توالت الأحداث على قضية المخطوفين السوريين وأحد المخطوفين التركيين في لبنان لكن من دون أن يقابلها أي تطور يذكر في ملف المخطوفين اللبنانيين في سورية. وإذا كان نبأ تعرض المخطوف التركي ايدن توفان لدى «عائلة المقداد» لانتكاسة صحية استدعت طلب الطبيب لمعالجته، فإن أربعة سوريين في لبنان تعرضوا امس، لعمليات خطف متنقلة بين بيروت والبقاع من قبل مجهولين، نفى آل المقداد علاقتهم بهم، لأنهم على حد قول الناطق باسم العائلة ماهر المقداد، متمسكون ب»الالتزام بوقف العمليات العسكرية»، وبادرت العائلة في المقابل إلى إطلاق سوري مخطوف لديها كبادرة «حسن نية»، وهو كان خطف الجمعة الماضي، أي بعد يوم على إعلان وقف العمليات «المقدادية». وعلمت «الحياة» أن المخطوف التركي توفان الموجود لدى «الجناح العسكري» للعائلة أصيب بإعياء شديد استدعى طلب الطبيب، وأن إصابته لا علاقة لها بالرشح أو الكريب، وأن الطبيب الذي أخذ إلى مكان احتجازه، من دون أن يتبين المكان، وصف للمخطوف اكثر من دواء للعلاج وأن وضعه حالياً ليس متدهوراً وإنما لا يزال تعباً». إطلاق مخطوف سوري وكانت «رابطة آل مقداد» أفرجت عن السوري محمد عادل السليمان محمد، «لمناسبة عيد الفطر». وسلمه الناطق باسم العائلة ماهر المقداد في مقرها في الرويس (ضاحية بيروت الجنوبية) إلى مندوبة «المؤسسة اللبنانية للإرسال» في حضور والد المخطوف في سورية سليم حسان المقداد، وبدورها نقلته الزميلة الإعلامية مع الطاقم التلفزيوني في سيارة المحطة الإخبارية اللبنانية إلى منزله في محلة رأس النبع في بيروت، في غياب أي مسؤول رسمي امني أو سياسي لبناني. وأمام كاميرا البث المباشر التي رافقت المخطوف من الاحتجاز إلى «الحرية»، تحدث محمد سليمان محمد لوالد حسان متمنياً إطلاقه، وناشد عبر الكاميرا الخاطفين الإفراج عن كل المخطوفين اللبنانيين كما افرج عنه. وأكّد والد حسان المقداد «أنّ الجناح العسكري للعائلة أوقف عملياته العسكرية، ونحن لا نتحمل مسؤولية أيّ عمل قد يحدث ولكن للصبر حدود». ورد محمد: «أرجو من الجهة الخاطفة أن يسمعوا نداء الأب المفجوع وأن يمنعوا حصول الفتنة، ومن الدولة اللبنانيّة إذا أرادت الحفاظ على الاستقرار أن تتدخل لحلّ هذه المشكلة». ومحمد هو من أكراد سورية وتحديداً من القرى التي تقع على الحدود مع تركيا. ويعمل ناطوراً في البناية التي يسكن في غرفة فيها منذ خمس سنوات، وكان في انتظاره لدى عودته زوجته وطفلاه فيما يتوارى أبناؤه الثلاثة الآخرون، كما قالت والدتهم ،خوفاً من أن يطالهم الخطف أيضاً، وأكد محمد انه «ناشط في مجال حقوق الإنسان، وإن الخاطفين المسلحين حين دخلوا منزله الجمعة الماضية فتشوا البيت كله وأخذوا الكمبيوتر المحمول الذي يملكه»، وأوضح انه لم يعلم سبب خطفه، قائلاً: «أنا اعمل ضد العنف ومواقفي معلنة وأنا أدعو كل الأطراف إلى إخماد نار الفتنة». وأشار محمد إلى انه لم يعرف أين كان محتجزاً لكنه كان إلى جانب اكثر من 10 سوريين مخطوفين مثله ولم يلتق بأي تركي