدهورت العلاقات بين «بي بي» وشريكتها الروسية، هو من وقع عقد بيع حصة شركته وأصبح بذلك عضواً في مجلس إدارة أكبر شركة روسية، أصبحت تملك معظم «تي ان كيه» وكانت حاربته طوال فترة عمله في روسيا. هي نهاية سعيدة بكل المقاييس للشركة البريطانية ولمالكيها من حملة الأسهم، لكن الشركة ستظل في روسيا وستعمل فيها لكن بشراكة جديدة مع الحكومة الروسية وبموافقة الكرملين كي تساعد الشركة الروسية «روسنفت» في ان تكون من أكبر الشركات المنتجة للنفط في العالم، وقد تنافس يوماً «أرامكو السعودية» العملاقة في إنتاج النفط. ومؤكد ان من أهم أهداف «روسنفت» ان تكون روسيا من أكبر الدول في إنتاج النفط والغاز في العالم. من هذا المنطلق تأتي أهمية بقاء «بي بي» في روسيا كي تساعدها مستقبلاً بتقنياتها المتفوقة في الأماكن والحقول الوعرة، ولا جدال حول حاجة الروس إلى خبرات الشركة البريطانية في مجال التنقيب والبحث في هذا المجال. وستبقى «روسنفت» في الصدارة إذا استطاعت ان تتقدم وتتفوق على الشركات العالمية بشراكات مع شركات أجنبية، حتى ان شاركتها هذه الأخيرة في أرباحها في الأجل القريب. وسيؤدي بقاء «بي بي» في روسيا وبمساعدة الحكومة الروسية واحتفاظ الشركة البريطانية بمقعدين في مجلس إدارة «روسنفت» إلى تحسين أداء الشركة الروسية وإلى شراكة إستراتيجية بينها وبين نظيرتها البريطانية على المدى الطويل. وأهم ما في هذا الأمر ان هذه المشاركة تحققت بمتابعة دورية وموافقة من الكرملين ما يعني ثقة الحكومة الروسية وتوجهها إلى إنجاح هذه الشراكة الإستراتيجية. وستفتح الشراكة آفاقا جديدة وتحديات أكبر للصناعة النفطية، وستتبوأ الشراكة موقعاً بارزاً في مجال الطاقة من النفط والغاز. إنها صحوة للدب النفطي الروسي من سبات عميق وقد يكون لديه كثير مما قد يدهشنا! * كاتب متخصص في شؤون الطاقة - الكويت