مصر.. القبض على «هاكر» اخترق مؤسسات وباع بياناتها !    «موديز» ترفع تصنيف السعودية إلى «Aa3» مع نظرة مستقبلية مستقرة    ترامب يرشح سكوت بيسنت لمنصب وزير الخزانة    حائل: دراسة مشاريع سياحية نوعية بمليار ريال    بريطانيا: نتنياهو سيواجه الاعتقال إذا دخل المملكة المتحدة    الاتحاد يتصدر ممتاز الطائرة .. والأهلي وصيفاً    "بتكوين" تصل إلى مستويات قياسية وتقترب من 100 ألف دولار    الأمر بالمعروف في عسير تفعِّل المصلى المتنقل بالواجهة البحرية    (هاتريك) هاري كين يقود بايرن ميونخ للفوز على أوجسبورج    النسخة ال 15 من جوائز "مينا إيفي" تحتفي بأبطال فعالية التسويق    القادسية يتغلّب على النصر بثنائية في دوري روشن للمحترفين    الأهلي يتغلّب على الفيحاء بهدف في دوري روشن للمحترفين    نيمار: فكرت بالاعتزال بعد إصابتي في الرباط الصليبي    وزير الصناعة والثروة المعدنية في لقاء بهيئة الصحفيين السعوديين بمكة    مدرب فيرونا يطالب لاعبيه ببذل قصارى جهدهم للفوز على إنترميلان    القبض على (4) مخالفين في عسير لتهريبهم (80) كجم "قات"    وفد طلابي من جامعة الملك خالد يزور جمعية الأمل للإعاقة السمعية    قبضة الخليج تبحث عن زعامة القارة الآسيوية    أمير المنطقة الشرقية يرعى الأحد ملتقى الممارسات الوقفية 2024    بمشاركة 25 دولة و 500 حرفي.. افتتاح الأسبوع السعودي الدولي للحِرف اليدوية بالرياض غدا    بحضور وزير الثقافة.. «روائع الأوركسترا السعودية» تتألق في طوكيو    أوكرانيا تطلب أنظمة حديثة للدفاع الجوي    مدرب الفيحاء يشتكي من حكم مباراة الأهلي    رحلة ألف عام: متحف عالم التمور يعيد إحياء تاريخ النخيل في التراث العربي    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    أمانة الشرقية تقيم ملتقى تعزيز الامتثال والشراكة بين القطاع الحكومي والخاص    «طرد مشبوه» يثير الفزع في أحد أكبر مطارات بريطانيا    فيتنامي أسلم «عن بُعد» وأصبح ضيفاً على المليك لأداء العمرة    شقيقة صالح كامل.. زوجة الوزير يماني في ذمة الله    هل يعاقب الكونغرس الأمريكي «الجنائية الدولية»؟    «الأرصاد»: أمطار غزيرة على منطقة مكة    الرعاية الصحية السعودية.. بُعد إنساني يتخطى الحدود    فريق صناع التميز التطوعي ٢٠٣٠ يشارك في جناح جمعية التوعية بأضرار المخدرات    "الجمارك" في منفذ الحديثة تحبط 5 محاولات لتهريب أكثر من 313 ألف حبة "كبتاجون    الملافظ سعد والسعادة كرم    "فيصل الخيرية" تدعم الوعي المالي للأطفال    الرياض تختتم ورشتي عمل الترجمة الأدبية    رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «براغ»    «السقوط المفاجئ»    حقن التنحيف ضارة أم نافعة.. الجواب لدى الأطباء؟    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    ترمب المنتصر الكبير    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    فعل لا رد فعل    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انطلقت أمس بمكة المكرمة بعنوان السلامة في الحج .. الأبعاد التربوية وسلامة المرأة والطريق والبيئة في ندوة الحج الكبرى
نشر في البلاد يوم 22 - 11 - 2009

تناقش ندوة الحج الكبرى التي انطلقت أمس في مكة المكرمة بعنوان السلامة في الحج عدة بحوث لعلماء من مختلف أنحاء العالم الإسلامي، هذه البحوث الأبعاد التربوية في سلامة الحاج وسلامة المرأة والنفس والمال والطريق والمحافظة على بيئة الحج وتعزيز فتوى جواز توسعة المسعى والحشود في الحج وتعاون الحجاج وتعظيم الشعائر والحج تراحم لا تزاحم وسلامة الأفراد والجماعات وفيما يلي ملخص البحوث المقدمة:
الأبعاد التربوية في سلامة الحاج
الهدف من هذه الورقة التالي:
1- أن تتعرف الأخت الحاجة الكريمة على الأساليب التي تؤدي إلى سلامتها الروحية، والنفسية، من استشعار الأماكن المقدسة، وذكرا لأدعية والتحصينات الشرعية الآلهية المطلوبة في كل زمان ومكان في هذه المشاعر العظيمة.
2- أن تتعرف الأخت الحاجة الكريمة على الوسائل المادية من التعليمات المقروءة والمسموعة التي تساعد على المحافظة على سلامتها الجسمية والصحية.
الجوهرة بوبشيت
ملخص بحث الدكتورمنيرالثليلي تونس
بعنوان:
سلامة الطريق في الحج
رغم الكثافة البشرية التي تصل الى مليوني ونصف المليون حاج في هذه المنطقة المحدودة، وفي هذا الزمن المحدد، ورغم المجهودات الجبارة التي تقوم بها سلطة الاشراف في المملكة العربية السعودية من تطوير لخدمات المشعر الحرام، وسعيا منها الى خدمة الحجاج الميامين، وتوفير الراحة لهم، تبقى سلامة الطريق من اهم عوامل نجاح موسم الحج او فشله.
لذا اهتمت المملكة ببنيتها التحتية، فبنت الطرق والانفاق والجسور، وربطت بينها، تيسيرا لحركة السير بها، ولتفادي تقاطع طرق المركبات والمشاة، وقد شكلت هذه الشرايين الحيوية انسيابية في حركة المرور، فاستغلها الحجاج، مشاة وراكبين، متفادين بذلك مشاكل عديدة، يمكن ان تحرم الحاج حقه في ان يعود الى اهله سالما غانما.
إن هذه المداخلة تساهم في توعية الحاج بمعنى الطريق، وبضرورة المحافظة على سلامته في الطريق، ولا يكون ذلك إلا بمراعاة آداب الطريق، ومعرفة ما له من حقوق وما عليه من واجبات، وتدخل ايضا في اطار البحث عن الاحكام الشرعية الكفيلة بضمان سلامته وهو في الطريق، ينتقل من مشعر لآخر.
فما هو الطريق وما هي قيمته في ظل الحضارة العربية الاسلامية؟ وما هي آدابه؟ وما هي الاحكام المتعلقة به؟
1 مفهوم الطريق:
الطريق في اللغة: السبيل، واصطلاحا: يطلق على الممر النافذ وغير النافذ، والواسع والضيق، والعام والخاص، ومهما يكن نوع الطريق فهو ما يسلكه الناس.
