انعقد ملتقى الطاقة العربي - الألماني الثالث على مدى يومين في برلين، في حضور عدد كبير من رجال الأعمال الألمان والعرب، وممثلين عن شركات ومؤسسات الطاقة في ألمانيا والدول العربية وعن وزارات الاقتصاد والصناعة والطاقة. ونظّمت غرفة التجارة والصناعة العربية - الألمانية للعام الثالث على التوالي الملتقى بالتعاون مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية والاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة للبلاد العربية والمنظمة الألمانية للتعاون الدولي. وركزت الجلسات التسع للملتقى على آخر التطورات العلمية والتقنية الألمانية ووظائف آلات الطاقات البديلة وأجهزتها، والمنافع والقدرات والآفاق المستقبلية الكامنة في هذا القطاع الواعد. وتطرق الملتقى أيضاً إلى الطاقات التقليدية من نفط وغاز، والتعاون في مجال الوقود الأحفوري، والجهود المبذولة لتطوير هذه الطاقات لتصبح أقل تلويثاً للمناخ وضرراً لصحّة الإنسان والحيوان والنبات. وركّز الملتقى على الأهمية المتزايدة للاقتصاد في استهلاك الطاقة واستخدامها بفاعلية، استناداً إلى خطط وبرامج ذكية تطبّق بعد وضع دراسات ميدانية حول فترات الحاجة القصوى لها وفترات التراجع في الطلب، والإنارة العامة في المدن والبلدات. وتحدث مشاركون عن ضرورة استخدام تكنولوجيات متنوعة للطاقة، تبعاً للحاجات المختلفة. وعرض وكيل وزارة الاقتصاد الألمانية، هانس يواخيم اوتو، الجهود التي تبذلها حكومته لتحقيق التحوّل التاريخي من الطاقة النووية إلى الطاقة الخضراء بحلول عام 2021. وتحدث عن العراقيل التي تواجه المشروع الطموح، على رأسها ربط طاقة الرياح في أعالي البحار بشبكات التوزيع الأرضية التي تحتاج إلى تحديث وتوسيع لتصل إلى مختلف أنحاء البلاد. ويقول خبراء إن هذا المشروع يحتاج إلى مئات بلايين اليورو، التي قد تؤدي في النهاية إلى رفع سعر استهلاك الطاقة أكثر مما كان معتقداً، أي من نحو ثلاثة إلى 5.3 سنت للكيلووات - ساعة. وأظهر استفتاء أجري قبل الصيف الماضي أن أكثرية الألمان توافق على التحوّل الحاصل في قطاع الطاقة، وعلى دفع 12 يورو زيادة على فواتير الكهرباء الشهرية، للتخلّص من أخطار الطاقة النووية، بعد تضرر مفاعل فوكوشيما في اليابان العام الماضي، وقبل ذلك في تشيرنوبيل في روسيا. وتشكّل الطاقات المتجددة، خصوصاً في الدول العربية، مصادر طبيعية مستدامة لا تنضب بفضل توافر حرارة الشمس بصورة مثالية، وكذلك توافر الرياح، خصوصاً في دول المغرب العربي التي بدأت غالبيتها في إرساء تعاون متين مع مشروع «ديزرتيك» الذي تديره أضخم الشركات الألمانية والأوروبية، وبينها شركة مغربية. ويهدف المشروع إلى استغلال الطاقة الشمسية في شمال أفريقيا بهدف تأمين 15 في المئة من استهلاك أوروبا لغاية عام 2050. ويقدّر خبراء أن كلفة المشروع الضخم والطويل الأمد ستبلغ 100 بليون يورو. وتسعى الدول العربية إلى تغطية جزء متزايد من حاجاتها من الطاقة الكهربائية عبر الطاقات المتجددة، إلى جانب النفط والغاز المتوقع أن ينخفض الاتكال عليهما في العقود المقبلة. وبعد تردد الدول العربية، خصوصاً النفطية، إزاء المنافسة المحتملة من تكنولوجيا الطاقات البديلة لثرواتها النفطية، باعتبار الأخيرة مصدر الدخل الرئيس لها، تخطط الآن للاستثمار أكثر فأكثر في هذا القطاع الحيوي، لتعزيز تلبية حاجتها من الطاقة منه وزيادة صادرات النفط. ووقّعت خلال السنوات القليلة الماضية اتفاقات تعاون وشراكات عدة مع شركات ألمانية وعالمية.