استكملت روسيا أمس، عملية تبادل الأدوار بين ثنائي الحكم، وبعد يوم واحد على تسلم الرئيس فلاديمير بوتين مهامه الدستورية اجتاز رئيس الوزراء الروسي المكلف ديمتري مدفيديف استحقاق المصادقة على توليه مهامه في مجلس الدوما (البرلمان) بسهولة، لكن من دون أصوات حزبين رئيسيين من أصل أربعة ممثلة في الهيئة الإشتراعية، ما يعقد أكثر مهمة بوتين في ولايته الثالثة. وفي أول مؤشر إلى الصعوبات التي تواجه سيد الكرملين الجديد على الصعيد الداخلي، رفض حزبي «الشيوعي الروسي» و «روسيا العادلة» منح الثقة لمرشح الكرملين لمنصب رئاسة الوزراء. ولم يؤثر موقف الحزبين كثيراً في ترشيح مدفيديف الذي ضمن سلفاً أصوات نواب الحزب الحاكم «روسيا الموحدة» والحزب «الليبرالي الديموقراطي» اللذين يسيطران على 295 في مقاعد مجلس الدوما البالغ عددها الإجمالي 450، ما يعني أن الغالبية البسيطة توافرت بسهولة. وحصل مدفيديف على أصوات 299 نائباً بينما صوت ضده 144. لكن الحدث شكل تطوراً مهماً بحسب خبراء، على رغم أن الحزبين يوصفان بأنهما «معارضة من دون أنياب» لكن موقفهما من رئيس الوزراء المكلف عكس مدى الانقسام في الشارع الروسي، ما يضيف أعباء جديدة على كاهل الرئيس العائد إلى الكرملين، الذي يواجه نشاطاً متزايداً للمعارضين في الشارع. ويعيد التطور إلى الأذهان عهد الرئيس السابق بوريس يلتسن الذي شهدت ولايته بداية تسعينات القرن الماضي توتراً في العلاقة مع المشرعين الروس. وكان بوتين طلب من أعضاء البرلمان «دعم توجهه لتكليف رئيس وزراء له خبرة طويلة ومخلص لأهدافه». وقال إن ترشيح مدفيديف هدفه توفير فرصة لمواصلة خطط التحديث وبرامج تطوير القطاعات المختلفة في البلاد. وتعهد مدفيديف في خطاب أمام أعضاء الدوما بأن يعمل على تطبيق خطط الإصلاح التي بدأ بها خلال توليه الرئاسة وتحدث عن إيلاء أهمية كبرى لمحاربة الفساد وتطوير قطاعي الصحة والتعليم والخدمات العامة، وأشار إلى ضرورة بناء اقتصاد حديث. وقال إنه سيعمل للمحافظة على «الديناميكية الإيجابية للتطور الاجتماعي والاقتصادي في البلاد». وبرر زعيم الحزب الشيوعي غينادي زوغانوف موقف حزبه بالإشارة إلى «استحالة الخروج من المأزق الذي تمر به البلاد من دون تشكيل حكومة تتمتع بثقة مختلف شرائح الشعب الواسعة»، فيما قال زعيم «روسيا العادلة» سيرغي ميرونوف إن كتلته النيابية عارضت «من حيث المبدأ» عملية تبادل الأدوار التي اشتملت على تكليف الرئيس السابق بتشكيل الحكومة الجديدة. في غضون ذلك، واصلت المعارضة حراكها في الشارع على رغم حملة الاعتقالات الواسعة التي طاولت أنصارها، وشهدت موسكو ومدن أخرى، لليوم الثالث على التوالي مسيرات ليلية، ولجأ آلاف من أنصار المعارضة إلى تنظيم «نزهات» جماعية حاشدة في الساحات والحدائق العامة طيلة ساعات الليل، لتجنب حملات التوقيف، وعلى رغم ذلك، أشار ناشطون إلى تعرض عشرات للاحتجاز قبل إطلاقهم صباح أمس.