أربعة أشهر فقط كانت كافية لتحظى مبادرة «ألو فايل» (AlloFail – أي إنقطاع الإتصال) بدعم شعبيّ في لبنان، بعدما فتحت علناً ملفّ الإتصالات والخدمات الخليوية الشائك. ففي حزيران (يونيو) الماضي، جمعت المشاكل الكثيرة التي يعاني منها قطاع الإتصالات في لبنان مجموعة من الشباب منهم مالك تقي الدين، حسين دجاني، روبير نمّور وبيار ضاهر ليرفعوا شعاراً واحداً: «الشكوى وحدها لا تفيد». هكذا إنطلقت «ألو فايل» كمبادرة شبابية عبر صفحات مواقع التواصل الإجتماعيّ وتحديداً «فايسبوك» و«تويتر» لتستقطب مئات الشكاوى من مختلف المناطق اللبنانية. وهذه الخطوة تهدف الى تعزيز الضغط العام نحو شركتي الإتصالات الخليوية العاملتين حالياً في لبنان (ألفا وتاتش) بهدف حثّهما على تقديم أفضل الخدمات، وذلك من خلال جمع شكاوى المستخدمين التي لم يكن لها حلّ من قبل الشركتين وإتخاذ الإجراءات اللازمة لها. ما يبدو واضحاً من خلال صفحة المجموعة على موقع «فايسبوك»، هو أنّ هناك الكثير من الشكاوى التي تنتظر من يردّ عليها. والقضايا الرئيسية التي يمكن طرحها ترتبط بالإنقطاع المتكرّر للإتصالات وغياب التغطية الشاملة عن كلّ المناطق اللبنانية، إضافة الى سوء الخدمات الخليوية وتحديداً تلك الخاصة بالجيل الثالث من الإنترنت (3G). وتعكس الصفحة الإستياء الكبير عند الشباب تحديداً، فهم يقارنون الخدمات في لبنان بما يُقدّم في دول أخرى مجاورة ليؤكدوا الغبن الذي يطاولهم. وفي هذا السياق يصف الشاب روبير نمّور خدمة الجيل الثالث بأنّها «غير مفيدة أبداً وغالباً ما لا تكون شغّالة». كما يحظى موضوع الفواتير الباهظة بأهمية كبرى لدى «ألو فايل»، اذ تقوم المجموعة بملاحقة القضايا المالية العالقة للمستخدمين. وعلى سبيل المثال، فإنّ أحد المواطنين طلب توقيف خطّه خلال السفر خارج لبنان وحين عاد وصلت إليه فاتورة بقيمة 260 دولاراً أميركيّاً عن الفترة نفسها. لكن المستخدم، وبالتعاون مع «ألو فايل»، إستطاع مراجعة الشركة والضغط للحصول على حقّه بإلغاء الفاتورة. لا وقوف عند حدود الوعود حاولت وزارة الإتصالات اللبنانية والشركتان المشغّلتان لقطاع الخليوي إحتواء مبادرة «ألو فايل» منذ إنطلاقتها، من خلال الإجتماعات مع الشباب وتقديم الوعود لهم حول التحسينات المقبلة للإتصالات والخدمات. وقد أطلع المستشار القانوني للمجموعة والمتحدّث بإسمها مالك تقي الدين «الحياة» على المشاورات التي حصلت بين ممثلّي مبادرة «ألو فايل» ووزير الإتصالات نقولا صحناوي. وأكد تقي الدين أنّ الوزير حاول الإنفتاح على المجموعة والإلتفات الى المشاكل التي تطرحها. لكنّ المشكلة تكمن في التفاصيل ووضع تواريخ محدّدة تلتزم بها الشركتان لتحسين الخدمات. ويلفت المستشار القانوني الى أنّ الشركتين تقدّمان العديد من الأعذار لمشاكل الإتصالات التي يعاني منها اللبنانيون، ومنها إرتفاع الأسعار الخاصة بإستئجار أمكنة ملائمة لتركيب أعمدة إرسال إضافية بهدف تحسين التغطية. «تقاذف المسؤوليات في موضوع الإتصالات» يشكّل أيضاً مشكلة كبيرة يطرحها تقي الدين، فقد حاولت مجموعة «ألو فايل» مراجعة الوزارة والشركتين حول إعلانات عدّة خادعة لخدمات خليوية جديدة، من دون أن تصل الى جواب واضح حول المسؤول المباشر عنها. ويلفت تقي الدين الى ضرورة أن تتعامل الشركتان والوزارة بشفافية مع المستخدمين من خلال توضيح تفاصيل الخدمات والأمور التي تترّتب عنها خصوصاً من الناحية المادية، بدل الإنجراف وراء الشعارات الرنّانة فقط. إلا أنّ ما يشدّد عليه المتحدّث بإسم المجموعة، هو أهمية الدور الذي يجب أن يؤديه المواطنون اللبنانيون، وذلك من خلال الإبلاغ عن شكواهم والإتصال ب»ألو فايل» والشركتين المشغّلتين بدل الإستسلام للواقع. وفي إستطلاع للمجموعة عبر موقع «فايسبوك»، تبيّن أنّ 88 في المئة من الشكاوى تتمحور حول التغطية السيئة لشبكة الخليوي. ولكن على رغم ذلك لم تسجّل أي مبادرة تطالب بالتغيير الجذري حتّى اليوم بإستثناء «ألو فايل»، وهي غير قابلة للإستمرار إلا بإستخدام أداة الضغط الشعبيّ على الوزارة والشركتين المشغّلتين. محاسبة حقيقية كثيراً ما يتداول المواطنون اللبنانيون في ما بينهم سبل الضغط على الشركتين المشغّلتين للقطاع الخليوي لتحسّنا خدماتهما وتخفّضا أسعارهما، إضافة الى مطالبتهم المستمرة بتطوير مراكز تلّقي الشكاوى التي غالباً ما تكون مساحة للإنتظار فقط من دون وجود مساعدة فعلية. وبدل أن تبقى كلّ هذه المشكلات رهن الكلام فقط، تستعدّ «ألو فايل» الى سلوك طريق القضاء لمحاسبة الشركتين. وترفض المجموعة، بلسان المتحدّث بإسمها تقي الدين، التسوية في مجال الأحكام القضائية بإعتبار أنّ حقوق المستخدمين لا يمكن التفريط فيها. وحتّى لو كانت المبالغ التي يطالب المواطنون بتحصيلها زهيدة، فتقي الدين يشدّد على أهمية محاسبة الشركتين ولفت إنتباههما الى أنّ التعاطي بإستخفاف مع بعض القضايا مثل الإنقطاع المستمر للإتصالات من دون تعويض للمستخدمين غير مقبول. أمّا الطريقة التي ستتواصل فيها «ألو فايل» مع المواطنين من مختلف المناطق اللبنانية، فستكون من خلال الجمعيات المحلية وتدريب الشباب على تسجيل الشكاوى ورفعها بالطريقة الملائمة الى الشركتين المشغّلتين وملاحقتها حتّى الوصول الى نتيجة حقيقية. هكذا يبدأ الشباب اللبنانيّ الإنكباب الفعليّ على معالجة قضايا ترتبط بحياته اليومية ومدى قدرته على تطوير نفسه بإستخدام التكنولوجيا، وذلك بدل الإنتظار لتحقيق الوعود من دون جدوى.