وللطريق في المجتمعات المتحضرة مكانة هامة، من ذلك ان الحضارة العربية الاسلامية أولت عناية خاصة بانشاء الطرق داخل المدن وخارجها، ولا غرو في ذلك فإن احكام الشريعة استوعبت شتى جوانب الحياة وشؤونها، فلم تدع مجالا في السلوك العام أو السلوك الخاص إلا جاءت فيه بأمر السداد والرشاد. وان مما يظهر فيه شمول هذا الدين وجلاء حكمه واحكامه، ما أوضحه الكتاب والسنة من آداب الطريق، قال تعالى: "وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما" (الفرقان: الآية 63). وفي السنة الصحيحة من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إياكم والجلوس في الطرقات، قالوا: يا رسول الله ما لنا بد من مجالسنا نتحدث فيها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإذا أبيتم إلا المجلس فاعطوا الطريق حقه، قالوا: وما حقه؟ قال: غض البصر، وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) (أخرجه مسلم). إن نصوص الشريعة قد اهتمت ببيان هذه الحقوق والواجبات والآداب.
2 آداب الطريق:
إن كف الأذى عن الطريق من أبرز الآداب التي حض عليها الاسلام، والأذى كلمة جامعة لكل ما يؤذي المسلم من قول وعمل. وإذا كان الثواب العظيم لمن يكف الأذى، فكيف تكون العقوبة لمن تعمد ايذاء الناس في طرقاتهم ومجالسهم؟.
ومن الآداب اجتناب المنازعة بغير حق، ولزوم السكينة واستعمال الرفق خصوصا في الطرقات والأماكن التي يكثر فيها الزحام والتدافع، كالطواف ورمي الجمار والنفرة من عرفة، فالحاج حريص على راحة اخوانه الحجيج. ومن الآداب افشاء السلام، ابتداء وردا، فهو خلق اسلامي رفيع يغرس المحبة ويزرع الالفة ويمحو الاحقاد، ويطلب به رضاء الله وغفرانه.
ومن آداب الطريق أن تهدي التائه والضال من الحجاج، بعبارة ملؤها الأدب، أو بإشارة كلها لطف ورقة، من غير فظاظة ولا ملل. وكذلك الجلوس في مضايق الطرق، وملتقى الأبواب، ومواطن الزحام. وان كنت تحمل شيئا، فاحذر ان تصيب احدا بأذى، وكن بشوشا متبسما في وجه اخيك، ومعينا صاحب المتاع على رفعه ووضعه. ومن حق الطريق على الحاج ايضا، فض النزاعات، واصلاح ذات البين، وحفظ اللقطة، واعانته على رد الحقوق الى اصحابها.
3 أحكام الطريق:
يعتبر الطريق من المرافق العامة التي يحق لجميع الحجاج الانتفاع به، بشرط ان لا ينشأ عن استعماله ضرر بالغير باتفاق الفقهاء، فالمرور فيه من المنافع الاصلية، لأنه وضع لذلك، فيباح للمارين الانتفاع بما وضع له، وهو المرور بلا خلاف. وكذلك يباح للجميع الانتفاع بغير المرور مما لا يضر المارة، كالجلوس في الطريق الواسعة لانتظار رفيق أو سؤال، فإن ضر المارة أو ضيق عليهم لم يجز لخبر: (لا ضرر ولا ضرار).
كما أوجب الشرع التحلي بالرشد والرصانة والمسؤولية والمحافظة على حياة مستعملي الطريق، فلا يصيب المستعمل نفسه ولا غيره بأذى، ولا يعرضها للخطر، تنفيذا لقوله تعالى: "وانفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة واحسنوا ان الله يحب المحسنين" (البقرة: الآية 195)، فقد أكد الاسلام على حرمة النفس البشرية، فحرم القتل، واعتبر ان حماية الذات البشرية من الواجبات الشرعية. ولذلك فإن من واجب الحجاج مزيد اليقظة والابتعاد عن التهور، واحترام قواعد وقوانين المرور، والوعي بخطورة عدم احترامها، لأن الاهمال والافراط في السرعة، والانشغال بغير الطريق، والانفعال من أهم ما يكون سببا في الحوادث، وحرمان الحجاج نعمة الأمن والسلام، في مكان يفترض فيه انه مكان السلم والأمن والأمان.
وقد نهى الاسلام ايضا عن قلع الاشجار واتلاف خيرات الطبيعة، دون حصول آية منفعة لمستعملي الطريق، كما ان الشرع الحكيم حرم تلويث البيئة والمحيط الذي لا غنى عنه لضمان سلامة الحجاج.
الخاتمة:
إن من لم يعط الطريق حقه، وتبع هوى نفسه، فقد خسر الدنيا والآخرة، لذا كان من واجب الحاج التزام الآداب التي شرعها الإسلام، وذلك بصون اللسان وغض البصر وحفظ الاعراض ومساعدة المحتاج وإرشاد الضال وإصلاح ذات البين وصون الأموال.
باسمه سبحانه
خلاصة البحث
المقدم من محمد عبيدالله الأسعدي الهند
الموضوع: سلامة المرأة في الحج وسائل ومقاصد
إن جميع احكام الشريعة المتعلقة بالعباد تنوط بحفظ مصالح مهمة للإنسان وهي النفس والمال والعرض والدين والعقل والنسل وهذا ما نجد مراعاته في جميع ما كلف به المرء حتى العبادات التي هي تعد أركان الاسلام وما يعرف به اسلام المرء وايمانه ففيها ايضا ما طولب بأدائها إلا بمراعاة الاشياء المذكورة وحفظها.
وبناء على ذلك فأحكام الحج ايضا وردت مراعية لذلك والدليل على ذلك اشتراط الأمن للسفر والرحيل وعدة من جملة استطاعة السبيل.
ولما كان الشرع يراعي احوال الانسان وحاجاته عموما وخصوصا ولذا فجعل للمرأة خصوصا في الاحكام نظرا الى فطرتها وبناء على طبيعتها وبنيتها ولذا ما كلفها بالجماعة والجمعة ونحوها ورخص لها في الصوم ما لم يرخص لغيره وكل ذلك مبني على ما ذكر من قصد السلامة وأمر الصيانة للإنسان وبنيته وحاجته.
ولذا فلها في الحج ايضا خصوص ومراعاة بصدد اداء اعمال الحج ومناسكه فقد جعل لها من الشرائط الاساسية وزاد في اعتبار شرط الأمن لها وجود من يحفظها ويحميها عن كل ما يتسبب لها لضرر ما دينا أو دنيا، محرما كان أو زوجا أو من يقوم مقامهما عند من جوز وتوسع في ذلك حتى لا يجب عليها الحج ولا يجوز أدائه لها بدون ذلك.
ومن خصوص الاحكام لها في الحج من باب السلامة والصيانة انها أمرت بالطواف متنحية عن الرجال ومتبعدة عنهم حتى يستحب لها الطواف ليلا وجاز لها ترك طواف القدوم وطواف الوداع لأجل الحيض.
وجاز لها ترك المبيت بالمزدلفة واستعجال الرحيل من المزدلفة قبل طلوع الفجر وبدون نسك الوقوف بالمزدلفة الذي وقته بعد طلوع الفجر وقبل طلوع الشمس.
وجاز لها تعجيل الرمي بيوم النحر في اول أوقاته من الصباح حتى اجاز جماعة ذلك ليلا قبل طلوع الفجر ايضا.
