لم يتوقع أشقاء وأبناء عمومة التونسي مختار الأموشي (50 عاماً) عندما صلوا عليه «صلاة الغائب» قبل نحو 15 عاماً، بعد أن أضرب عن الطعام أثناء اعتقاله في السجون التونسية مدة 113 يوماً حتى كاد يفارق الحياة أن يبقى على قيد الحياة، ويأتي يوم يحملّوه وصاياهم وأمانيهم في عام 2012 بأن يدعو لهم في المشاعر المقدسة أثناء تأديته مناسك الحج. في صالة مدينة الحجاج في مطار الملك عبدالعزيز الدولي في جدة، كان الأموشي يقف بجسده النحيل على محياه ابتسامة، تدل على سعادته الغامرة بقرب تحقيق حلمه الذي راوده على مدى ثلاثة عقود في أداء الركن الخامس من أركان الإسلام، بعدما تعذّر حصوله على جواز سفر تقدم بطلب للحصول عليه قبل 30 عاماً في العام 1981. وقال الأموشي ل«الحياة»: «الحمد لله أن ربي أحياني حتى زرت هذا المقام، ولم أكن أظنّ أنني سآتي يوماً لولا رحمة الله وقدرته عز وجل على قيام الثورة التونسية، حتى تمكّنا من الحصول على الحرية، كان قدري أن يصلي أهلي عليّ صلاة الغائب بعد ما قمت بإضراب عن الطعام مدة 113 يوماً، حتى وصل بي الأمر أن أعيش تحت رحمة الله ثم رحمة المغذي، حتى تخلصوا مني، وأنا ملفوف باللحاف، ولكن ربي قدّر وما شاء فعل، واستجاب لدعائي في السجن، بأن يكتب لي زيارة إلى هذه الديار للعمرة والحج». ويرى الأموشي أنه كُتب له عمر جديد بقربه من موعد أداء الركن الخامس في الإسلام، وهو الوعد الذي يسعى إلى تحقيقه أكثر من بليون مسلم يعيشون في شتى أرجاء الأرض. ويضيف الأموشي: «الآن أنا بالديار المقدسة، وسأدعو لكل الشهداء الذين ضحوا من أجل أن نحيا حياة جديدة بعد فترة قاسية قضيناها في السجون تحت نير نظام متسلط حكم البلاد 50 عاماً منذ عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة». مختار الأموشي جاء وحيداً من تونس لأداء الفريضة، ولكنه تمنى أن ترافقه زوجته وابنته الكبرى التي تركها وحيدة أثناء رضاعتها، وخرج ليجدها طالبة بالسنة الرابعة في كلية الطب. ويقول: «تمنيت أن ترافقني في رحلة الحج زوجتي وابنتي الكبرى التي تركتها رضيعة عندما أخذت إلى السجن، ولكن الله قدّر وما شاء فعل، وإن شاء الله ربي سيكتب لنا العودة إلى أداء الحج مرة أخرى، ولكني إن شاء الله لن أنساهم من الدعاء لهم ولوالدي ولكلَّ من أوصاني بأن أدعو له».