أكدت مصادر رسمية وأخرى سياسية أردنية ل «الحياة» أمس أن غياب القوى السياسية الفاعلة عن الانتخابات النيابية المقبلة «من شأنه أن يعرقل ولادة أول حكومة برلمانية» كان العاهل الأردني تكفل بتقديم الدعم الكامل لها في أكثر من مناسبة. وكانت جماعة «الإخوان المسلمين»، إضافة إلى «الجبهة الوطنية للإصلاح» التي يتصدرها رئيس الوزراء ومدير المخابرات السابق أحمد عبيدات (تضم قوى وأحزاباً يسارية وقومية وشخصيات سياسية مستقلة)، أعلنت مقاطعتها الانتخابات المقررة قبل نهاية السنة احتجاجاً على القانون الذي ستجرى على أساسه. وقالت مصادر رسمية ل «الحياة» إن «هناك توجهاً شبه محسوم داخل مطبخ صنع القرار يدعو إلى عدم تشكيل الحكومة المقبلة من النواب الجدد، على أن يكتفي الملك عبدالله الثاني باستمزاج الكتل النيابية في تسمية رئيس الحكومة الذي سيطرح اسمه على البرلمان لنيل الثقة». وعلمت «الحياة» أن الذهاب نحو اعتماد مفهوم «الحكومة البرلمانية» التي تحدث عنها الملك غير مرة، من شأنه أن يفضي إلى تغيرات هيكلية في بنية النظام السياسي، خصوصاً في دور الملك وعلاقته بكل من الحكومة والبرلمان. كما علمت أن هذه التغيرات المفترضة تخضع إلى «عملية اختبار ودراسة لدى غرف القرار لاستكشاف المخرجات المتوقعة وتأثيراتها المحتملة على المعادلة السياسية في البلاد». في هذه الأثناء، تحدث مقربون من مؤسسة الديوان الملكي ل «الحياة» عن سجالات وحوارات لا تنقطع بين كبار مسؤولي الدولة في خصوص التصريحات المتكررة للعاهل الأردني المتعلقة بتشكيل أول حكومة تتبع إجراء الانتخابات. وأكد هؤلاء أن الاتجاهات كافة داخل الديوان الملكي تتحدث عن «معضلة حقيقية» أمام تشكيل أي حكومة برلمانية مقبلة في حال اقتصر البرلمان المقبل على كتل «هلامية» تعاني «الهشاشة» في تجربتها السياسية. ولم يتردد رئيس الوزراء السابق معروف البخيت، وهو أحد أبرز الشخصيات المقربة من القصر الملكي، في القول إن «التعريف الأمثل للحكومة البرلمانية التي نجتهد الوصول إليها مع البرلمان المقبل، هو المتمثل بالحكومة التي تحصل على ثقة مجلس النواب المنتخب انتخاباً نزيهاً وسليماً». وأضاف: «انضمام الأفراد إلى الأحزاب في أحيان كثيرة يأخذ طابعاً تجميعياً أكثر منه برامجياً، وتجربتنا البرلمانية تؤكد أن غالبية الكتل يتم تشكيلها بعد ظهور نتائج الانتخابات وانعقاد المجلس، ما يبقيها كتلاً هلامية». ودعا البخيت، وهو مرشح لتولي أحد المناصب الرفيعة في البلاط الملكي خلال الفترة المقبلة، وفق معلومات يتم تداولها داخل مؤسسات الحكم المختلفة، إلى إدخال «مبدأ التشاور» في منهجية تأليف الوزارات عبر نقاشات يجريها الملك مع الأحزاب والكتل البرلمانية والنواب المستقلين، عن شخص رئيس الحكومة وتسمية الأنسب. وكان الملك عبدالله قال في وقت سابق، إن «الانتقال إلى الحكومة البرلمانية سيشكل لحظة تاريخية للأردن». وأضاف: «صحيح أننا لا نزال نفتقر إلى أحزاب سياسية قوية تمثل اليمين واليسار والوسط، لكن من المحتمل أن يتكون البرلمان المقبل من أحزاب عدة وبعض المستقلين». إلى ذلك، اتهم رئيس الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات عبد الإله الخطيب جهات رسمية لم يسمها ب «مخالفة التعليمات المتعلقة بقانون الانتخاب». وقال الخطيب، وهو سياسي وديبلوماسي مخضرم، في تصريحات بدت لافتة: «أعبر عن استغرابي لعدم قيام جهات مخولة بموجب قوانينها، بتنفيذ طلب الهيئة إزالة لافتات وإعلانات تحمل أسماء أشخاص يقومون بتلك المخالفات». وأكد خلال محاضرة عامة له مساء أول من أمس أن أي عبث مقصود في العملية الانتخابية «ستكون له نتائج وخيمة على البلد ومستقبله».