وكذا جاز لها التأخير الى الليل وما بعد الغروب في جميع ايام الرمي مع ان هذا التأخير مكروه.
وأرى ان الشرع بالنسبة الى اللباس والحجاب ايضا جعل لها خصوصا ونظر فيه ذلك ولذا فخصوص احرامها في لبس المخيط الساتر لجميع بدنها وفي كشف الوجه عن النقاب مع انها امرت في هذه الحال ايضا بمراعاة الحجاب.
وكل ذلك وسائل لتحصيل مقاصد وضعت للامتثال بالشرع واداء هذه العبادة العظمى.
هذا ما عني والله ولي التوفيق.
المحافظة على بيئة الحج
الدكتور عبدالرحيم أحمد محمد الزقة
عميد المعهد العالي للدراسات الإسلامية
جامعة آل البيت
ملخص البحث
يتناول هذا البحث المحافظة على بيئة الحاج وما يحيط به، أو بمعنى أدق سلوك الحاج في الاماكن التي يحل بها الايام المباركة التي اقسم الله بها في كتابه العزيز "والفجر وليال عشر".
هذه الاماكن المقدسة التي تقام فيها شعائر الله لاداء فريضة الحج، في الحرمين الشريفين، ومنى، وعرفات، والمزدلفة، وأماكن الرجم، والنحر، والسعي والطواف، وكل الاماكن المقدسة التي يمر بها الحاج في الديار المقدسة، فهذه الاماكن هي البيئة الطبيعية للحاج في هذا الموسم المبارك، خلقها الله، وما فيها من هواء، وتربة، وماء، وحيوانات، وكل ما فيها، ليقوم الانسان فيها بأداء العبادة لله. فكيف يتعامل مع هذه البيئة التي سخرها الله له، وجعله مستخلفا فيها. وسخر له كل ما فيها في الارض والسماء لخدمته قال تعالى: (ألم تروا ان الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض واسبغ عليكم نعمة ظاهرة وباطنة) (لقمان 20) فعلى الحاج ان يحافظ على نظافة هذه الاماكن المحيطة به وعدم تلويثها فلا يخربها بالقاذورات والاوساخ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من لوث الطريق أو المكان الذي يجلس فيه الناس، فقد جاء في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم: عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (اتقوا المعانين، قالوا: وما اللعانان يا رسول الله، قال: الذي يتخلى في طريق الناس او في ظلهم). وكذلك نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تلويث المياه بالبول فيها فقد جاء في صحيح مسلم عن جابر بن عبدالله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه "نهى ان يبال في الماء الراكد".
فالبول في الطرقات والتغوط مصدران كبيران من مصادر العدوى التي تنتقل بواسطتهما الميكروبات بما تحملانه من جراثيم، تضر ببيئة المسلم في هذه الاماكن المقدسة، وفي كل بيئة من بقاع الأرض، فيجب على كل حاج ان يحافظ على نظافة هذه الاماكن، وعدم القاء القاذورات التي تضر بسلامة الحجاج، وتسبب في انتشار الامراض الفتاكة، فالعبادة ليست مقصورة على اداء النسك الروحية الدينية من صلاة وصوم وحج، بل هي التزام تام بمبادئ الاسلام وتعاليمه في كل مجالات الحياة ونشاطاتها البشرية.
إن الحاج يجب ان يكون حريصا على البيئة بالحفاظ على نفسه وعلى الآخرين لصيانة وحماية البيئة التي يحيا بها في هذه الأيام المباركة لحماية الحجاج الذين وفدوا الى بيت الله الحرام، يحافظ على صحتهم كما يحافظ على صحته، ويكون مصدر خير لهم متعاونا معينا لكل المحتاجين "ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عليه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة". وهذا هو شأن المسلم في الحج وفي غير موسم الحج يحافظ على بيئته التي يحيا فيها، ويميط الأذى عن الطريق حتى لا يتأذى الحجاج والمسلمون الذين يمرون في هذه الأماكن، فإزاحة الأذى يكسب بها أجرا قال صلى الله عليه وسلم "وتميط الأذى عن الطريق صدقة".
ومن تعاليم الاسلام في المحافظة على البيئة: عدم التبذير في استهلاك موارد البيئة الطبيعية من مياه، ومأكولات كما جاء في قوله تعالى: "وكلوا واشربوا ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين" (الأعراف 31)، وكان صلى الله عليه وسلم يحذر من الاسراف في الماء اثناء الوضوء وقال: "سيكون في هذه الامة قوم يعتدون في الطهور والدعاء".
وحث رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرفق بالبهائم والحيوانات، والدواب في جميع الاماكن التي يحل بها المسلم، فإذا ذبح الحاج ذبيحته بيده فعليه ان يحد آلة الذبح لكي لا يؤذي ذبيحته، فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال: ان الله كتب الاحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتهم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته فليرح ذبيحته".
فالاسلام دين النظافة اعتنى بصحة المسلم وقوته لتبقى الاجسام سليمة صحيحة قادرة على طاعة الله، أمر بطهارة البدن في الغسل التام من القاذورات وأمر بالوضوء قبل الاكل بوبعده، وأمر بالوقاية من الامراض وانتشارها، والمحافظة على نظافة الطرقات.
فعلى الحجاج ان يساهموا في اتباع تعاليم الاسلام، الصحية التي تحفظ سلامة الحاج، في هذه الايام التي انتشرت فيها الامراض الخبيثة، وخاصة (انفلونزا الخنازير) التي اصبحت حديث الصغار والكبار ومنعت كثيرا من الناس من القدوم لأداء فريضة الحج هذا العام، فالمحافظة على النظافة هي المحافظة على بيئة الحاج، وهي من صنع الإنسان.
بسم الله الرحمن الرحيم
ملخص للبحث المقدم لندوة الحج الكبرى عن
"سلامة الأبدان فى الإسلام"
بقلم أ.د. محمد المختار محمد المهدى
الحمدلله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد.
ففى غمار الأنوار المتلألئة فى سماء المشاعر والشعائر، وفى لحظات السمو عن الدنايا والصغائر، وفى تجليات الضراعة والإنابة والإقبال على ساحة ذى الجلال والإكرام، والألسن تلهج بذكر الله.
فى هذا الجو الروحانى العبق ينبغى أن يكون المؤمن مثلاً ونموذجاً لما يطلبه الإسلام منه ليحقق معنى الشعار الذى ترتفع به الحناجر لتلبية أمر الله..
