استنفرت السلطات المصرية أمس في شبه جزيرة سيناء تحسباً على ما يبدو من هجوم واسع لقوات الجيش على مواقع المسلحين في الجبال، فيما ردت القاهرة على تصريحات مسؤولين إسرائيليين طالبوا فيها بسحب الآليات الثقيلة من سيناء، وأكدت أنها «تمارس حقها في السيادة على أراضيها»، وقال المتحدث باسم الرئاسة ياسر علي، إن بلاده لم يصلها أي موقف أو احتجاج رسمي من جانب إسرائيل في شأن التعزيزات العسكرية في سيناء، مؤكداً أن مصر تحترم التزاماتها والمعاهدات الدولية التي هي طرف فيها «مع احتفاظها بحقها المطلق في تأمين سيناء باعتبارها جزءاً مهماً من أراضيها». وأضاف «أن أمن سيناء جزء من منظومة الأمن المصري الذي لن يحول دونه أي شيء»، وشدد على أهمية السيادة المصرية في سيناء، وقال: «لا نخضع لأي إملاءات من أحد». وجرى أمس إعادة تشغيل معبر رفح في اتجاه واحد بعد إغلاقه خلال عطلة عيد الفطر، حيث سمح للفلسطينيين بالعبور من الجانب المصري إلى داخل القطاع فقط. ولوحظ أمس استنفار وتحركات غير اعتيادية في رفح والعريش والشيخ زويد (شمال سيناء)، ما يشير إلى قرب تنفيذ القوات المشتركة للجيش والشرطة لعملية على الاماكن التي يتحصن فيها المسلحون في جبال وصحراء سيناء، حيث كثفت السلطات وجود الاطباء في المستشفيات، كما زادت مكامن الشرطة وكثفت إجراءات التفتيش على الطرق الرئيسية. وتأتي تلك الإجراءات بعد يومين من زيارة لوزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي تردد أنه وضع خلالها اللمسات الأخيرة قبل الهجوم على مواقع المسلحين. وقال مصدر طبي في شمال سيناء إنه تم دعم مستشفيات رفح والعريش بأطقم طبية متخصصة لمواجهة المستجدات خلال العملية الأمنية، وإن فريقاً طبياً من وزارة الصحة يضم 6 أطباء متخصصين يتواجد في مستشفى العريش العام استعداداً لتداعيات الحملة، ويضم أطباء متخصصين في حالات الطوارئ والعناية المركزة والجراحة العامة والعظام، وإن فترة وجودهم في مستشفيات شمال سيناء ليست محددة التوقيت لكنها مرتبطة بانتهاء العملية الأمنية. وأفيد أن قوات من الجيش والشرطة تعكف على عمل قاعدة بيانات لحوالى 120 مسلحاً في سيناء لتحديد أماكنهم ووضع خطة لتوقيفهم أو القضاء عليهم، وهذه المجموعة، التي قالت أجهزة الأمن إنها تعتنق فكراً جهادياً تكفيرياً، نسبت اليها أجهزة الأمن الضلوع في أعمال استهداف ضباط وجنود من الجيش والشرطة، ما ادى إلى استشهاد وإصابة عدد منهم وتفجير خطوط الغاز الطبيعي واستهداف قسم شرطه ثاني العريش وأخيراً استهداف نقطة تأمين حدودية جنوب رفح استشهد 16 من أفرادها وأصيب 7 آخرين. وأكد مصدر أمني أن مراحل العملية تتم وفق معلومات يتم الاستدلال بها وليس هدفها الانتشار للتواجد، وأن قاعدة البيانات يتم تحديثها وقتياً وفقاً للمعلومات الواردة حول العناصر المطلوبة وأماكن وجودهم لمداهمة تلك الأماكن التي يتحصنون بها. ونفى المصدر توقف مراحل العملية الأمنية، لافتاً إلى أنها تمر بمرحلتين، إحداهما جمع معلومات وتحديثها، يليه تحديد الأهداف والمواقع التي يتحصن فيها المسلحون. واعتقلت قوات الأمن أمس اثنين من المطلوبين أمنياً، وقالت مصادر إن «قوات من الجيش والشرطة داهمت منزلين في العريش من أجل اعتقال عناصر جهادية مطلوبة، وأسفرت العملية عن اعتقال عنصرين، واحد في حي السبيل غرب مدينة العريش والآخر في شارع أسيوط في قلب المدينة، وتمكنت قوات الأمن من ضبط عدد من المشاركين في قضايا المخدرات وثلاثة من المشتبه فيهم، وكذلك خارجين عن القانون. وشدد مصدر عسكري مطلع عزم القوات المسلحة على استمرار حملة «نسر» في سيناء للقضاء على البؤر الإرهابية، وقال ل «الحياة» أمس: «القوات المصرية تتحرك على أرض مصرية، بهدف تحقيق الأمن واستتبابه في شبة جزيرة سيناء، ولن يثنيها أحد عن ذلك». وأردف: «حالة قلق دول الجوار ليس لها مبرر»، إلا أنه قال: «من الممكن الحديث في هذا الشأن وإرسال تطمينات بشأن ما يجري من تحركات عسكرية في سيناء»، وأعلن مصدر عسكرى مسؤول عن استعدادات قوات حملة «نسر» لتوجيه ضربات «نوعية» للبؤر الإرهابية في سيناء، بخاصة في الوسط وعلى أطراف جبل الحلال، الذي يعد معقل الإرهاب في سيناء، لافتاً إلى أن الطائرات العسكرية تقوم بعمليات مسح جوي شامل للمناطق الجبلية والصحراوية ومناطق الزراعات، تمهيداً لتحرك قوات برية مدعمة بقاذفات صواريخ ومدرعات ومجنزرات وعربات هجوم سريع وقوات كبيرة وتطهير جميع المناطق من العناصر الإجرامية. وقال المصدر ل «الحياة»، إن هذه الضربات تأتي في إطار مواصلة العملية «نسر» التي بدأتها القوات المسلحة بالتنسيق مع الشرطة إثر العملية الإرهابية في رفح وأسفرت عن مقتل 16 عسكرياً من قوة حرس الحدود.