اعتبر نائب رئيس المكتب السياسي في حركة «حماس» موسى أبو مرزوق ان اعادة بناء قطاع غزة بعد الحرب هو «الجهاد الاكبر»، مطالباً فصائل «المقاومة بإعداد العدة» للمرحلة المقبلة. وبدأت المساعدات الانسانية الدخول الى قطاع غزة، فيما سمحت سلطات الاحتلال الإسرائيلية للصيادين بالصيد على مسافة ستة أميال بحرية، للمرة الأولى منذ أكثر من شهرين. وعكف العمال على تنظيف الطرق من الركام وإصلاح خطوط الكهرباء مع صمود وقف إطلاق النار الذي وضع حداً لحرب استمرت 50 يوماً، فيما أبدت العائلات النازحة مشاعر ارتياح ممزوجة بالمرارة لدى عودتها إلى بيوتها المدمرة. ووصل ابو مرزوق بعد الظهر الى غزة عبر معبر رفح الحدودي مع مصر مع القيادي في حركة «الجهاد الاسلامي» خالد البطش عضوا الوفد المفاوض الموحد قادمين من القاهرة. وقال لدى وصوله الى الصالة الفلسطينية في معبر رفح: «رجعنا من الجهاد الاصغر (الحرب) الى الجهاد الاكبر، البناء، لا بد من اعادة بناء ما دمره الاحتلال». ورأى ان «لا بد للمقاومة ان تبني نفسها بشكل افضل (...) على كل كتائب المقاومة ان تعد العدة»، معتبراً ان الحرب كانت «معركة فاصلة». وبدأت المساعدات الانسانية الخميس الدخول الى قطاع غزة المدمر بعد 50 يوماً من الحرب، بينما يأمل الغزيون في تخفيف الحصار الذي تفرضه الدولة العبرية منذ عام 2006 بموجب اتفاق وقف اطلاق النار. وإضافة الى الاضرار البشرية، شهد قطاع غزة دماراً هائلاً بينما شرد نصف مليون غزي بفعل القصف الاسرائيلي. وقد تضرر نحو 55 الف منزل من الضربات الاسرائيلية بينما دمر 17,200 منزل على الاقل بشكل كامل او جزئي بحسب ارقام صادرة عن الاممالمتحدة التي اشارت الى ان 100 الف شخص على الاقل بحاجة الى مكان لإعادة إسكانهم. وقدر مسؤولون في الأممالمتحدة كلفة إعادة البناء بما يصل إلى عشرة بلايين دولار وربما يتجاوز ذلك. ووقف صف طويل من الشاحنات الخميس عند معبر كرم ابو سالم حمل معظمها بضائع تجارية بينما نقل بعضها مساعدات تحمل شعارات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا) في انتظار دورها للتفتيش. وللمرة الاولى منذ 2007، تمكنت قافلة مساعدات تابعة لبرنامج الاغذية العالمي من عبور الحدود المصرية والدخول الى غزة حاملة معها مواد غذائية تكفي 150 الف شخص لخمسة ايام. واعلن مسؤول في رفح ان اكثر من مئتي طن من المساعدات الانسانية التي ارسلتها السعودية وعمان وتركيا دخلت قطاع غزة الاربعاء. وأبدت العائلات النازحة مشاعر ارتياح ممزوج بالمرارة لدى عودتها إلى بيوتها المدمرة، فيما فتح آلاف المكلومين بيوت عزاء لتقبل التعازي بشهدائهم، وذلك للمرة الأولى منذ بداية العدوان، نظراً لعدم تمكنهم من ذلك بسبب ضراوة القصف الاسرائيلي، وخشية استهداف بيوت العزاء كما حصل إبان العدوان عام 2008. وآثر كثير من أصحاب البيوت المدمرة أن ينصب خيمته فوق أنقاض المنزل أو بجواره، على ألا يبقى في مراكز الايواء في المدارس غير المجهزة لذلك وتخلو من حمامات الاستحمام، ما أصابهم بأمراض معدية وجلدية. وانتقد كثير من الغزيين، بخاصة الشباب، على شبكات التواصل الاجتماعي، الاحتفالات بالانتصار، ودعوا الى مراعاة مشاعر ذوي الشهداء والجرحى والمدمرة بيوتهم. وكانت حركة «حماس» نظمت وحدها مساء أول من أمس مهرجان الانتصار شارك