ومما أمر به الإسلام أن نأخذ تشريعاته المؤدية إلى قوة الروح والبدن: همةً وعزيمة، وصحةً وعافيةً، من حيث إن ما كلفنا به ربنا يقتضى بذل الجهد والطاقة، ولا يستطيع ذلك إلا من كان قوياً فتياً، وجلداً صبوراً، ولن يكون كذلك إلا إذا اتبع إرشادات من خلقه وسواه فعدله، فى الحفاظ على هذا الجسد الذى جعله الله أمانة عنده، ليحقق به مقتضيات الخلافة فى الأرض من تعميرها فى إطار العبودية لله، كما جعله نعمة يجب شكرها حتى يديمها، ومن ثم كان من أهم الواجبات على كل مسلم أن يعنى بصحته، وأن يتعاهد بدنه، بما من شأنه أن يحفظ له حيويته ونشاطه وقدرته على القيام بواجباته، ويقتضى ذلك أن يكون أكله وشربه دون إسراف، وأن يتخير الحلال الطيب، ويتجنب الحرام الدنس، فما حرم الله على الإنسان إلا ما يضره، وما أباح له إلا ما ينفعه، وأن يلبس ما يستر هذا البدن: يوارى به سوءته، ويحافظ به على كرامته ومظهره، وأن يأوى إلى سكن يقيه من القيظ والبرد، ويحميه من الأذى.
وإذا كان هذا ديدن المسلم فى كل حياته فهو فى أدائه لمناسك الحج ألزم وأهم، ذلك أنه يلتقى فى هذا الموسم بإخوانه من شتى بقاع الأرض، وكله شوق لرؤية الإسلام متمثلاً فى الواقع العملى، وبخاصة فى البقاع التى شهدت انطلاق هذا النور، وعايشت مسيرة الدعوة على يد رسول الله وصحبه الأبرار.
ومما يجب على الحاج الحرص عليه أن يتبع:
1- الإرشادات الطبية والأمنية التى تكفلت بها المملكة العربية السعودية وفقها الله للمزيد من أعمال الخير والبر وجزاهاً خيراً على ما تقدمه لحجاج بيت الله الحرام.
2- نظام التغذية الصحيح المستقى من توجيهات الإسلام، فى عدم الإسراف فى الطعام والشراب، وتخير الأطعمة والأشربة المفيدة، وبخاصة ما كان يحبه المصطفى صلى الله عليه وسلم، من العسل والتمر واللبن وزيت الزيتون وماء زمزم ونبيذ التمر.
3- الوقاية من الأمراض فلا يختلط مريض بالأصحاء، فالعدوى سبب من الأسباب المؤدية للمرض، ولكنها لا تؤثر إلا بأمر الله، وعدم إلقاء الفضلات فى الطرقات مما يتيح للميكروبات أن تتكاثر وتنتقل.
4- التداوى بما يتيسر لمن يفاجئه المرض كالحمى التى تطفأ بالماء البارد، واستخدام الأدوات المنصوح بها من الأطباء كالمطهرات للجروح، والمهدئات للصداع إلى أن يمثل المريض أمام الأطباء فى المراكز الصحية التى وفرتها المملكة فى كل مكان جزاها الله خيراً.
5- الالتزام بنصائح رسول الله صلى الله عليه وسلم فى سلوكياته الطيبة الواقية من الأضرار، مثل عدم التنفس فى الماء، وتغطية الإناء والسقاء، والشرب على ثلاث دفعات، وشرب الماء النقى، وإعطاء الجسد حقه من الراحة، وغسل اليدين قبل الطعام وبعده.
6- تجنب الزحام، والتخلق بخلق الصبر والحلم عند النفرة من عرفات، وعند استلام الحجر، وعند رمى الجمرات، فقد كان النبى صلى الله عليه وسلم يوصى بالسكينة إذا هاج الناس عند النفرة، وفى ذلك وقاية من العدوى والإضرار بالآخرين.
7- نظافة الجسد والثوب والمكان مما طلبه الإسلام فى الصلاة حتى نتعود عليها فى حياتنا، وقد شرع للحاج أن يتطهر قبل أداء الشعائر بالوضوء، كما ندب له الغسل عند الإحرام، وعند دخول مكة، وفى يوم الجمعة، واستعمال السواك، والمضمضة، والاستنشاق، وغسل البراجم، والاستنجاء، كلها من سنن الفطرة.
8- دوام التفاؤل بمغفرة الله ورحمته وقبول الحج يؤثر نفسياً على الحاج، وينعكس على صحته البدنية، واستحضار أسرار الشعائر يهدهد من السعار والحرص والجشع، مما يؤدى إلى راحة البال وتجنب الأمراض العصبية والنفسية والضغط والسكر والاكتئاب وغيرها.
وفى البحث مزيد من التفصيل والتوثيق، وبالله التوفيق.
أ.د. محمد المختار محمد المهدى
الملخص
بسم الله الرحمن الرحيم
بقلم/أ.د. أبولبابة الطاهر صالح حسين
رئيس جامعة الزيتونة سابقا
والأستاذ بجامعة الإمارات العربية المتحدة
إن المقاصد الشرعية التي حدّدها الشارعُ لتوفير سلامة المرأة في الحجّ، ولكلّ فروض التعبد، هي تحقيقُ العبوديّة الخالصة لله الواحد المتفرّد بالعبوديّة، وتمكينُ المسلمة من أداء فروضها بسهولة ويُسر، والحفاظُ عليها وعلى عرضها وطمأنينتها النفسيّة، وسلامتها البدنيّة. واحترامُها بالحفاظ على حيائها وعفّتها وتصوُّنِهَا وقيمتها الإنسانيّة، باعتبارها ثروةً بشريّة عاليةَ القيمة، فهي أمّ تصنع الأجيال، وربّةُ أسرة تديرها بوجه يحقّق التوازن والنموّ، وتنشر فيها الدفءَ والطمأنينة.
وقد وضع لها من الوسائل ما يحقّق هذه الغاياتِ النبيلةَ فشرع لها من الأحكام ما يكفُلُ لها الأمن والسلامة مراعيًا رقّتها وأنوثتها، وما يعتريها من تغيّرات فسيولوجيّة أثناء أدائها لفروضها وعباداتها ومناسكها.
فالمرأة وإن كانت شقيقةَ الرجل، ومطالبةً بأداء ما يُطلب من الرجل أداؤه، إلا أنّ الشرع العزيز ميّز المرأةَ لخصوصيّاتها، بأحكامٍ تضمن لها الأمنَ والراحة والطمأنينة، فأوجب مَحْرَمًا يحميها ويحفظها ويُيَسِّرُ مهامها في رحلة الحجّ، واشترط فيه شروطًا تكفل قدرته على أداء هذه المهمّة الشريفة.
كما سنّ من التشريعات ما يُمكّن الحائضَ والنفساءَ من الاغتسالِ والإحرام من الميقات بدون انتظار الطهر، وأداء كلّ المناسك غير الطواف. وتخفيفًا عنها عند الضرورة أسقط عنها طواف القدوم، وطواف الوداع. أمّا طواف الإفاضة وهو الركن الذي لا يتمُّ التحلّلُ التامُّ إلا به، فعند الضرورة القصوى، وإذا ما تعذّر على المرأة الانتظارُ إلى الطهر لأدائه، لما في ذلك من إضرارٍ مادّيٍّ ومعنويٍّ بها، ولما فيه من مخاطر على بدنها وعرضها ومالها، فإنّ الشارع رغم مكانة هذا الركن أباح للمرأة المجبرة المضطرّة أن تغتسل وتستثفر وتطوف لتتحلّل وتلحق بوطنها عزيزةً مكرّمة.
