«ما هو موقف عشيرة آل المقداد من قانون حظر التدخين في الأماكن العامة المغلقة في لبنان الذي يسري مفعوله ابتداء من صباح اليوم، وكيف ستتعامل مع الأمر في حال ضُبط أحد أفرادها بالجرم المشهود؟ هل ستخطف وزير الصحة أم وزير السياحة؟ أم أن جناحها العسكري سيقتحم مقاهيَ ليمارس أعضاؤه التدخين على عينك يا تاجر؟». أسئلة يطرحها نديم الذي قد يصل اعتياده النارجيلة إلى حدّ الهوس. لا يسعه الجزم بقُدرة الدولة على تطبيق القرار في المناطق الساخنة و«المربعات الأمنية» في لبنان، وكيف ستُلزم أصحاب المقاهي في الشمال والجنوب مثلاً بتنفيذ القانون، أو حتى في الضاحية الجنوبية لبيروت... بالقوة؟ أم ستغض النظر؟ الاحتمال الأول قد يُصنّف في خانة المستحيلات، فيبقى الاحتمال الثاني أقرب إلى المنطق. وتتوافق توقعات نديم مع تحليلات ربيع المنبئة بسقوط بعض من هيبة الدولة مع كل قرار تتخذه ولا تقوى على تطبيقه، بدءاً بحزام الأمان في السيارات ومراقبة الطرق بالرادار، وصولاً إلى منع التدخين في الأماكن العامة. يقول، فيما يمجّ نفساً عميقاً من سيجار كوبي سميك: «تأثرت كثيراً بخوف المعنيين على صحتي، لكنني أسجّل عتبي عليهم لإهمالهم مشاكلي الأساسية: الكهرباء والمياه والضمان الاجتماعي وغلاء الوقود واختلال الاتصالات الخليوية، أذكّرهم بعجزهم عن منع زراعة المخدرات وتجارتها مثلاً، والتركيز على قضايا بسيطة ما زال الفرد في مجتمعنا غير مهيأ لاستيعابها». وينص القانون 174 الذي أقرّ العام الماضي، على حظر التدخين في الأماكن العامة المغلقة، وفرض على من يخالفه غرامة بقيمة 90 دولاراً للأفراد. أما الغرامة على المؤسسات أو سائقي سيارات الأجرة أو مالكيها فهي 900 دولار على الأقل. وينظّم القانون إعلانات السجائر والتبغ، ويشمل النارجيلة. وثمة تساؤلات كثيرة عن مدى قدرة الدولة على تطبيق القانون نظراً إلى ضعف إمكانات الأجهزة المختصة، ومنها الشرطة السياحية التي لا يتجاوز عديدها السبعين، وهو عدد لا يكفي بالطبع لمراقبة كل المقاهي والمطاعم. تُؤمن تغريد بالمثل الشعبي القائل «نفّخ عليها تنجلي»، لذلك تشكك بقدرة اللبنانيين على الابتعاد عن هذه العادة لكثرة مشاكلهم اليومية، والإحساس بجلائها في غمرة ضباب نارجيلة أو غيمة سيجارة. وتطالب الشابة العشرينية الدولة بإيجاد حل للإطارات التي يشعلها «محتجون» في الطرقات، مطلقين دخانها الأسود الكثيف عند كل مفترق «مطلبي»، إضافة إلى إطلاق النار العشوائي بعد خطب سياسية ومباريات رياضية، قبل التعدّي على السيجارة وأخواتها. وعلى رغم كثرة المعارضين للقرار، فإن فئة كبيرة ترحّب به. وتوضح زينة التي تعاني الربو: «سأتمكن من تناول الطعام خارج المنزل من دون أن أضيع وقتي في الطلب من هذا أو ذاك، إبعاد دخان نارجيلته أو سيجارته عني». ويرى أحمد أن أجواء الحانات الليلية ستصبح أنقى مع القرار، بعدما كان دخان النراجيل والسجائر يحجب الرؤية والأنفاس النظيفة. وتشير إحصاءات رسمية الى أن التدخين يتسبب في موت 3500 شخص سنوياً، إضافة إلى فاتورة صحية تصل إلى 350 مليون دولار سنوياً. لكن، ماذا عن القطاع السياحي الذي تعلو شكوى أربابه؟ يرى إيهاب، وهو منسق أغان في حانة ليلية، أن التدخين مرادف للسهر، خصوصاً أن البعض يلجأ إليه للتباهي أو الهروب من الوحدة. ويعتبر أن القانون 174 سيضرّ بسَير العمل، بعدما كان لبنان «جنّة المدخنين»، خصوصاً بالنسبة إلى عرب وأجانب هاربين من صرامة القوانين في بلادهم. ويوضح رئيس نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي في لبنان بول عريس ل «الحياة» إن «القرار صارم، على رغم صعوبة تطبيقه، وكان الأجدى أن يمرّ معدّلاً ومتدرّجاً، أن يمهّد للهدف المرجو كما حصل في فرنسا مثلاً». ويقول إن القرار سيتسبب في إقفال نحو 30 في المئة من المطاعم والمقاهي والملاهي، وأن ألفي موظف على الأقل سيخسرون وظائفهم، علماً أن عريس يعمل مع لجان مختصة للبحث في سبل تعديل القرار. وفي حال طُبّق القانون، ثمة نية لدى بعض المدخنين بالتوجه إلى السيجارة الالكترونية، كما ستستبدل بعض المقاهي بالنراجيل النارية أخرى الكترونية، وهي ابتكار لبناني أقل ضرراً وبلا دخان، ولا تحتاج إلى تنباك أو فحم. ويبقى السؤال: «هل سيكتفي المحتجون على القانون بنفث الدخان الإلكتروني، أم سيزيدون «الدخان العام» بإشعال الإطارات في الشوارع؟ (أ ف ب)