إلى جانب تباهي سلاح الجو الإسرائيلي بنجاحه في اعتراض الطائرة بلا طيار التي اخترقت أجواء إسرائيل أول من أمس ويرجّح إسرائيلياً أنها إيرانية الصنع، أقرّت أوساط أمنية بأن هذا الاختراق يعتبر «جرس إنذار» لما قد يأتي في المستقبل، خصوصاً في حال اندلاع حرب مع إيران أو «حزب الله»، كما أنه يستدعي الكثير من الاستفسارات عن جاهزية سلاح الجو الإسرائيلي، خصوصاً بعد أن تبين أن الطائرة «التي خرجت من لبنان، كما يبدو، حلّقت في سماء البحر ثلاث ساعات حتى اقتربت من شاطئ غزة وتم إسقاطها في منطقة الخليل (جنوبفلسطين)، من دون أن تثير ريبة لدى سلاح الجو الإسرائيلي». وأفادت تقارير صحافية أن الجيش الإسرائيلي منكبّ منذ يومين على التحقيق في حادث اختراق الطائرة الأجواء الإسرائيلية في ظل قلق متعاظم لدى المؤسسة الأمنية من «طائرات بلا طيار انتحارية إيرانية الصنع قد تصل إلى يد حزب الله وترسَل لتتفجر فوق أهداف إسرائيلية عسكرية واستراتيجية حساسة، خصوصاً في حال حلقت على ارتفاع منخفض»، كما يقول ضابط احتياط كبير في سلاح الدفاع الجوي لموقع «ولاّ». وأضاف: «يجب فحص من أنزل عينيه عن شاشات أجهزة الرادار»، معتبراً أن نجاح الطائرة في اختراق أجواء إسرائيل من الشمال إلى الجنوب من دون رصده «يكشف موطن الضعف والتهديد المتعاظم». وأضافت التقارير أن ما حصل يطرح أسئلة صعبة عن أداء منظومات المراقبة والرصد في الجيش، علماً أن منظومة الدفاع الجوي كانت تمتلك حتى عام 2005 جهاز رادار أميركياً نقالاً استُخدم لرصد أهداف تكتيكية في الجو مثل طائرات خفيفة تقترب من الحدود، لكن تم وقف استعماله بداعي غياب موازنة وبعد أن رأى الجيش أن خطر اختراق طائرات بلا طيار حدود إسرائيل ليس في أولويات سلاح الجو. وتابعت التقارير أن المؤسسة الأمنية تدرس كيفية التعامل مع تسلل هذا النوع من الطائرات وإدخال شبكات إنذار مبكر تعزز قدرة رصد صواريخ وطائرات على ارتفاع منخفض، متوقعة أن الحرب المقبلة ستشهد محاولات إرسال سورية وإيران طائرات بلا طيار في عمليات انتحارية، وهذا تهديد معنوي لإسرائيل. ويشمل التحقيق العسكري في الحادث فحص ما إذا كانت الطائرة متجهة حقاً نحو المفاعل النووي في ديمونه أم أن إرسالها لم يكن سوى اختبار لاحتمال استعمال طائرات في المستقبل من دون طيار لضرب أهداف استراتيجية إسرائيلية. لكن الترجيح السائد هو أن مهمة الطائرة انحصرت في جمع المعلومات الاستخبارية وفحص الرد الإسرائيلي. وطبقاً لوسائل الإعلام الإسرائيلية التي استقت معلوماتها من الجيش، فإن الطائرة بلا طيار حلقت مدة 20 دقيقة في سماء إسرائيل قبل تفجيرها، وأنه خلال هذه الفترة لاحقتها مقاتلات إسرائيلية بينما واصلت قواعد الدفاعات الأرضية رصد تحركها. وتبرر أوساط عسكرية التأخير في اعتراض الطائرة باقترابها من مواقع سكنية، وأنه بعد أن تأكد تشخيص الطائرة تقرر الانتظار حتى تصل فوق مناطق مفتوحة لتفجيرها من دون أن تصيب أحداً. وأضافت وسائل إعلام أن إسرائيل أرادت تفجير الطائرة فوق أراضيها وليس فوق قطاع غزة كي تتمكن من جمع شظاياها لفحص نوعيتها. وبحسب التقارير الأولية، فإن قوة انفجار الطائرة لم تشر إلى أنها كانت تحمل مواد تفجير، وأن مهمتها الرئيسة كانت جمع معلومات استخباراتية عن مواقع إسرائيلية لاستهدافها في المستقبل، وفحص يقظة منظومة الدفاع الجوي. واستبعدت أن تكون الطائرة نجحت في التقاط صور قبل تفجيرها. وكتب المعلق العسكري في «يديعوت أحرونوت» أليكس فيشمان أن اختراق الطائرة هو «إشارة من الجو بوجوب الحذر»، وقال إن النجاح في اعتراض الطائرة لا ينفي حقيقة أنها اقتربت مسافة 30 كيلومتراً من المفاعل النووي في ديمونه. وأضاف أن إسرائيل تلقت رسالة من إيران تحذرها فيها بأنها هي أيضاً قادرة على التحليق في سماء إسرائيل والتصوير والوصول إلى المواقع الأكثر حساسية، و«لذا لا يجدر بكم التحرش بنا». وتابع أن هذه الحادثة تستدعي تساؤلات كثيرة توجَّه إلى سلاح الجو ومنظوماته الدفاعية «وهي بلا شك تشكل علامة فارقة أمنية مهمة ... إيران بعثت إلينا برسالة عبر لبنان تقول فيها: ليس فقط صواريخ وقذائف صاروخية ستصلكم، إنما أيضاً طائرات غير مأهولة محمّلة بالمواد التفجيرية». وقال مصدر في جهاز الأمن الإسرائيلي للصحيفة: «إسرائيل تدرك القدرات التكنولوجية لإيران وحزب الله، والنقاش الدائر في إسرائيل حالياً هو كيفية التعامل مع تسلل هذا النوع من الطائرات».