وراعى الإسلام فطرةَ المرأة وحرص على صحّتها النفسيّة والبدنيّة وأعطى اعتبارًا كبيرًا لرقّتها وأنوثتها وحيائها فسمح لها بالإحرام في الملابس التي تروقها وتريحُها على ألا تصف ولا تشف، وليس فيها تشبّهٌ بالرجال أو تقليدٌ للكفّار. وأباح لها التعطّرَ قبل عقد نيّة الإحرام، ولبس الذهب والاختضاب بالحنّاء، على ألا تُظهر شيئًا من ذلك للرجال الأغراب.
وسمح لها بالتعجيل بالدفع من مزدلفة إلى مِنَى وبالرمي قبل طلوع الفجر، وإذا عجزت عن رمي الجمار فلها أن توكل من يرمي عنها.. وحفاظًا على جمالها وتساوقًا مع فطرتها في حبّ الزينة أباح لها التحلّل بالتقصير قيد أنملة من شعرها، ولم يُجزْ لها حلقَ شعرها. والشرع وإن لم يُجِزْ لها التعبّدَ بتلاوة القرآن حال حيضها إلا أنّه أباح لها قراءتَه للحاجة والمصلحة. وتحقيقًا لمصلحتها وحفاظًا على سعادتها، أباح الشرع العزيز لزوجها أن يراجعها وهي مُحرمة في طلاق رجعيّ.
إنّها تشريعاتٌ تنضح يُسرًا وتيسيرًا ورفعًا لكلّ حرجٍ تحقيقًا لمقاصد الشريعة في توفير أسباب السلامة والأمن للمرأة عند أدائها فريضةَ الحجّ، الفريضة التي تتطلّبُ بذل جهدٍ بدنيٍّ وماليّ ونفسيّ، بدايةً من مغادرة الأوطان وفراق الأهل، وتغيّر أنماط الحياة التي ألفتها في أحضان بيتها، وسرعة نسق أداء المناسك وتتابعها وارتباطها بمواقيت ومواعيد لا تقبل الانتظار أوالتغيير، وما يتطلّبه كلُّ ذلك من اليقظة والعزيمة وصفاء النفس، وانتهاءً برحلة العودة إلى الوطن في سفرةٍ جديدة رغم ما وفّره العصر الحديث لها من أسباب الراحة تبقى " قطعةً من العذاب " كما أخبر بذلك الصادق الأمينُ صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلّم.
تعزيز فتوى جواز توسعة المسعى باستخدام العلوم والتقنيات الحديثة
أ.د. عمر سراج ابو رزيزة
كلية الهندسة - جامعة الملك عبدالعزيز بجدة
ملخص الدراسة
المقدمة: الحمد لله ولي المتقين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وبعد،
فدراستي هذه، ذات موضوع مهم طالما شغلنا به قبل تنفيذه لما نعانيه من عنت يلحق الساعين، وشُغلنا به عند الإقدام عليه لما دار حوله من نقاش وطُرح حوله من أفكار، ونُشغل بما يمكن أن يُوَصّلنا إليه هذا المشروع، والأمد الذي بعده نجد أنفسنا في حاجة إلى طرح الموضوع من جديد. وجديد هذه الدراسة يتمثل في تناولها للموضوع من وجهة علمية هندسية ومساحية وجيولوجية، ليدلي العلم التطبيقي بدلوه في بلورة فكر مهم حول قضية شغلت وتشغل العلماء والمفكرين والعامة في وطننا وخارجه.
تهدف الدراسة إلى: الإفادة من العلوم الحديثة، علوم الهندسة والمساحة والأرض و النظم الجغرافية والمكانية لتتبع امتدادات جبلي الصفا والمروة ما أمكن، وتحديد حدود وأضلاع المسعى عند آخر نقاط امتداد جبلي الصفا والمروة، وحساب المساحة المنحصرة بين هذه الأضلاع، وإسقاط مبنى التوسعة الجديد على الشكل الذي يبين حدود وأضلاع المسعى حتى يتبين موقعه بالنسبة لحدوده الشرعية.
ومنهج الدراسة تتبع موثق للمسعى منذ العصر النبوي وحتى يومنا هذا من خلال الخرائط والصور القديمة والحديثة لمنطقة المسعى وتحديد أبعاد وموقع امتداد الجبلين، والرفع المساحي للمنطقة من قبل خبراء مزودين بأحدث الآلات المساحية ، واستغلال المنكشفات و الحفر العميقة التي حفرت في منطقتي الصفا والمروة وما بينهما لبناء قواعد المئذنة والقباب العملاقة وأنفاق الخدمات والأقبية، والقيام بدراسة جيولوجية لما تكشَّف أثناء العمل في المشروع من جبال الصفا والمروة وقعيقعان وأبي قبيس، وتوظيف ذلك على الوجه المحقق لأهداف الدراسة، وتصويره فوتوغرافيا من قبل محترفين، وتحليل تلك الصور وتوظيفها في تتبع امتدادات جبلي الصفا والمروة واستخدام النمذجة الرياضية والإحصائية لتقدير أعداد الساعين، وتوزيعهم على أيام الذروة وإيجاد الحلول لتقليل حدة ذرا الزحام.
أهم نتائج الدراسة: بينت الدراسة بوضوح وجلاء أصول أجزاء كبيرة من جبلي الصفا والمروة وسفوحهما وامتدادات كل منهما الشرقية والغربية، كما أظهرت تداخل جبل المروة مع جبل قعيقعان من جهة الشمال وامتداداته الجنوبية نحو مسيل وادي إبراهيم، وتداخل الصفا مع جبل أبي قبيس من جهة جنوبه الغربي. كما بينت المنكشفات الناتجة عن الحفر القائم في منطقة المسعى وجبليه سمك الطبقات الرسوبية لأجزاء من جبلي الصفا و المروة وامتداداتها.
بينت الدراسة أن عرض المسعى من الجهة الجنوبية (الصفا) 141، 72م، وأن عرضه من الجهة الشمالية (المروة) 328، 00م، و طول الحد الشرقي من جهة القصور الملكية 550، 47م، ومن الجهة الغربية من ناحية باب الفتح 461، 70م، أي أن المساحة الكلية المحصورة بين هذه التحديدات 99380، 03م2. بينما كان عرض المسعى قبل التوسعة 20م وطوله 394، 5م وتكون مساحته 7890م2. أي أن مساحة المسعى قبل التوسعة الأخيرة تشكل 8% من مساحة المسعى الكلية. وبهذا يقع مبنى المسعى الجديد بعد التوسعة بكامله ضمن الحدود الشرعية للمسعى.
واختتمت الدراسة بتوصيات من أهمها:
* أن هناك حاجة إلى نقلة نوعية في التفكير، بحيث نتحول من التفكير التقليدي إلى التفكير الإبداعي في تناول شؤون الحج والعمرة وتسخير العلوم الحديثة في حل مشاكلها بطريقة ديناميكية، لارتباطهما ببعض الثوابت الخمس مؤثرة فيها ومتأثرة بها.
* لا بد أن نأخذ في اعتبارنا أن الزيادة في أعداد الحجاج والمعتمرين مستقبلا حقيقة مسلمة، وأن وضع أي تنظيم وسن أي تشريع سيحد أو يبطئ من تنامي أعداد الحجاج والمعتمرين لكنه لن يوقفه وشتان بين الأمرين.
