أسقط مجلس الدوما (البرلمان) الروسي أمس، عضوية النائب عن حزب «روسيا العادلة» غينادي غودكوف المعروف بتأييده نشاط المعارضة في الشارع. وأتى القرار قبل يوم من تظاهرة «مليونية» دعت إليها المعارضة في موسكو، احتجاجاً على غلاء الأسعار وتراجع الوضع المعيشي. وأتى قرار «طرد» غودكوف خلال جلسة مفتوحة وعبر تصويت علني، وشكّل مفاجأة للأوساط السياسية، على رغم أن الحديث عن ضرورة إسقاط عضويته في البرلمان، تردد أكثر من مرة في الشهور الأخيرة. وقال زميل لغودكوف إن «الغالبية التي تسيطر عليها كتلة الحزب الحاكم (روسيا الموحدة)، مررت القرار في سرعة قياسية، ولم تستجب لطلبنا بتحويل الملف إلى المحكمة الدستورية للبتّ فيه، كما لم تنتظر قرار اللجنة البرلمانية المعنية، قبل طرح الموضوح للتصويت». ويسيطر الحزب الذي يقوده رئيس الوزراء ديمتري مدفيديف، ويحظى فيه الرئيس فلاديمير بوتين بصفة «زعيم الأمة»، على أكثر من نصف مقاعد البرلمان، ما أتاح حسم الموضوع في سرعة، لتكون تلك أول مرة في تاريخ روسيا تُنزع عضوية نائب بقرار داخل البرلمان، ومن دون الرجوع إلى المحكمة الدستورية. وصوّت مع القرار الذي اعتبرته المعارضة «مشيناً»، 291 من الأعضاء ال450 في البرلمان، فيما عارضته في شكل كامل كتلتا «الحزب الشيوعي» و «روسيا العادلة» المعارضتان. وكانت الغالبية البسيطة (النصف زائد واحد) كافية لتمرير القرار. واستند نواب الحزب الحاكم، الى تقرير قدّمته أجهزة التحقيق، اتهم غودكوف بممارسة نشاط تجاري، ما يتعارض مع الوضع القانوني للنائب في مجلس الدوما. وأعلنت لجنة مراقبة أرباح النواب أن درس ملف غودكوف المُقدّم إلى المجلس أظهر مواصلته إدارة أعماله التجارية بنفسه، بعد دخوله البرلمان، وسعيه مرات عدة إلى الإفادة من حصانته وعضويته في البرلمان، لتطوير أعماله. لكن غودوكوف رفض الاتهامات الموجهة إليه، وطالب بإعادة الملف لدرسه، متهماً الحزب الحاكم بالسعي إلى «تكميم أفواه» النواب المعارضين، كما أكد نيته اللجوء إلى القضاء للبت في دستورية القرار. ويُعتبر غودكوف من أبرز الناشطين في الحراك المعارض الذي شهدته المدن الروسية من نهاية العام الماضي، احتجاجاً على «تزوير انتخابات مجلس الدوما». وأعرب رئيس حزب «روسيا العادلة» سيرغي ميرونوف، بعد الجلسة الصاخبة للبرلمان، عن قناعته بأن المحكمة الدستورية ستعيد «الحق إلى غودكوف»، مضيفاً إن المجتمع الروسي «لن يعترف بشرعية نزع العضوية عن النائب وحرمانه ممارسة صلاحياته البرلمانية». ويُتوقع أن يؤجج القرار الاحتجاجات التي تنوي المعارضة تنظيمها اليوم في موسكو ومدن اخرى. وكانت المعارضة دعت الى «مليونية» ترفع شعارات تندد بزيادة أسعار السلع وتراجع الوضع المعيشي. وقال ناشطون إن طرح شعارات اقتصادية «لن يعني تغييب الشعارات الأساسية للمعارضة، خصوصاً المطالِبة بإعادة الانتخابات وتنفيذ إصلاحات واسعة في النظام السياسي وإقالة مدفيديف وبوتين»، كما كتب الناشط البارز أليكسي نافالني على مدونته. وتتوقّع المعارضة أن تنجح في حشد مئات الآلاف في موسكو ونحو 90 مدينة روسية، لكن أوساطاً حزبية رجّحت ألا يزيد عدد المشاركين في العاصمة على 50 ألف متظاهر. واعتبر سيرغي أودالتسوف، وهو ناشط بارز، أن لإطلاق لقب «مليونيات» على تظاهرات المعارضة، أهمية كبرى، إذ أن كثراً يؤيدون مطالب المعارضة، لكنهم يمتنعون عن النزول إلى الشارع.