عادت أجواء التوتر والاحتقان لتسيطر على مشهد الحراك الشعبي الأردني بعد اعتقال الأجهزة الحكومية نحو 20 ناشطاً يتحدرون من عشائر مدينة الطفيلة الجنوبية (179 جنوب عمان) وحيها الكائن وسط العاصمة عمان ليل الجمعة - السبت. وجاءت هذه الاعتقالات عقب تظاهرات خرجت في الطفيلة وحي الطفايلة ظهر الجمعة هتفت جميعها ضد شخصيات سيادية في البلاد. وتحدث ناشطون ل «الحياة» عن اعتقال 15 ناشطاً في الطفيلة و5 آخرين في حي الطفايلة، فيما قالت مصادر الحراك ان الأجهزة الأمنية تطارد عدداً آخر من الناشطين. وإثر ذلك تجمع المئات أمام مبنى محافظة الطفيلة فجر أمس وأعلنوا اعتصاماً مفتوحاً حتى الإفراج عن المعتقلين. لكن الأمور تطورت إلى حال من الشغب بين المتظاهرين وقوات الدرك، اذ ألقى المحتجون الحجارة على أفراد الدرك الذين ردوا بإلقاء الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين الذين هتفوا شعارات طاولت القصر الملكي. وقالت مصادر أمنية أردنية «إن هتافات أطلقها هؤلاء أساءت الى رموز البلاد، وتسببت بحملة الاعتقالات المذكورة». وأضافت: «بعض اللافتات التي رفعها المحتجون، تضمن تطاولاً على المقام الملكي، وهو ما يخالف القانون». وكان رئيس الحكومة فايز الطراونة حذر أخيراً من التطاول على الملك عبدالله، وقال ان الأجهزة الأمنية «لن تسمح بذلك بعد الآن». ويعتبر حراك الطفيلة وحيّها في عمان الأعلى سقفاً لجهة الشعارات التي يرفعها الحراك الأردني منذ مطلع مايو (أيار) العام 2011. وكانت الأجهزة الأمنية اعتقلت عدداً من ناشطي الطفيلة قبل أشهر، قبل ان تفرج عنهم بعد تدخل مباشر من العاهل الأردني. إلى ذلك، واصلت المعارضة الإسلامية، ممثلة بجماعة «الإخوان المسلمين»، شن هجومها على العملية الانتخابية المقبلة، وقالت في بيان أمس: «إن عملية التسجيل للانتخابات تفقد شرعيتها مع مرور الوقت». لكن اللافت ما بثه الموقع الإلكتروني لحزب «جبهة العمل الإسلامي»، الذراع السياسي للجماعة، عن امتلاكه وثائق رسمية تعرض نحو 70 ألف بطاقة شخصية تقول الجماعة انها زورت خلال الانتخابات الماضية العام 2010، محذّرة من استخدامها للانتخابات المقبلة. ونشر الموقع في وقت لاحق ما قال إنه «وثائق مزورة تتضمن إجازتها من دائرة الأحوال المدنية والجوازات». وردا على بيان «الإخوان»، سارعت الهيئة العليا المشرفة على الانتخابات إلى إصدار بيان أكدت فيه «ضمان نزاهة العملية الانتخابية وصحتها». وقالت انها راجعت دائرة الأحوال المدنية التي أقرت «بوجود حالات تزوير للبطاقة الشخصية»، مضيفة انها «بصدد اعتماد نظام بطاقة جديد خلال الفترة المقبلة». لكن القيادي البارز في الجماعة مراد العضايلة قال ل «الحياة»: «طلبنا مراراً من السلطات التحقيق في تزوير آلاف البطاقات خلال انتخابات العام 2010، إلا أن شيئاً من ذلك لم يحدث». وأضاف: «من غير المستبعد أن تستخدم البطاقات المزورة خلال الانتخابات المقبلة أيضا». ولفت إلى أن «الإخوان» يتجهون الى تفعيل ماكناتهم الرقابية والإعلامية، وتجهيز فرق ميدانية لمراقبة الانتخابات المقررة قبل نهاية العام، رغم مقاطعتهم لها احتجاجاً على قانون الانتخاب. غير ان الناطق باسم الحكومة الأردنية الوزير سميح المعايطة رفض اتهامات الإسلاميين، وقال «ان البطاقات التي يتحدث عنها الإخوان قديمة، إنهم يسعون الى التشكيك في نزاهة الإجراءات الحكومية». واكد أن ما جرى في الانتخابات النيابية عامي 2007 و2010 لا يمكن أن يتكرر في ظل الانتخابات المقبلة، في إشارة إلى التجاوزات التي شابت الانتخابات في ذلك الوقت. يذكر أن حالا من التوتر تسود المملكة، بعد أن عاد الحراك المطالب بالإصلاح الى الشارع بقوة منذ أسبوع، والذي أنعشه قرار الحكومة رفع أسعار المحروقات قبل أن تتراجع عنه بتدخل من الملك. وكانت مناطق أردنية عدة شهدت تظاهرات شعبية أول من أمس وجهت انتقادات لاذعة للحكم، وطالبت بحكومة إنقاذ وطني وإقالة حكومة الطراونة.