* ضرورة التروي في إصدار الآراء حتى لا نجد أنفسنا أمام ساعين يرفضون الانتفاع بثمار مشروع تكلف ما تكلف من مال وجهد نتيجة سماعهم لرأي فيه تحفظ على ما أُنجز، أو على الأقل يخرج ساع من سعيه متشككا فيه أو يتكلف دم فدية كان في غنى عنه.
* ضرورة الرفع المساحي لمشاريع المشاعر المقدسة مفصلة باستخدام أحدث علوم المساحة والنظم الجغرافية والمكانية من قبل محترفين على درجة عالية من العلم والخبرة، وكذلك تصوير أي منطقة فبل هدمها وأثناء الهدم والحفر والإنشاء في جميع مراحله من قبل محترفين أيضا حتى يكون تحت أيدينا مراجع وثائقية نحتاجها في الأعمال المستقبلية، لأن التوسعة في المشاعر لن تتوقف - في حساباتي- حتى يرث الله الأرض من عليها، فلكم تمنيت أن يكون تحت أيدينا رفع مساحي دقيق وصور لجبلي الصفا والمروة بأيدي محترفين قبل الهدم وأثناءه وفي جميع مراحله، إذن لكفينا عناء تحديد الجبل بالتقريب والبحث عن شهود وإعمال الحدس والتخمين، ولاتضح لأصحاب الفضيلة كبار علمائنا ومشايخنا أمورا كبيرة، وربما لم لم يفت أحدا بعدم الجواز لو كان عرضا الجبلين موثقين صورة ومساحة.
* إن بناء قاعدة معلومات، للمشاعر المقدسة أهم توصية يجب اعتبارها، لأهمية ذلك عند القيام بالبحوث بدلا من الفرضيات التي غالبا ما تصاحبها أخطاء تنعكس سلبا على دقة وقيم تكاليف المشاريع.
* ضرورة الانتفاع بمعطيات العلوم ذات الصلة، وتبني المناهج العلمية الحديثة كالنمذجة الرياضية الإحصائية لفرض الفروض، واختبار كل منها لتوضيح وتبيان الإيجابيات والسلبيات لكل معطى ومقترح، فلتطرح كل الآراء حول ما هو مناسب لحل المشكلة على مائدة البحث، وما يثبت قدرته على التعامل مع المشكلة بصورة أجدى متكاملا مع الرؤية الشرعية يكون محل الاختيار، فهذه إحدى سمات العصر، فالعلوم يخدم بعضها بعضا. ودستورنا الكريم يوصينا بالتشاور وسؤال أهل الذكر.
بسم الله الرحمان الرحيم
د. محمد المعلمي (تطوان/ المغرب)
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته:
ملخص مشاركتي في ندوة الحج الكبرى حول موضوع " الحشود في الحج".
تنهض الدراسة على العناصر الآتية:
توطئة أشرت فيها إلى أهمية معالجة موضوع " الحشود في الحج" على كافة
الصعد.
مفهوم الحشد لغة: تتبعت فيه معاني كلمة " الحشد" التي وجدتها تدور في فلك ثلاثة محاور هي: التعاون – التأهب والاجتماع لأمر واحد – إكرام الضيف
وإلطافه.
الحشود في الحج حيث نظرت إليها من زوايا:
التجليات انطلاقا من آيات القرآن الكريم والأحاديث الشريفة.
الدلالات التي عنت لي في عدة مظاهر فردية وجماعية.
تدبير أمور الحشود: الذي تبدى لي في مستويين: أحدهما شرعي، وثانيهما أمني.
زاد الحشود في ضيافة الغفور الودود: اعتمدت فيه دررا لعلماء وأئمة أجلاء، حيث توقفت مليا عند ثلاثة نصوص: أولها لأبي طالب المكي وثانيها لابن قيم الجوزية وثالثها لابن الحاج المغربي.
إشراقة شعرية مغربية تصف حشود الحج: حيث أوردت رطبا جنية من قصيدة "عرفات" للشاعر المغربي الراحل محمد الحلوي صور فيها أجواء الطهر التي عاشها في ضيافة الرحمان، حيث تسمو النفوس إلى أسمى المقامات.
مقترحات للتغلب على ما يلاحظ من صعوبات.
خاتمة خلصت فيها إلى ما يتعين على حجاج بيت الله الحرام النهوض به، بعد أداء الفريضة، في أسرهم ومجتمعاتهم، ليؤكدوا صدقية حجهم المبرور.
هوامش البحث وإحالاته.
المصادر والمراجع المعتمدة.
وتقبلوا صادق دعائي لكم بكل خير، والسلام
د. محمد المعلمي (تطوان/ المغرب)
بسم الله الرّحمن الرّحيم
ملخص البحث للدكتور/ طه بوسريح جامعة الزيتونة
"سلامة الأبدان من تكريم الإنسان"
يسم الله الرحمن الرّحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، محمّد بن
عبد الله، وعلى آله، وأصحابه الطيبين.
لقد قسمت مداخلتي إلى ثلاثة مباحث أساسية هي كما يلي:
المبحث الأوّل: بعنوان: تكريم الإسلام للإنسان.
وفي هذا المبحث بيّنت، قيمة الإنسان في المنظور الإسلامي باعتباره الكائن المحوري في هذا الوجود.
- القيمة الأساسية التي وهبها الله تعالى لهذا المخلوق الممميّز عن سائر المخلوقات.
- معنى تكريم الإنسان في القرآن الكريم، وحقيقته التي تتبيّن من خلال اجتماع جملة من العناصر في ذلك الكيان، فإضافة إلى تخصيصه بالعقل مناط التكليف، ووسيلة التمييز، فإنّ التصوّر الإسلامي، ينظر إليه ويخاطبه باعتباره كلاّ لايتجزّأ.
– أي: مخلوقا يتكوّن من جزأين أساسيين هما:الرّوح والجسد.فالنّظرة الإسلاميّة تجاهه نظرة شمولية، ومن ثمّ يكون الاهتمام ببدنه مثل الاعتناء بروحه على حدّ سواء.
المبحث الثّاني:عناية الأحكام بالحفاظ على الأبدان:
- ووقع التطرّق فيه إلى أهميّة العناية بالجسد في النصوص التأسيسيّة الأولى لهذه الشريعة السمحة، أعني:ما ورد من آيات وأحاديث تصرّح أو تلوّح بضرورة المحافظة على الجسد، باعتباره عنصرا أساسيّا لاستمرار الحياة البشريّة، وبقاء النسل الإنساني في هذا الوجود.
- سوق جملة من الأدلّة الشرعية، مع نقل كلام بعض المحقّقين من علماء أصول الفقه،
في شرح ذلك، وإبرازهم للمقاصد الشرعية، من وراء الحفاظ على الأبدان، وربط بعضهم
بين النصوص، والواقع المعاصر..
- مظاهر ذلك الاعتناء في العبادات بمختلف أنواعها، كما وقع التركيز في ذلك على جملة من الأحكام التي لها علاقة مباشرة بمناسك الحجّ.
