بدا أن السلطات المصرية تسير في خطين متوازيين في مسعى منها لحل المعضلة الأمنية في شبه جزيرة سيناء. وبالتزامن مع عملية «نسر» التي تنفذها قوات الجيش والشرطة في شمال ووسط سيناء لاستهداف مسلحين، أظهرت الأيام الأخيرة أن الحكومة المصرية تعي جيداً أن الحل الأمني وإن كان ضرورياً في هذه المرحلة لكنه لا يكفي على المدي البعيد. ومنذ ما بعد الهجوم الدامي على قوات الجيش في رفح المصرية تحاول السلطات البحث عن حلول بعيدة المدى تضمن انتشال هذه المنطقة من براثن الجماعات المسلحة. وتعهد الرئيس محمد مرسي في أكثر من مناسبة ب»حل معضلة تمليك الأراضي لبدو سيناء»، التي يشكو منها السكان هناك منذ ما بعد تحرير سيناء، كما وعد بوضع سيناء على خريطة الاهتمامات. وتسعى الحكومة إلى إظهار أنها جادة في تلبية وعود الرئيس، وأبدت اهتماماً بتنمية شبه جزيرة سيناء، وقالت إنها تسعى إلى زيادة الاستثمارات هناك، وإنها تخطط إلى توطين مليون شخص وزراعة 200 ألف فدان في وسط سيناء. ورصدت الحكومة بليون جنيه مصري، إضافة إلى 5.5 مليون دولار منحة من وكالة التنمية الأميركية خُصصت لسيناء، لتلبية الاحتياجات العاجلة، وأفيد بأن الحكومة تعكف على إصدار خريطة استثمارية لسيناء تتضمن تحديد كل المواقع والفرص الاستثمارية في سيناء. وكان الدكتور صلاح عبد المؤمن وزير الزراعة واستصلاح الأراضي المصرية، أكد أن الحكومة وضعت مخططًا متكاملاً لتنمية سيناء في أسرع وقت ممكن، تلبية لدواعي الأمن القومي يتضمن استصلاح وزراعة 200 ألف فدان في وسط سيناء، وكشف عن اتفاقات تعاون سيتم التوقيع عليها خلال أيام بين القاهرة ومستثمرين أجانب وعرب ومصريين للمشاركة في تنمية سيناء. ويأتي ذلك في وقت تحاول السلطات المصرية بسط سيطرتها على سيناء التي تنتشر فيها جماعات مسلحة متعددة الانتماءات، وكثفت قوات الأمن من وجودها في مدن رفح والعريش والشيخ زويد (شمال سيناء) لا سيما في الأماكن الرسمية والمنشآت الدينية، كما نشرت المكامن على مداخل الطرق وقامت بعمليات تفتيش واطلاع على الهويات، لكن سيناء لم تشهد أمس عمليات دهم أو تمشيط للأماكن التي يتوطن فيها مسلحون. وأقر مسؤول أمني بتوقف عمليات ملاحقة المسلحين أمس، لكنه أوضح أن العمليات تأتي بعد ورود معلومات بأماكن يتوطن فيها المسلحون من ثم تتحرك الدوريات الأمنية لاستهدافها وهو ما لم يحدث أمس، مشيراً إلى أن العمليات تقوم على محورين الأول جمع المعلومات بعدها تتحرك القوات. وأقر المسؤول في حديثه ل «الحياة» بعدم رغبة السلطات الأمنية في الدخول في صراع مسلح مفتوح مع المسلحين في المناطق الصحراوية والجبلية. وقال «قد تأتي هذه العملية في وقت لاحق لكننا اليوم نركز على استهداف هذه الجماعات في عمليات نوعية ما يؤثر في معنوياتهم قبل الدخول في معركة واسعة». وأوضح المصدر أن المسحلين المستوطنين في الجبال ينقسمون إلى أربع مجموعات الأولى من صدرت في حقهم أحكام غيابية بعد إدانتهم في قضايا تجارة مخدرات وسلاح، إضافة إلى مجموعات جهادية تمكنت من الفرار إلى الصحراء خلال عمليات الدهم التي كانت شهدتها سيناء العام 2005 وكانوا في حينها صغار السن. وانضمت اليهم مجموعات جهادية سمحت السلطات المصرية بدخولها في أعقاب الثورة، إضافة إلى مجموعات أخرى تمكنت من الفرار من السجون في أعقاب اقتحامها، وأشار إلى تعاون بين هذه المجموعات خصوصاً أن أعضاءها تلقوا تدريبات على يد عناصر خارجية ولديهم اتصالات بعناصر فلسطينية. وقررت أمس جماعة تطلق على نفسها اسم «السلفية الجهادية في سيناء» نفي صلتها بحادث مذبحة الجنود المصريين على الحدود في رفح، وأكدت أنه ليس من منهج أعضائها قتل الجنود المصريين ومهاجمة مواقع الجيش. وأوضحت الجماعة في منشورات وزعت أمس في محافظة السويس عقب صلاة العيد، أن مواقع الجيش المصري مكشوفة في سيناء ولم تقدم الجماعة على الهجوم عليها، واتهمت إسرائيل بأنها «وراء هذه الفتنة»، لكنها أقرت بتمركزها في سيناء وأنها تستهدف إسرائيل والإسرائيليين وليس القوات المصرية.