مجموعة من التشكيلات الورقية المحكمة التصميم والبناء، تتشابك خلالها الخطوط والزوايا الهندسية فى سياقات أشبه بالعمارة أحياناً، وفي أحيان أخرى كخرائط أو تخطيطات المدن. مجسمات تتفاوت في أحجامها وتتداخل بين خطوطها الحروف والكلمات المطبوعة. تبدو في هيئتها أشبه باللعبة التي تم تفكيك أجزاءها، وعليك أنت محاولة تجميع هذه الأجزاء. هكذا يتعامل الفنان المصري حازم المستكاوي مع تشكيلاته الورقية المجسمة والتي يعرضها في قاعة «كريم فرنسيس» في القاهرة حتى منتصف كانون الثاني (يناير) المقبل. تعرض الأعمال تحت عنوان «حول مساحات: أشياء منهجية وقضايا الاختزال». تطرح أعمال المستكاوي رؤية بصرية جديدة على متلقي العمل المجسم، يحاول من خلالها مد جسور الحوار بين المتلقي وهذا العمل الذي يداعب غريزة المشاهد في اللمس والمشاركة، سواء بمحاولته الذهنية فك طلاسم الأشكال أو رغبته في المشاركة في إعادة الصياغة لهذه الأجزاء المفككة. اعتمد الفنان على خامة الورق فقط في إنجاز تلك الأعمال، وهي الخامة التي ينجز بها غالباً معظم أعماله. ويتعامل المستكاوي في هذا المعرض مع قضايا الاختزال في الفنون البصرية من خلال تشكيلات يدوية دقيقة التصميم والتنفيذ لتركيبات وإنشاءات من الورق المقوى «الكارتون» وأنواع مختلفة من الأوراق وغراء اللصق، وتقوم هذه الخامات بدور الوسيط التقني لطرح وبناء الأفكار وإنشاء التكوينات النحتية. ومن أهم ما يميز أعمال المستكاوي في هذا المعرض هو القدرة على الإختزال، والذي يحمل فى طياته طاقة فكرية شديدة الثراء. فهو يقوم بتوظيف الأشكال الهندسية والزوايا القائمة ويحيلها إلى عناصر محددة المساحة، حادة الشكل، وصريحة اللون أحياناً. كما يمارس المستكاوي احتضان وتبني عملية التزاوج بين الفنون البصرية من ناحية والعمارة وقوانينها ومبادئ التصميم من ناحية أخرى من خلال منظوره الخاص. داخل القاعة وعلى هامش المعرض تمت الدعوة إلى جلسة قراءة أدبية للشاعر والروائي علاء خالد الذي قرأ أجزاء مطولة من روايته «ألم خفيف كريشة طائر ينتقل بهدوء من مكان لآخر» الصادرة عن دار «الشروق» العام 2009، إضافة إلى قراءات أخرى لبعض أعماله الشعرية. وعلاء خالد من مواليد الإسكندرية العام 1960، اتجه فى البداية إلى دراسة العلوم الطبيعية وبدأ طريقه الأدبي فى الثمانينات بعد إنهائه دراسة الكيمياء الحيوية، وأخذ ينشر نقده لمجتمعه من خلال مجلة «أمكنة»، وهي مجلة ثقافية تهتم بإقامة علاقة وثيقة بين النص والصورة. تقاطعت بهدوء داخل القاعة الصغيرة الصور الأدبية والتشكيلات الهندسية. قامت الكلمات الأدبية والأشكال المجسمة ذات الدرجات الحيادية، بلعب دور الخلفية بالتبادل في ما بينهما على نحو يسلط الضوء على فكرة التنافذ والتراشح بين الفنون المختلفة. ذلك الوجود للصورة الأدبية فى كتابات علاء خالد فى حضور المشهد البصرى لحازم المستكاوي انعكس تأثيره على المتأمل لكلا الوسيطين. أكد ذلك وضوح المشهد والصورة بملامحها الأدبية عند علاء خالد، وذلك الوجود المكثف للكلمة فى أعمال المستكاوي، أضف إلى ذلك تبادل الاهتمام بين كل منهما لوسيط الآخر. الفنان حازم المستكاوي من مواليد 1965، وهو يعيش ويعمل بين القاهرة وفيينا، ومنذ تخرجه فى كلية الفنون والتربية العام 1986 وهو يشارك في الحياة الفنية والثقافية المصرية، وهو دائم البحث في أعماله عن نقاط الحوار والتلاقي بين الوسائط والثقافات المختلفة. ويعد هذا المعرض الخاص الأول له في القاهرة منذ عام 2003، ويأتى بعد مشاركات عدة في معارض جماعية مهمة محلياً وعالمياً، إضافة إلى العديد من الجوائز والمقتنيات المتحفية العالمية في الولاياتالمتحدة الأميركية وبلجيكا واليابان وبنغلادش ودبي وكوبا، والعديد من دول الاتحاد الأوروبي. هذا إلى جانب معارضه الخاصة المهمة مثل معرض «مساحات متساوية» 2005 ومعرض «ألف باء» العام 2009 في غاليري «آتريوم إد آرت» في مدينة فيينا.