تواصلت التظاهرات الليلية في مدن أردنية عدة لليوم الرابع على التوالي مطالبة برحيل الحكومة وحل البرلمان والإفراج عن ناشطين شبان اعتقلوا الجمعة الماضي بعد أن رددوا شعارات طاولت مؤسسات سيادية في البلاد. وجاءت هذه التظاهرات وسط مخاوف أطراف عدة من تدهور الأمور ووصولها إلى حد المواجهات بين الناشطين والسلطات الأمنية على وقع احتقان متصاعد. وتحوّلت المخاوف إلى حقائق على الأرض ليل الاثنين - الثلثاء عندما اعتقلت السلطات في مدينة الكرك (120 كيلومتراً جنوب عمان) ناشطين جدداً، ما أوقع أحداث شغب عارمة في منطقة راكين التابعة للمدينة الجنوبية. وقال شهود ل «الحياة» إن سكاناً في المنطقة أغلقوا طرقاً رئيسة وأحرقوا دواليب بلاستيكية، فيما قامت قوات الدرك بإطلاق الغاز المسيل للدموع لتفريقهم. وفي مدينة الطفيلة الجنوبية أيضاً، قال ناشطون حراكيون إن الشاب إبراهيم العبيديين الملاحق من الأجهزة الأمنية، سلّم نفسه إلى السلطات «درءاً للفتنة». وقال الناشط مجدي القبالين: «إن العبيديين سلم نفسه درءاً للاشتباك مع الأجهزة الأمنية، بعد أن هدد عدد من أبناء عمومته وأشقائه باستخدام السلاح في مواجهة اعتقال شقيقهم». وفي تطور لاحق، أحيل عبدالله محادين الناشط في حراك عمان إلى سجن «الجويدة» أمس، وقرر المدعي العام توقيفه 15 يوماً بتهمة «التحريض على تقويض نظام الحكم». ويأتي اعتقال محادين ضمن سلسلة اعتقالات نفذتها الأجهزة الأمنية أخيراً طاولت عدداً من الناشطين المتهمين بما يعرف في الأردن ب «إطالة اللسان». في هذه الأثناء، وبينما كان موكب الأمير الحسن بن طلال، عم العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، يخترق الطرق الضيقة وصولاً إلى حي الطفايلة الملتهب أصلاً بشعارات الحراك الشعبي، لزيارة أحد أصدقائه القدامى في الليلة ذاتها، كان المئات من أبناء الحي يتظاهرون على دوار الداخلية وسط عمان احتجاجاً على توقيف ناشطين بتهم «التحريض على مناهضة النظام». ووسط حضور أمني كثيف من قوات الأمن والدرك وقوة أمنية خاصة تضم المئات من عناصر الأمن الملثمين، رفع هؤلاء الشعارات التي وجهت محكمة أمن الدولة تهماً إلى المعتقلين على أساسها، وهو ما اعتبره سياسيون نوعاً من التحدي بين ناشطي الحراكات والسلطات التي أكدت غير مرة أنها لن تسمح بتجاوز القانون والتطاول على مؤسسات سيادية. لكن الاحتشاد على الداخلية، لم يمنع أقارب المعتقلين من استمهال ولي العهد السابق لسماع مطالبهم التي تضمنت الإفراج عن المعتقلين وتحقيق الإصلاح المنشود في البلاد. هذه المطالب، قوبلت بترحاب من الأمير الذي وعد المتجمهرين خيراً وردد عبارات طمأنة من قبيل «إن شاء الله خير». لكن الأمير الحسن الذي ظهر أخيراً مرات إلى جانب ابن أخيه العاهل الأردني، وذلك على غير العادة، زار في اليوم ذاته مدينة مأدبا وسط عمان، والتقى نخبة من أبناء المدينة المصنّفة شعبياً على أنها أحد أهم البؤر الساخنة. وقال الأمير الأردني في كلمة لم تخل من العبارات الملغومة أمام الحضور: «إن بعض المؤسسات الدولية يحرك الحراك ويتقصد إيذاء الأردن، من دون الكشف عن التفاصيل والخلفيات». وأضاف: «أقول للذين يتحدثون عن إقصاء الآخر: ارحموا أباءكم ... الأردن بلد الملاذ والمساواة بين الناس، وتفعيل المواطنة هو العلاج السليم لمشاكلنا». لكن على بعد أمتار من دوار الداخلية الذي شهد ليلة صاخبة حتى وقت متقدم من فجر الثلثاء، حطم مجهولون إحدى الصيدليات المعروفة التي تعود ملكيتها إلى رئيس الوزراء السابق عبدالرؤوف الروابدة، وذلك بعد يومين على قيام مؤيدي الرئيس السابق بضرب مناهضين له حاولوا التجمع أمام منزله (غربي عمان) مطلقين هتافات تتهمه بالفساد. وفي مدينة إربد التي يتحدر منها الروابدة (شمال البلاد)، تظاهر ناشطو المدينة ليل الاثنين - الثلثاء أيضاً، وهتفوا ضد ما وصفوه ب «القمع الأمني»، في مشهد بات مألوفاً في الحراك الأردني الذي انتقل إلى التصعيد منذ أيام. إلى ذلك، أعلن المدير العام لدائرة الأحوال المدنية والجوازات مروان قطيشات أمس أن عدد المسجلين للانتخابات النيابية «تجاوز المليون ناخب وناخبة». وقالت مصادر مطلعة على ما يجري في دوائر صنع القرار ل «الحياة» إن «الانتخابات المقبلة ستجرى عندما يتجاوز عدد المسجلين مليون ونصف مليون ناخب، من أصل ثلاثة ملايين وسبعمئة ألف». وأشارت المعلومات المسربة إلى أن قرار إقالة الحكومة وحل البرلمان مرتبط بتحقيق نسب التسجيل المطلوبة للانتخابات، عندها لن يتردد الملك بالإقدام على خطوة الإقالة والحل، ليصار إلى إجراء انتخابات سريعة قبل نهاية العام.