من الإنجازات التي لا يمكن تجاهلها نمو عدد مصانع الأدوية والأجهزة الطبية في المملكة خلال الأعوام الأخيرة بنسبة 25 %، فبلغت مصانع الأجهزة الطبية 150 مصنعًا، في الوقت الذي زادت مصانع الأدوية إلى 56 مصنعًا، ليصل العدد ل206 مصانع، خلال الفترة من 2019 إلى 2023 بقيمة إجمالية تجاوزت 10 مليارات دولار بحسب تصريحات وزير الصناعة والثروة المعدنية في ملتقى الصحة العالمي الماضي إضافة للبدء في توطين صناعة 42 دواء، يعد من أهمها توطين صناعة الإنسولين، باستثمارات حكومية، وخاصة. إن تلك الأرقام مبشرة بصناعة دوائية كبيرة، تخفض فاتورة الاستيراد، ولكن الواقع يقتضي أن تكون أعداد المصانع أكثر، لتناسب الاحتياجات المحلية، حيث تغطي صناعة الأدوية في المملكة 42 % من احتياجات السوق المحلية، من حيث الحجم ولكن 28 %من حيث القيمة، لأن هناك مشكلة كبيرة واجهتها الشركات العالمية، إذ لم تكن هناك حماية لحقوق الملكية الفكرية، ولكن في الآونة الأخيرة مع تفعيل عمل الهيئة السعودية للملكية الفكرية أصبح المجال مفتوحاً للشركات العالمية لتضمن حقوقها، وتحافظ على حقوق الملكية الفكرية، ومن ثم يسهل توطين صناعة الدواء في المملكة، ودعم الاستثمارات الأجنبية إلى جانب الاستثمارات المحلية، إذ إن المناخ الاستثماري في المملكة أصبح جاذباً مع وجود حقوق الملكية الفكرية التي تحمي الابتكارات الجديدة. ما زلنا نطمح في المزيد؛ لماذا؟ لأن حجم السوق العالمية للأدوية يبلغ 1.1 تريليون دولار، وتقدّر حصة منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا 31 مليار دولار، فيما تعد المملكة أكبر سوق للأدوية في المنطقة ب32 % من إجمالي حصة منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، لذلك نرى أن دعوة الدولة للمستثمرين في هذا الوقت في غاية الأهمية؛ لاستغلال الفرص النوعية في قطاع صناعة الدواء في المملكة، التي يزيد عدد الأدوية المستخدمة فيها على 8 آلاف دواء، وهذا عدد هائل، يمكن أن يحدث طفرة نوعية في صناعة الأدوية تبشر بقرب الاكتفاء الذاتي، أو على الأقل خفض نسب الأدوية المستوردة. جميعنا يعلم أن صناعة الدواء أمن وطني قومي استراتيجي لأي دولة في ظل التحديات الصحية والسياسية التي تضرب المنطقة والعالم التي كان تأثيرها على سلاسل الإمداد خطيراً وقت أزمة جائحة كورونا، لذا من الضروري أن تتم الدعوة لصنّاع الأدوية المحليين ونظرائهم العالميين في مؤتمر عالمي على أرض المملكة؛ لبحث الفرص الاستثمارية الواعدة، وأن تُعرض عليهم التشريعات الجديدة، خاصة فيما يتعلق بحقوق الملكية الفكرية التي كانت عائقاً في السابق لتوطين هذه الصناعة، إضافة للمحفزات التي توفرها المملكة للمستثمرين للشركات الكبرى حال نقل تقنيات صناعة الدواء إلى المملكة، لتكون عنصر جذب للابتكارات العالمية في صناعة الدواء، خاصة في ظل حدوث نجاح ملحوظ على صعيد تصدير الأدوية السعودية إلى الخارج بقيمة ملياري ريال خلال العام المنصرم 2023م، وما زال الأمل موجوداً وبقوة في ظل الفرصة المتاحة لتوطين صناعة 200 دواء جديد، ما يفتح الأبواب أمام الاستثمار في الكوادر البشرية، خاصة خريجي كليات الصيدلة، وفي تلك المرحلة ستشهد المملكة طفرة حقيقية في تطوير منظومة التعليم الجامعي والدرجات العلمية الكبرى، والاستفادة من المبتعثين بتخصصاتهم النادرة القادرة على إحداث الفارق في صناعة الأمن الدوائي، ضمن منظومة صناعة وطنية قوية، تحقق الريادة للمملكة في هذا المجال، وهي قادرة على ذلك بفضل الله تعالى.