«التفاوض ليس جريمة إن كان سيؤدي إلى إنقاذ البلد والعسكريين الاسرى، لا سيما ان عشائر البقاع تحذر من موجة غضب تطاول النازحين السوريين اذا استمر المسلحون في تهديدهم وذبحوا المزيد من الجنود». وأجمع أهالي العسكريين الأربعة (علي قاسم العلي، محمد معروف حمية، عباس مدلج، علي الحاج حسن) الذين خطفوا السبت في 2 آب (أغسطس) الماضي من ثكنة اللواء الثامن (الكتيبة 83) في محلة الحصن في جرود عرسال على هذا الحلّ الموحّد الذي يحتاج إلى قرار جريء من قبل الحكومة، بحسب قولهم، خلال اعتصامهم أمس أمام السراي الكبيرة في قلب بيروت بالتزامن مع انعقاد جلسة مجلس الوزراء. فالوقت بات داهماً والساعات المقبلة تشكّل محطّة حاسمة مع إعلان التنظيمات الارهابية تمديد مهلة التصفية لعسكري جديد. لم يعد عند أهالي العسكريين المحتجزين صبر وصورة الجندي الشهيد علي السيد ماثلة في أفكارهم وضمائرهم، ووقفوا أمام السراي وقالوا للحكومة الملتئمة لبحث هذا الملف الأمني الحساس، مهددين باقتحامها: «أعذر من أنذر» وطالبوا بقرار جريء للإفراج عن العسكريين وإلاّ فالبقاع ذاهب لفتنة كبيرة. تحاول سمر زوجة علي العلي (24 سنة) الاتّصال به يومياً، يرنّ الهاتف... إذاً هناك حرارة ولكن لا أحد يجيب. تتحدث أمه أم محمد (من الخريبة) بكلام مبطّن عن خلفيات المعركة الحقيقية، في نظرها، والمشاركين فيها من السوريين في المخيّمات في عرسال وآخرين. تطالب أم محمد «الشيخ مصطفى الحجيري بإعادة كل العسكريين وليس ابنها فقط». وشكرت «الشيخ مصطفى الحجيري على جهوده في الجرود ليطمئننا عن أبنائنا ولكن ليكمل عمله»، محذرة من أنها «ستكشف الكثير بشأن التواطؤ على الجيش في حال لم يخرج المسؤولون بحل». يروي شقيقه باسم أنه عندما «اتّصل علي بزوجته سمر من أحد هواتف الجنود عندما كانوا لا يزالون في الثكنة وكانت الساعة الخامسة والثلث عصراً قال إن حوالى 5000 مسلّح يطوّقوننا، يا أخي ابني بحمايتك... ويا أمي سامحيني. وانقطع الاتّصال، وبعد حوالى 10 دقائق تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي صور للجنود الأربعة مكبلي الأيدي، واحدة أمام ملالة للجيش وأخرى بدا الجنود في مغارة وأخرى لأخي وحده». يتخوّف باسم من أن «يكون علي قد قُتل فعلاً بعدما كان أعلن موقع لواء أحرار السنة ذلك لأننا لم نره في أي شريط فيديو أو صورة بعد تلك الصور». ويقول: «بعد خطفه اتّصل بنا أشخاص وطلبوا فدية ولكننا لم نأخذهم على محمل الجد وسرعان ما انكشف موقع لواء أحرار السنة على حقيقته». أما وداد والدة العسكري علي الحاج حسن (23 سنة) التي بُحّ صوتها من كثرة الكلام والبكاء فأسفت «لأن المسؤولين لا يأبهون بأولاد المؤسسة العسكرية الذين يدفعون الثمن. وهم جالسون وبالهم مطمئن على أولادهم في الخارج. فليحسب النائب وليد جنبلاط ان رقبة ابنه مهدّدة مكان ابني علي». وقالت: «فليحملنا (رئيس الحكومة) تمام سلام المسؤولية وسنريه كيف سنفكّ أسر أبنائنا. لدينا زعران كثر في البقاع». وتتساءل لماذا يظهر ابنها دائماً وحده في الصور وشريط الفيديو؟ وتقول: هل هو التالي بعد السيد؟ وإذا مست شعرة من ابني سأريهم ما لم يروه سابقاً. كلام وداد رددته شملة والدة محمد حمية (من طاريا): «لينسحبوا من هذا الملف ويفسحوا لنا الطريق على رغم أن أبناءنا هم أبناؤهم ولكن يبدو أن لا سلام ولا (رئيس المجلس النيابي نبيه) بري يستطيعان فعل شيء فليتنحيا أشرف». واعتبرت أن «جبهة النصرة تطمئننا على أولادنا أكثر من المسؤولين». وقالت: «كله أخلاق مصطفى الحجيري، ولكن بدأ معروفه فليكمله لأن عشائر بيت حمية وعشائر آل الحجيري وعرسال لديهم مصالح مشتركة لا نريد أن ندير الامور طائفياً. هم يعملون في سهلنا ونحن نعمل في سهلهم». وإذ اعتبر والده معروف أن «الحكومة كفّت أيدي الجيش وسلّمت عناصره للمسلّحين»، تحدّث بعض المعتصمين في ما بينهم عن «إتمام صفقة ما مقابل إشعال الوضع في عرسال». ويسأل والد عباس مدلج: «ماذا تعمل الحكومة تحت الطاولة؟ فلتضع معلوماتها فوق الطاولة، بعد 27 يوماً على اختطافهم نشرت «جبهة النصرة» فيديو للجنود ولكن الدولة ماذا فعلت؟ هناك مليون أحمد جمعة بيننا، لا تقف القضية عند الموقوفين الاسلاميين في سجن رومية». وفيما انتقد الأهالي فريقي «8 آذار» و «14 آذار» على مواقفهما تجاه الملف، تقول زينب نون والدة عباس: «يكذب من يقول لم نفاوض في قضية راهبات معلولا أو مخطوفي أعزاز»، مؤكدة أنه «لو ابني ينتمي إلى حزب الله لما دخل المؤسسة العسكرية». وكان إجماع على أن «العسكريين المخطوفين لا ينتمون إلى أي حزب وليحل المسلّحون مشكلتهم مع حزب الله شخصياً». وبقي أمل طلال طالب والد الدركي محمد طالب معلقاً على مساعي «قطر والمدير العام للأمن العام عباس ابراهيم البعيدة من الأضواء علّها تتوصل إلى بريق نور تتمكن من تسجيل خطوات متقدّمة». وكانت كلمة باسم الأهالي تلاها والد علي الحاج حسن وقال فيها: «بعد ان استنفدنا الوسائل والسبل السلمية كافة، وبعد ان لمسنا تسويفاً ومماطلة وعدم جدية من قبل الحكومة، وبعد التهديدات المستمرة من الخاطفين وذبحهم احد ابنائنا الشهيد البطل علي السيد، وما تلا ذلك من وعيد بذبح آخرين نرفع الصوت ونبلغ الحكومة والمسؤولين «تحذيرنا الأخير» والذي لا عودة عنه، ان اية قطرة دم ستراق ستشعل فتنة مذهبية لن يتمكن احد من لجمها وإخمادها وستأتي نيرانها على السلم الاهلي الذي يتغنون به في خطاباتهم السياسية»، محملين: «اهالي عرسال المسؤولية عن كل ما يتعرض له اولادنا العسكريين من جيش ودرك، وعلى رأسهم رئيس بلدية عرسال علي الحجيري ومصطفى الحجيري». وأطلق الأهالي الذين واصلوا اعتصامهم حتى العصر وبينما «لم يكلّف أحد من الوزارء نفسه الخروج والتحدث إلينا» نداء لقائد الجيش العماد جان قهوجي طالبين اعتقال جميع الوزراء ومبادلتهم بالجنود المخطوفين. وأعطوا مهلة «24 ساعة للخروج بحل وإلا فهم لا يتحملون مسؤولية أي شيء يحدث».