- التنبيه على أنّ من بين مظاهر التيسير حين القيام بهذه العبادة، بل أثناء أدائها لمن لم
يتمكّن من إتمامها، أو تعذّر عليه القيام ببعض واجباتها وجلب طائفة من النصوص التي
يتجلّى سعي الشريعة لمراعاة الضعفة، وتجنيب المسلم الوقوع في الحرج، فضلا عن الوصول إلى المضرّة.
المبحث الثالث: في الالتزام بالآداب حفظ للأبدان:
- بينت أهميّة الأدب الرفيع، وقيمة السلوك الحضاري في المساعدة على حسن تأدية الفريضة، ونجاحها، وبالتالي جعلها أرجى للقبول.
- التعريف بجملة من الأعمال التي يحسن بالحاجّ أن يقف عليها، ويستوعبها، والتي في
في تطبيقها، تحقيق لسلامته من الأمراض، وتجنب لحوق الضرر بغيره، حتّى يتحقّق مقصد التعارف الذي هو من جملة مقاصد الحجّ.
- التنبيه على جملة من المخالفات التي يقع فيها الحاجّ، إمّابسبب قلّة المعرفة، أوقلّة الوعي، أواعتقاد أنّها من جملة المناسك، والتي تضرّ بالأبدان كعدم الالتزام بالنّظام العامّ
والمساهمة في تلويث المحيط، وأماكن المناسك وغيرها، بما من شأنه أن يعكّر صفو العبادة
كما، يزيد من انتشار الأذى وبعض الأسقام.
- عرض نماذج من هديه، وجملة من آثار الصحابة، التي تذكّرالمسلم بحسن التعامل
مع غيره من المسلمين أثناء أداء المناسك، حتّى يتّخذها المسلم قدوة ويسير على نهجها.
*وفي الختام:ذكرت جملة المصادر والمراجع المعتمدة في المحاضرة.
و في الأخير تقبّلوا فائق الأحترام والسلام /د.طه بوسريح.
ملخص بحث:د.جمال شريف
سلامة النفس في الحج
المحافظة على النفس البشرية من المقاصد الضرورية في الشريعة الإسلامية، ولسلامة هذه النفس ورفع المشقة عنها يسر الله الدين وأحكامه، قال تعالى: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) "سورة الحج الآية78" وقال أيضا: (يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) "سورة البقرة الآية 185".
هذا وقد جعل الله تعالى في البيت الحرام آيات واضحة ودلالات ظاهرة، منها سلامة الداخلين فيه وأمنهم التام بحيث لا يتعرض لأذاهم فيه أحد، قال تعالى: (فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا) "سورة آل عمران الآية97 " وقد روعي أمن البيت وسلامة قاصديه منذ الجاهلية حين كان الرجل يلقى من له عليه ثأر فلا يعرض له، إذ جعل الله في قلوب الناس حرمة بيته وقدسيته ومراعاة سلامة كل من دخله، ولهذا كان الحرم مكانا للسلامة والأمن حتى في الجاهلية، قال تعالى (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ) "سورة العنكبوت الآية 67" وقد أقر الإِسلام حرمة هذا البيت على وجه لا يضيع حقاً، وزاد في تكريمه وتشريفه.
ولسلامة الحاج ربط الله الحج بالاستطاعة، فقال: (وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) "سورة آل عمران الآية97" ويدخل في هذه الاستطاعة أمران هما:
1- سلامة البدن
2- سلامة الطريق
ولسلامة طريق الحج والعمرة حرّم الله تعالى التعرض بالأذى لكل من قصد بيته الحرام، فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلآئِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا) "سورة المائدة الآية2"
أما سلامة البدن فيدخل فيها حفظ النفس من الاعتداء والأمراض والأوبئة وما ينجم عن الزحام في المناسك، وتفصيل ذلك كالآتي:
أولا: حفظ أنفس الحجاج من الاعتداء وأسباب الاعتداء، وتفصيل ذلك كالآتي:
1- سلامة النفس عند الإحصار بالعدو
2- إزالة ما يهدد سلامة الحجاج.
3- النهي عن أسباب القتال كالفسوق والجدال، وإذا منع الله الجدال فمن باب أولى أن تُمنع التظاهرات السياسية وإثارة الفتن الطائفية والقضايا الخلافية.
ثانيا: سلامة النفس بتجنب الأوبئة والأمراض المعدية، وتفصيل ذلك كالآتي:
1- العذر عن الحج بسبب المرض الذي يهدد سلامة النفس عند القيام بهذه العبادة البدنية.
2- سلامة الأنفس عند انتشار الأوبئة كأنفلونزا الخنازير وأنفلونزا الطيور ونحوها.
3- الوقاية من الأوبئة والأمراض الشائعة في بعض البقاع، كالحمى الشوكية ومرض الكبد الوبائي والإيبولا والدفتريا وغيرها.
4- نهي الحاج المريض بمرض معد عن التحايل للذهاب إلى الحج بتزوير الأوراق الصحية ونحوها.
ثالثا: سلامة الأنفس عند الزحام:
تنجم - عن تزاحم الحجاج في بعض المناسك - بعض المخاطر التي تهدد سلامة أنفس الحجاج، منها الآتي:
1- حماس بعض الحجاج الزائد عند رمي الجمرات
2- دفع بعض الحجاج أقوياء البنية للآخرين، الأمر الذي يفضي إلى سقوطهم وتهديد سلامتهم.
3- تماسك الأعداد الكبيرة عند المناسك.
4- اختلاف نسيج الحجاج من حيث الألسن والخلفيات الثقافية والنفسية والفكرية والاجتماعية مما يعيق عملية التوعية.
وقد بذلت جهود مقدرة في معالجة هذه المشكلات، ومن ذلك الآتي:
1- العمل على توسعة الأماكن المقدسة
2- نظام التفويج عند المشاعر
3- توعية الحجاج بالأدلة الميسرة وإرشادهم لذلك
إلا أن هذه التوعية قد ووجهت ببعض العقبات كما أثبتت الدراسات، ومن هذه العقبات الآتي:
1- ضيق زمن الحج لاستيعاب هذه التوعية وانشغال الحاج بالعبادة
2- اختلاف اللغات والألسن
وقد أوصت تلك الدراسات بأنه من الضرورة بمكان توعية الحجاج في بلدانهم قبل قدومهم إلى الأراضي المقدسة
بسم الله الرحمن الرحيم
ملخص بحث
"تعاون الحجاج أفرادا وجماعات في تحقيق سلامة الحج"
إعداد أ.د طه مصطفى أبو كريشة
1- بيان المقصود من سلامة الحج:
سلامة الحج تعني أمرين متلازمين هما السلامة المادية، والسلامة المعنوية، والسلامة المادية تعني سلامة البشر، وسلامة المكان، وسلامة الأداء- أما السلامة المعنوية فإنها تعني تحقيق الغاية الدينية من أداء الفريضة، بحيث تكون مقبولة من أصحابها، وبحيث يكونون مأجورين علها غير مأزورين. ولكل من هذين الأمرين وسائل تؤدي إليها، وهي وسائل يلتقي بعضها مع بعض في الزمان المكان، من خلال البشر على اختلاف مستوياتهم ومسئولياتهم، إذا تحقق التعاون فيما بينهم على النحو المنشود الذي يدعو إليه الدين، انطلاقا من الأمر الإلهي في قوله تعالى وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، واتقوا الله إن الله شديد العقاب، المائدة2.
