يعتبر الفنان المصري حازم المستكاوي من الفنانين المصريين الذين يمتلكون طرحاً بصرياً مختلفاً، إذ يستقي مفرداته وعناصره من تراثه وبيئته المحلية. يحاكي المستكاوي في أعماله الحسّ البصري للمتلقي من خلال آلية من الجذب والتواصل ومداعبة المخيّلة البصرية، لفكّ طلاسم الأشكال التي يُنشئها بدقة وحرفية منذ سنوات بواسطة الورق في صياغات لا تنتهي. تتفاوت أحجام هذه الأشكال وتتداخل، وتتشابك بين انحناءاتها الخطوط والأحرف، فتبدو أشبه بأُحجية مجسمة أو متاهة طويلة ومعقدة من الخطوط والمنحنيات المستقيمة والدائرية. أشكال محكمة البناء والتركيب، تحمل بين طياتها طعم المدن والبيوت وتشي بمخيّلة خصبة وحائرة. يعتمد المستكاوي في بناء أعماله على الورق والغراء. ومن بين هذه الخامات الفقيرة يخرج كل هذا الثراء الشكلي الذي يستوقف المتأمل ويدفعه إلى محاولة اكتشاف السرّ وراء تلك الأشكال، فيجد نفسه مدفوعاً إلى لمسها، أو يشعر برغبة عارمة في محاولة تفكيك أجزائها. غير أن أعمال المستكاوي تحمل المقدرة هي الأخرى على سدّ شهية المتأمل لها في اللمس والتفكيك وإعادة التركيب من جديد. فهو غالباً ما يدعو جمهوره إلى خوض هذه التجربة في اكتشاف الأشكال من جديد، كما يدعوه إلى اكتشاف الآخر حين يحمل أعماله ليعرضها في قاعات الفن في أوروبا، حيث يقيم هناك لفترات طويلة، متنقلاً بين مدينتي فيينا وبراغ منذ عام 1996. وتستضيف قاعة «أكروس بورديرا» في مدينة زوريخ السويسرية، أعمال المستكاوي في معرض ثنائي مع الرسام والمصوّر الهولندي غوس فان دير بيك. تتسم أعمال فان دير بيك بألوانها الزاهية، على النقيض من أعمال المستكاوي الورقية ذات الملمس الناعم، والتي تتميز بألوانها الهادئة والمحايدة. وفكرة التناقض الشكلي والمفاهيمي هي أساس المعرض الثنائي التي «تساعد في إيجاد مساحات للتواصل، حيث تتضاءل هنا مشاعر المنافسة والتحدي»، كما يقول المستكاوي. يستمر المعرض حتى السادس من تشرين الأول (أكتوبر) المقبل. وفي التوقيت نفسه يشارك المستكاوي بأحد أعماله في معرض جماعي في مركز فنون «نوشاتيل» في زوريخ حتى منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. ومنذ تخرّجه من كلية الفنون والتربية عام 1986، ينشط المستكاوي (1965) في الحياة الفنية والثقافية المصرية، وهو دائم البحث في أعماله عن نقاط الحوار والتلاقي بين الوسائط والثقافات المختلفة، وله مشاركات مميزة في معارض جماعية مهمة محلياً وعالمياً، إلى جانب عدد من المعارض الخاصة التي يقيمها دورياً في القاهرة. ورشحت أعماله أخيراً لجائزة «جميل» للفنون الإسلامية التي ينظمها متحف فيكتوريا وألبرت في لندن.