كلّف العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني نائب رئيس محكمة العدل الدولية عون الخصاونة تشكيل الحكومة الجديدة خلفاً لمعروف البخيت الذي قدم استقالته امس. وقالت مصادر في الديوان الملكي ل «الحياة» ان تكليف الخصاونة، وهو قاض دولي معروف، جاء لفتح حوار حقيقي مع المعارضة بكل أطيافها من دون وجود «محرمات» امام مشاركة اي جهة في الحكومة. وافادت اوساط مطلعة بان تكليف الخصاونة جاء نتيجة «استياء الملك من انسداد الأفق السياسي لعملية الحوار مع المعارضة»، كما ان الملك بعد ان استمع للجميع بصفته حكَم العملية الديموقراطية والسياسية وضامنها، «استجاب للغالبية النيابية التي طالبت برحيل الحكومة». ورحب الرئيس المكلف في أول تصريحاته «بمشاركة الحركة الاسلامية في الحكومة»، متعهداً فتح حوار «للوصول الى توافقات على الملفات المطروحة». وفي خطوة غير مسبوقة، عيّن العاهل الاردني اللواء المتقاعد فيصل الشوبكي مديرا للمخابرات العامة خلفاً للمدير المحال على التقاعد محمد الرقاد الذي تم ترفيعه امس الى رتبة فريق اول وتعيينه عضوا في مجلس الاعيان، وهي خطوة اعتبر المراقبون أنها تقلل من امكان تدخل الجهات الامنية في التشكيلة الجديدة للحكومة. وقال مصدر في الديوان الملكي ل «الحياة» ان هناك دوراً جديداً لدائرة المخابرات العامة يقوم على «برنامج لتحديث الدائرة وضمان انفتاحها على جميع الاطراف وعدم تدخلها خارج حدود دورها الامني». ويحمل المدير الجديد للمخابرات رتبة لواء، وسبق ان شغل وظيفة مساعد للمدير لشؤون العمليات في فترة رئاسة سعد خير، وكان قبل تعيينه يشغل منصب سفير لدى المملكة المغربية. وبدأ الخصاونة فوراً بمشارواته لتشكيل الحكومة، ويلتقي اليوم الكتل النيابية. وتلي ذلك حوارات مع اعضاء مجلس الاعيان، والقوى السياسية والاحزاب، خصوصا الحركة الاسلامية. ويتوقع الخصاونة تشكيل حكومته مطلع الاسبوع المقبل. والخصاونة من مواليد العام 1950 ويحمل درجة الدكتوراة في القانون، وكان يشغل منصب نائب رئيس محكمة العدل الدولية الذي دخل البها العام 2000. وكان من المتوقع ان يتسلم رئاسة محكمة العدل الدولية العام المقبل، لكنه قال: «تركت موقعي في المحكمة خدمة لبلدي في هذه المرحلة الحرجة». وهو ديبلوماسي سابق وعضو في الوفد الاردني المفاوض مع الجانب الاسرائيلي، وشغل منصب رئيس الديوان الملكي بين عامي 1996 و1998، ويعتبر من المقربين لرئيس الوزراء السابق عبدالكريم الكباريتي، زميله في المدرسة. ووجه الملك عبدالله الثاني الرئيس المكلف الى مواصلة «مسيرة الاصلاح والتحديث بكل جوانبها وتنفيذ استحقاقات المرحلة وتبني ما انجزته الحكومات السابقة». وحدد للحكومة الجديدة مهام انجاز التشريعات والقوانين الناظمة للحياة السياسية، وفي مقدمها قانون الانتخاب وقانون الاحزاب وما يرتبط بهما من قانون الهيئة المستقلة للاشراف على الانتخابات وإدارتها. وطلب الملك من الرئيس الملكف مراجعة موضوع الانتخابات البلدية التي قررت الحكومة المستقيلة اجراؤها في 27 كانون الاول المقبل رغم الانتقادات الشديدة لها والمطالبات الحزبية والشعبية بتأجيلها. واكد الخصاونة امس ان «من المبكر الحديث عن اجراء الانتخابات البلدية او تأجيلها، والافضل ان تجري في أجواء صحية لا تشوبها شائبة، وهذا افضل من انتخابات سريعة قد تؤدي الى الفتن». واكد كتاب تكليف الحكومة على الحفاظ على الوحدة الوطنية بعد الكثير من الخلافات والانشقاقات التي ظهرت في الشارع وبين العشائر الاردنية، كما أكد ضرورة اطلاق الحريات الاعلامية، خصوصا بعد ان تدخل الديوان الملكي لمنع عقد جلسة لمجلس الأعيان لمناقشة تعديل على قانون هيئة مكافحة الفساد يضع قيوداً كبيرة على حرية الصحافة والاعلام. وقال العاهل الاردني ان اي «تسوية للقضية الفلسطينية لن يكون على حساب الاردن او ان يمس مصالحنا الوطنية».