صابون حلب المعروف عالمياً بمزاياه المرطبة والمسكنة، لا يجد سبيله إلى التصدير راهناً بسبب النزاع الدائر في سورية، ما حمل جوان سيمو، المنتج الكردي في عفرين شمال شرقي البلاد، إلى خفض إنتاجه أكثر فأكثر. في المصنع العائلي الذي أسس عام 1850 على تلال المنطقة الكردية التي تغطيها أشجار الزيتون، يخزن جوان سيمو (33 سنة) الصابون المعد للتصدير في صناديق في عنبر سقفه من الصفيح وجدرانه إسمنتية. ويقول: «لن نصنع الصابون على الأرجح هذه السنة. فمخزوننا يزداد أكثر فأكثر، فيما غالبية متاجر حلب أقفلت أبوابها. وطرق التصدير إلى الخارج وخصوصاً شمال العراق (الكردي) وفرنسا مقطوعة». هناك نوعان من هذا الصابون المصنوع من زيت الزيتون وزيت شجر الغار وكاربونات الصوديوم. النوعية الأفضل هي التي تتطلب كمية أكبر من زيت الغار، وتخصَص للتصدير، أما النوعية الأدنى والأقل ثمناً فتنقل في زمن السلم براً إلى حلب. وتشهد حلب، ثانية مدن سورية، معارك شرسة منذ أكثر من شهرين بين المعارضين المسلحين المنضوين في «الجيش السوري الحر» والقوات الحكومية. ويشرح سيمو: «لكي نسلم البضاعة، علينا أن نسلك طرقاً فرعية، ونتجنب محاور الطرق الرئيسية لكي لا نتعرض لخطر القصف. إلا أن الكثير من زبائننا فروا من حلب». وهو أيضاً هجر منزله في حلب المتاخم لحي صلاح الدين «عندما دخلت رصاصات غرفة الجلوس ومرت مدرعات تحت نوافذ منزلي»، على ما يقول. وانتقل إلى مزرعة العائلة في منطقة عفرين الكردية التي تضم 360 بلدة، ولا تزال حتى الآن تحافظ على حيادها نسبياً في النزاع السوري. وللتصدير إلى الخارج، كان الصابون ينقل عبر حلب براً إلى مرفأ اللاذقية، ومن ثم على متن سفن شحن إلى مرسيليا ومنها في شاحنات إلى باريس. وتقع مدينة اللاذقية ذات المرفأ المطل على البحر المتوسط في منطقة تتمتع فيها الطائفة العلوية، التي ينتمي إليها الرئيس السوري بشار الأسد، بحضور كبير. أما المشكلة الثانية التي يواجهها منتجو الصابون في عفرين (عددهم 15 منتجاً)، فهي الارتفاع الهائل في أسعار المواد الأولية. فزيت الزيتون الذي يستخدم في مصنع سيمو ينتج محلياً في حقول تضم عشرات آلاف الأشجار، خلافاً للغار وكاربونات الصوديوم. ويقول سيمو: «حتى لو تمكنت من الحصول على زيت الغار من أنطاكية في تركيا، فإن السعر تضاعف في غضون سنة». ومع حلول تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، ما زال الزيتون على أغصان الشجر ينضج. وعملية الإنتاج برمتها تستغرق أربعة أشهر من القطاف إلى السلعة النهائية. ويفترض أن يبدأ القطاف بعد شهر من الآن ويحتاج إلى خمسة أو ستة أشخاص. ومن ثم تستمر عملية صنع الصابون حتى شباط (فبراير) المقبل في مصهر كبير بعد عمليات عصر كثيرة وخلط المواد، قبل أن يقطع المعجون إلى ألواح صابون.