2- التعاون المنشود بين الأفراد والجماعات قبل الشروع في أداء الفريضة:
إن التعاون المطلوب بين الأفراد والجماعات قبل الشروع الفعلي في أداء الفريضة يكون من خلال التواصي المتبادل الذي يتم من خلال الالتزام بإعداد النفقة الحلال التي تعد أول ضابط إيجابي يؤهل لسلامة الفريضة وقبولها عند الله عز وجل ويصحب ذلك توفير الوعي العلمي والثقافي بكل ما يتعلق بأداء المناسك، وبكل ما يتعلق بالسلوك الإنساني الرشيد الذي يجب أن يلتزم به كل من يؤدي الفريضة حتى يسلم له حجه، ويثبت له أجره، ويتم هذا التثقيف من خلال الجمعيات التي تتولى شئون الأفراد الذين يحجون عن طريقها، وهذا أمر بالغ الأهمية، ولن يؤتي ثماره إلا من خلال التعاون الوثيق الجاد بين جميع الأفراد. وإلى جانب هذه التوعية التثقيفية التي تخص المعلومات الدينية والإرشادات السلوكية، فإن هناك جانباً تثقيفياً آخر يجب أن يكون كل فرد على دراية ومعرفة به حتى يسلم في ذاته جسداً، وحتى يسلم له المكان الذي يؤدي فيه كل مناسك الحج، إضافة إلى سلامة مكانه الذي يعيش فيه قبل وبعد أداء هذه المناسك، إن هذا الجانب التثقيفي هو الذي يخص التوعية الصحية التي تشمل الإجراءات الوقائية من تطعيمات وتحصينات، كما تشمل التوجيهات التي تحض على ضرورة توفير النظافة المكانية حيثما وجد الحجاج، وضرورة الالتزام بالتعليمات التي تصدرها الجهات المختصة في هذا الشأن.
3- التعاون المنشود بين الأفراد والجماعات أثناء تأدية الفريضة:
إن التعاون المطلوب عند البدء والشروع في أداء الفريضة مروراً بكل المناسك إلى حين الفراغ منها هو بمثابة التطبيق العملي لكل ما يدعو إليه الإسلام من سلوكيات إيمانية ومن علاقات إنسانية، فقد أقبل الناس من كل فج عميق على اختلاف جنسياتهم وأوطانهم ولغاتهم وألوانهم وطبقاتهم ومراتبهم، وهم مع ذلك تجمعوا في مكان واحد، وفي زمن واحد، وتحت ظروف وأجواء نفسية واحدة، وهذا أمر من شأنه أن يفرض على الجميع تعاوناً إيجابياً وثيقاً، يتغلب على كل مظاهر الاختلاف ويجعل منهم في النهاية أصحاب وطن واحد، وجنسية واحدة، ولغة واحدة، وطبقة ومرتبة واحدة، ولن يكون ذلك إلا من خلال التعاون الإنساني الذي يوجب تعليم الجاهل، وإرشاد السائل، وإعانة الضعيف، وإغاثة الملهوف وغض البصر، وإماطة الأذى، ولزوم الجماعة، ومنع التدافع، وتغليب الإيثار على الأثرة، والمصلحة العامة على المصلحة الخاصة، والبعد عن كل مظاهر الرفث والفسوق والجدال المؤدي إلى الخصام والشجار هذا مع التزام الجميع بالتوقيتات التي تخص أداء كل منسك من المناسك، وبالتزام مداومة الذكر لله عز وجل في كل الأوقات دون الانشغال بما يلهي من أمور تكون من خلال القيل والقال.
4- التعاون المنشود بين الأفراد والجماعات بعد أداء الفريضة:-
إن التعاون الذي كان بين الحجاج أفرادا أو جماعات قبل ومع أداء الفريضة هو تعاون يجب أن تمتد ثماره إلى ما بعد أداء الفريضة، وذلك حين يعود كل واحد إلى وطنه في القول والفعل والتعاون هنا يأتي من خلال التواصي المتبادل لتحقيق غاية القدوة الحسنة الطيبة، ذلك لأن ما كان من ضوابط إيمانية أدت إلى سلامة الحج مادياً ومعنوياً إنما كان بمثابة تجديد ذاكرة الأمة جميعها لتكون على مثال هذه الصورة التي كانت عند البيت الحرام. ونقل هذه الصورة إلى غير من عايشها أمانة في عنق من عايشها فرداً كان أو جماعة، وكل مؤمن مأمور أن يؤدي الأمانة إلى أهلها. ٍ
سلامة الأموال(ملخص بحث)
بروفيسور/ محمد الحسن بريمة إبراهيم
المال، من حيث هو موارد طبيعية، ومن حيث هو سلع وخدمات انتاجية بما عملته يد الإنسان في تلك الموارد، أو من حيث هو وسيلة تداول نقدية، هو المؤثر الأهم في الحياة المعاصرة للبشرية. هو المفسّر الأول للصراعات بين الدول، السياسية منها والعسكرية، وهو المفسّر الأول للعولمة في مدّها وجزرها، وهو المفسّر الأول للاستقرار وللاضطراب الاجتماعي في الدول، وهو المفسّر الأول لحركة الحياة اليومية لإنسان هذا الزمان، وهو الذي تَسمَت باسمه الحضارة المهيمنة على حياة البشر منذ قرون، الرأسمالية. ولا غرو في ذلك، فبجانب كونه أساس المعاش الذي تقوم عليه حياة الناس فهو كذلك ثاني أثنين جعلهما الله تعالى مادة للابتلاء والفتنة التي قدر الله أن تكون مغزى لحياة الناس في هذه الأرض: (إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً)(الكهف:7). وقد بين الله تعالى أن هذه الزينة تقوم على أصلين جامعين هما المال والبنون: (المال والبنون زينة الحياة الدنيا)(الكهف)، وبين أنها أصول الفتن في آيات كثيرة منها قوله تعالى: (إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) (التغابن:15، )، (أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لا يَشْعُرُونَ)(56).
ينظر الإسلام إلى "المال" باعتباره أحد الأصول الضرورية السبعة، بجانب "النفس" و"العلم" و"البنون" و"الإيمان بالله" و"الهوى" و"المتاع الدنيوي"، التي تنتج الظاهرة الاجتماعية ويتأسس عليها الاجتماع الإنساني عموما، وأحد الأصول الضرورية الخمسة، بجانب "الإيمان بالله" و"النفس" و"العلم" و"البنون"، التي يتأسس عليها الاجتماع الإسلامي، أو مجتمع التوحيد خصوصا. لذلك اعتبرت سلامته(حفظه) من جانب الوجود ومن جانب العدم من كليات مقاصد الشريعة الإسلامية. والحفظ من جانب الوجود يعني الإيجاد ثم التنمية المؤدية إلى الزيادة، أو المانعة للنقصان، بينما الحفظ من جانب العدم يعني سلامته من كل مفسدة واقعة أو متوقعة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.