فيه عدد كبير من قادة الحركة في مقدمهم نائب رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية، والآلاف من أنصار الحركة. وقال هنية في كلمته إن «المقاومة بدأت معركتها مع الكيان الإسرائيلي وأنهتها بضرب مدينة حيفا المحتلة». واعتبر أن «الانتصار يدل (..) على الجهد والإعداد والاستعداد ليس فقط لمعركة في غزة، لكن لمعركة التحرير الشامل لفلسطين والقدس والأقصى». ووصف العدوان الإسرائيلي على القطاع بأنه «لا مثيل له في تاريخ الصراع مع الاحتلال، وشهد مقاومة باسلة أذهلت العالم، وتلاحم بين الشعب والمقاومة». وشدد على أن «المجاهدين مرغوا أسطورة الجيش الذي لا يقهر. لم يدخل غزة وعلى حدودها كسرت أياديه، وكانوا يتلاعبون بجنود الاحتلال (...) وكانت لهم اليد العليا». وخلافاً لمهرجان «حماس» عقدت الأجنحة العسكرية لفصائل المقاومة الفلسطينية ليل الأربعاء الخميس مؤتمراً صحافياً موحداً في حي الشجاعية المدمر شرق مدينة غزة، ألقى خلال الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة «بيان النصر الموحد». وقال أبو عبيدة أن «النصر سيكون يوم تحرير القدس والمسجد الأقصى (...) موعدنا مع تحرير الأقصى والعودة باتت أقرب مما يظن المتفائلون من الناس». وأضاف أن «عدونا وجيشه وقوات نخبته مجرد أكذوبة كبيرة». واعتبر أن «غزة ومقاومتها انتصرت لأنها أنزلت هزيمة بجنود الاحتلال على أعتابها، وجعلتهم يهرولون تحت جنح الظلام هاربين منها ومن نيران المقاومة، وفعلت ما لم تفعله جيوش كبرى، وأجبرت عدوها على الاندحار وعطلت منظوماته الجوية والأرضية والبحرية». وأشار الى أن «المقاومة انتزعت المبادرة من عدوها ولم تُظفره بأي إنجاز استراتيجي أو تكتيكي، وسحقت كبرياءه المصنوع لعقود على شاشات الإعلام وفي مختبرات الحرب النفسية، سحقته تحت أقدام المجاهدين والمقاومين الأبطال». الى ذلك، اعتبر المتحدث باسم «حماس» سامي أبو زهري تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بأنه وجّه ضربة قاسية للحركة «محاولة يائسة لتبرير الهزيمة والتغطية على حال الإحباط بعد عمليات المقاومة وقدرتها على شل الحياة في إسرائيل». ووصف أبو زهري في بيان أمس «إدعاءات» نتانياهو بأنه «لم يستجب لأي طلب من طلبات المقاومة تصريحات غبية وتتعارض مع نصوص الاتفاق». وكان نتانياهو اعتبر في مؤتمر صحافي في القدسالمحتلة مساء الاربعاء، في اول تصريح له منذ اعلان وقف اطلاق النار مساء الثلثاء، ان «حماس تلقت ضربة قاسية ولم تحقق اياً من مطالبها لتوقيع وقف اطلاق النار». وعدد «نجاحات» عملية «الجرف الصامد» مؤكداً ان «حماس لم تتعرض لهزيمة مماثلة منذ نشوئها». واعتبر نتانياهو انه «لا يزال من المبكر جداً معرفة ما اذا كان الهدوء قد عاد على الامد البعيد»، وهدد برد قوي على إطلاق أي صواريخ من غزة بعد الهدنة. ويتضمن اتفاق وقف النار، الذي اقترحه الوسيط المصري، فتح المعابر لادخال المساعدات الإنسانية والإغاثة ومستلزمات اعادة الاعمار والصيد البحري، وتخفيف للحصار الذي تفرضه اسرائيل منذ 2006 على القطاع الذي يضم 1,8 مليون نسمة. وكانت «حماس» واسرائيل وقعتا عام 2012 اتفاقاً مشابهاً لإنهاء حرب مماثلة . وتم تأجيل البحث في القضايا الاكثر أهمية مثل اطلاق سراح الاسرى او فتح مطار وميناء او نزع سلاح قطاع غزة.