على لسان عضو الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسي للإخوان المسلمين، يخرج التصريح بأن هناك ملامح عزم جادة نحو إنشاء قناة فضائية إخبارية مصرية باسم الجماعة، ولعل في طيات هذا العزم ودهاليز العزيمة قراءة مختلفة للمشهد، ورؤية جديدة قد تؤتي أكُلَها وثمارها وقد تحضر عكس الأمل والطموح. القناة المصرية المنتظرة المقبلة - إن ولدت - ستختلف في كثير من التفاصيل عن بقية القنوات التي تعتبر الأصل في ميدان التنافس، حتى وإن تشابهت معها في البُنى الأساسية، والرغبة المتساوية في خلو الجو التنافسي، واستقطاب المشاهد بما يضيف له على أي صعيد، على أن المشاهد العربي يميل في الغالب لمن يستقطب قلبه أكثر من عقله، ويركز على أن يكون العرض مرتكزاً على الأسفل تحت ستار الخطاب من الأعلى. جماعة الإخوان المسلمين، ومن خلال هذا التوجه أو الرغبة الفضائية الجديدة على خط وخريطة العمل الداخلي، لن تغادر عن إطار الجملة الصريحة المتضمنة أن الهدف الأساس هو التلميع وضخ ما أمكن من الرغبات والطموحات عبر شاشة التلفاز، وهي الشاشة التي تمرر كثيراً من الأفكار، وتمهد الطريق بشكل متسلسل من دون أن يتنبه أحد لمحطة الفكرة الأخيرة، ولا يدرك إلى أين سيكون الطريق إلا في وقت متأخر وبعد أن ارتكزت الرماح تماماًَ. تلميع الحزب، ومن ثم الجماعة، لن يكون قطعاً الخط العريض والواجهة الخارجية لأجندة القناة، لكن ومن دون مزايدة على الكلام والعبارات المنمقة ستأخذ ذلك سياسة غير معلنة ومن تحت الطاولة، وستسير بالمشاهد الشعبي من بعدها برفقة كل الأطروحات والاستراتيجيات وأوراق العمل. من يزعم أن هذه القناة ستنقل مصر نقلة هائلة على الصعيد الإعلامي، وتنقل بالتوازي من انجذب إليها تحت تأثير وصدى جماعة الإخوان، فهو إما أنه يتحدث بلغة عاطفية جداً مأخوذة بالانجذاب للحزب والجماعة، أو أنه يدفعنا بمعية المنطق للتصريح بحقيقة احتياجه الماس والعاجل لجرعات علاجية، واختبارات متلاحقة لحاسة النظر ليستوعب كيف هي مصر الآن؟ ومن قبل على الصعيد العربي الإعلامي على الأقل، كون الإخوان يستهدفون بقناتهم في المراحل الأولية المشاهد العربي الذي تأسره لحظات التغيير أياً كانت، لكن الانشغال بهذه القناة قد يضعف خطوات تقدمهم أو رغبتهم في البقاء والصمود في منطقة القيادة غير الآمنة وملتهبة الصراع التي لا تقبل الارتخاء ولا نظرات الضعف أو الانشغال بأجواء التنافس المحسومة سلفاً. الإخوان تفصح نجاحاتهم عن تميز في التكتل الشعبي، والإبهار المنبري، ودغدغة المشاعر والعواطف بالمخزون الهائل الذي تمتلكه منابرهم وقاداتها، فضلاً عن العمل الميداني الخفي سابقاً، والمعلن حالياً، لكن جل عناصر التميز السابقة لا تعني شيئاً بعد أن تحقق الهدف، وهو تزعم مساحة جغرافية هائلة، والمضي بها وسط جملة من المتناقضات والصراعات المتلاحقة، الهدف العام وإن تحقق لكن ما بعد الهدف هو المشروع الضخم والحاسم، مع احترامي لكل الرؤى والقناعات التي تصر على أن مصر ولواءها القيادي الإخواني الجديد سيحدث الفارق والمهنية والتميز بحضرة مقترح قناة، بل الأمر أن يُعْتَقَدَ أن صورة المكان ستصعد للأعلى وتمضي به لحال من الإدهاش الكلي. القناة الإخبارية ستكون من سرب القطيع الفضائي، أو أشبه بإذاعة يومية، مكررة العناوين ومحصورة في إطارات وقوالب وجمل تتمدد بالتمويل والدعم، واكتمال خطوط الدفاع، وتتقلص بالإقصاء وزيادة لاعبي الهجوم لنعود إلى نقطة البدء وسؤال المنعطف: ما الذي ستضيفه للعمل السياسي وجماعته المتحمسة قناة أخبار فضائية؟ [email protected] @alialqassmi