بدأ رئيس الوزراء الأردني المكلف الدكتور معروف البخيت إجراء مشاوراته لتشكيل الحكومة الجديدة، والتقى أمس رئيس مجلس الأعيان طاهر المصري ورئيس مجلس النواب فيصل الفايز وست كتل نيابية، وسط تباين في رد الفعل على تكليفه تشكيل الحكومة. وقالت مصادر برلمانية إن الأجواء النيابية لم تكن مرتاحة لتكليف البخيت بسبب «إرثه في الحكومة السابقة والخوف من تنسيبه بحل مجلس النواب». وتحدث نواب في ملفات حكومته السابقة، مشيرين إلى تزوير الانتخابات النيابية والبلدية عام 2007 وقضية ترخيص الكازينو في البحر الميت. لكن البخيت أكد أمام النواب التزامه فتح كل ملفات حكومته السابقة، بما فيها الانتخابات النيابية وملف الكازينو وتحويلها على القضاء وهيئة مكافحة الفساد. وفي رده على استفسارات النواب عن نيته حل المجلس، قال البخيت: «الأمور على ما هي عليه، وسنتشاور، ومن المبكر الحديث عن حل المجلس». وتعهد للنواب تعديل قانون الانتخاب بما يحقق المطالبات باعتماد قوائم التمثيل النسبي على مستوى المحافظات. ويبدو أن تعديل قانون الانتخاب وحل المجلس وإجراء انتخابات مبكرة ستكون نقطة إزعاج للبخيت لأنها قضايا خلافية بين القوى المختلفة، إذ تطالب الحركة الإسلامية بالتعجيل في تعديل القانون وإجراء انتحابات الصيف المقبل، وهي مطالب تجد صداً من المجلس النيابي. وأكد البخيت أن اختياره الوزراء سيكون على أسس الكفاءة والخبرة ومراعاة البعد الجغرافي بما لا يزيد عن 24 وزيراً. وفي لقاء البخيت مع رئيس مجلس الأعيان أكد التزامه «السير في إجراء إصلاحات حقيقية شاملة وبلورتها ليلمس المواطنون نتائجها في أسرع وقت ممكن». وأكد المراقب العام لجماعة «الإخوان المسلمين» الدكتور همام سعيد استمرار الحراك الشعبي المطالب بإصلاحات سياسية حقيقية. وأشار إلى أن حركة الإصلاح تطالب بالتوافق على قانون انتخاب ديموقراطي تمهيداً لإجراء انتخابات نيابية «غير مزورة» تفرز رئيس وزراء منتخب. وفي إشارته إلى تكليف البخيت، قال سعيد: «الحركة الإسلامية لا تحكم على الأقوال بل الأفعال، والرئيس البخيت مجرب وتاريخه معروف، والرسالة سلبية وتزيد من الاحتقان الشعبي». وقررت الحركة الإسلامية الاستمرار في تنظيم مسيرات في المحافظات المختلفة الجمعة المقبلة، فيما انقسمت أحزاب المعارضة في موقفها امس من استمرار الاحتجاجات، إذ يصرّ حزبا جبهة العمل الإسلامي والوحدة الشعبية على الخروج بمسيرات، فيما أرجأ حلفاؤهم في اليسار المسيرات (خمسة أحزاب) من اجل إعطاء الحكومة الجديدة فرصة. وقال عضو المكتب السياسي في الحزب الشيوعي فرج الطميزي ل «الحياة» إن هناك موقفين لأحزاب المعارضة في شأن الاعتصام (الوحدة الشعبية والعمل الإسلامي) قررا إقامة الاعتصام فيما فضلت بقية الأحزاب تأجيله، مشيراً إلى انه من المنتظر أن تعلن الأحزاب موقفها وخطواتها التي ستتوافق عليها لاحقاً على ضوء البرنامج السياسي الذي ستقدمه الحكومة. وكانت واشنطن رحبت امس بتكليف الملك عبدالله الثاني البخيت تشكيل حكومة جديدة، وقال وهو ناطق باسم دائرة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية جون سوليفان ل «إذاعة سوا»: «لدينا علاقات صلبة مع الملك عبدالله وشعب الأردن، ونتطلع للعمل مع رئيس الوزراء الجديد وحكومته». وأضاف: «طرحنا باستمرار مع الأردن وحكومات أخرى في المنطقة الحاجة للقيام بإصلاح وانفتاح ومشاركة أكبر من أجل التجاوب مع تطلعات الشعوب». من جانب آخر، أصدرت الهيئة الوطنية للإصلاح «تحت التأسيس» بياناً قالت فيه إن «الرئيس المكلف تشكيل الحكومة غير قادر على تحقيق الطموحات المشروعة للشعب الأردني المتمثلة بإصلاح سياسي يضع حداً لاحتكار السلطة ويوسع دائرة المشاركة السياسية». وطالب نحو 50 شخصية، معظمهم من الإسلاميين وقعوا على بيان الهيئة أمس، بتشكيل حكومة إنقاذ وطني. وفي الاتجاه ذاته، بدأ النائب المستقل مجحم الصقور بإجراء مشاورات لتشكيل ائتلاف مع نواب آخرين لحجب الثقة عن حكومة البخيت كونه «لا يلبي طموحات المجلس والشعب». ومن المقرر أن يستكمل البخيت اليوم مشاوراته النيابية من اجل الانطلاق إلى حوار مع أحزاب المعارضة.