أربكت استقالة رئيس الوزراء الأردني عون الخصاونة المشهد السياسي الأردني وفتحت شهية التحليلات عن مصير الانتخابات النيابية التي وعد بها العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني شعبه نهاية العام الحالي. وفوراً، كلّف العاهل الأردني رئيس الوزراء السابق (في عهده والده) الدكتور فايز الطراونة تشكيل حكومة «انتقالية» لا يتوقع ان يزيد عمرها على ثلاثة شهور بمهمة واحدة هي إنجاز مشروع قانون الانتخاب وحل مجلس النواب تمهيداً لحكومة أخرى تجري الانتخابات النيابية. وكان الخصاونة الذي يقوم بزيارة رسمية لتركيا تنتهي اليوم، كلّف وزير العدل والشؤون القانونية ابراهيم الجازي تقديم الاستقالة الى القصر الملكي ظهر امس، من دون ان يذكر سبباً مباشراً للاستقالة التي جاءت في ورقتين، وإن أشار الى إنجازه مشروع قانون الانتخاب وتفضيله الانسحاب. وعلمت «الحياة» ان جهات في الدولة حاولت سحب الاستقالة او تأجيلها رغم تسريب صاحبها الخبر لوسائل الاعلام، ما استدعى من تلك الجهات ان تحض مكتب رئيس الحكومة على نفي الاستقالة في خبر بثته وكالة الأنباء الرسمية. إلا أن العاهل الأردني أصر على قبول الاستقالة ورفض محاولات التخفيف من وطأتها، معلناً قبولها بعد دقائق من نفيها رسمياً. وهذا هو رئيس الوزراء الثاني الذي يستقيل بهذه الطريقة، اذ سبقه «الزعيم» محمد داود الذي ترأس حكومة عسكرية في أيلول (سبتمبر) عام 1970، واستقال بعد أسبوع من تشكليها وبعث باستقالته من القاهرة وغادرها للعيش في ليبيا. وعزت مصادر برلمانية الاستقالة الى احتجاج الخصاونة على مرسوم العاهل الأردني أمس تمديد الدورة البرلمانية من دون مشاورته بعد أن كانت النية تتجه الى عقد دورة برلمانية استثنائية نهاية أيار (مايو) المقبل، فيما قالت مصادر مقربة من الخصاونة انه كان يحاول تأجيل الانتخابات النيابية التي تعهد بها الملك في أكثر من مناسبة آخرها أمام البرلمان الأوروبي قبل أيام. وكان الخلاف واضحاً بين القصر والخصاونة على مشروع قانون الانتخاب الذي قدمه الرئيس المستقيل الى مجلس النواب ولم يكن القصر والدوائر الأمنية راضية عنه، خصوصا بعدما أشعل نص القانون خلافات كبيرة في اوساط المعارضة والاحزاب السياسية والقوى العشائرية. وقال مسؤول كبير في الدولة ل «الحياة»: «تفاجأنا بطلب الحكومة من المجلس العالي تفسيراً دستورياً يخص القوائم الحزبية التي جاءت في مشروع قانون الانتخاب الذي قدمته الحكومة، وهو مؤشر الى بحث الرئيس عن حجج لفرض فكرة تأجيل الانتخابات». لكن التحدي المفتوح أمام العاهل الاردني بات إجراء الانتخابات قبل نهاية العام، وهذا هو البند الرئيس على جدول أعمال الحكومة الجديدة التي لا تستطيع بموجب الدستور سوى التسريع بإنجاز مشروع قانون الانتخاب، والتنسيب بحل مجلس النواب، والتمهيد لحكومة جديدة تجري الانتخابات لتكون الرابعة خلال سنتين.