هناك، وأن المعاملة كانت جيدة»، وأكد إعادة جهاز الكومبيوتر إليه الذي «يوجد فيه كل نشاطي الحقوقي». وانتقل محمد بعد المنزل إلى خيمة أهالي المخطوفين في سورية خلال الحرب اللبنانية، والمنصوبة في وسط بيروت، منذ 7 سنوات، وهو كان يرتادها دائماً في إطار نشاطه الحقوقي. وعقد ورئيس لجنة «دعم المعتقلين والمخطوفين» غازي أبي عاد مؤتمراً صحافياً مشتركاً فجدد محمد القول إن المسلحين الذين اختطفوه فتشوا المنزل عن بكرة أبيه وتمنى «ألا تتكرر عملية الخطف لأنها جريمة بحق الإنسانية وليست حلاً لكل الأطراف». وحمّل محمد «المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في لبنان مسؤولية عدم حمايته هو وأولاده وتركهم لحالهم على رغم أن ملفه الذي يطلب فيه اللجوء السياسي إلى بلد غير لبنان موجود لدى المفوضية منذ سنوات ولم يجر البت به». أما أبي عاد فأكد أن محمد «جاء إلى لبنان في العام 2008 وطلب اللجوء من المفوضية لكن ملفه لا يزال عالقاً وهناك طالبو لجوء مثله كثر لم يبت بوضعهم». وحمّل بدوره المفوضية مسؤولية ترك محمد وغيره من دون حماية أو حتى إدانة لما تعرض له». وقال إن المجتمع الدولي لا يكتفي بالصمت عن حالات الخطف التي يتعرض لها اللبنانيون في سورية أو السوريون في لبنان وإنما أيضاً يتلاعب بمشاعر أهاليهم، ونحن كأهالي مخطوفي حرب نعرف اكثر من غيرنا الآلام المترتبة عن ذلك ونرفض العودة بلبنان إلى زمن الخطف». واعتبر أن التحرك الذي قام به الأهالي امس، (سبق إطلاق محمد اعتصام في خيمة المخطوفين وتلاوة بيان يدين عمليات الخطف على الأراضي اللبنانية والتسيب الأمني غير المبرر) كان «السبب وراء إطلاق محمد»، وتمنى على الجميع «الإفراج عن المخطوفين وإلا ما الفرق ساعتئذ بين النظام والمعارضة»، منتقداً «تفرج الدولة اللبنانية»، وقال: نحن لم نغلق ملف خطف لندخل في ملف جديد، ووزير العدل الذي سبق أن وعد بهيئة وطنية لمتابعة قضية المخطوفين لم يأت بجديد منذ 8 اشهر». عمليات خطف جديدة وكانت الوكالة «الوطنية للإعلام»، أوردت تقارير عن عمليات خطف جديدة بحق سوريين موجودين على الأراضي اللبنانية. وذكرت أن رهف حسن مشهداني ادعت أمام مخفر بيت شاما في بعلبك انه عند منتصف ليل أول من امس وبالقرب من مفرق بدنايل (البقاع الشمالي) اقدم أربعة ملثمين يستقلون سيارة جيب رمادية اللون على خطف زوجها خالد محمد المشهداني (مواليد 1982 -إدلب) من أمام منزله وفروا به إلى جهة مجهولة وتردد ان السبب طلب فدية. وادعت السورية عائشة عبد الرزاق لدى فصيلة المريجة في قوى الأمن الداخلي، أن مجهولين يستقلون سيارتين رباعيتي الدفع خطفوا شقيق زوجها السوري إبراهيم احمد اليحيا (27 سنة) في منطقة المريجة (الضاحية الجنوبية)، واقتادوه إلى جهة مجهولة، بعدما هددوه بالقتل. واختفت آثاره منذ عصر أول من امس. كما ادعى شخص أن قريبيه السوريين جمعة الهجيج ومحمد مسعود اختفيا أول من امس من منطقة الأشرفية - حي السريان. ويحتمل أن يكونا اختطفا بسيارة رباعية الدفع مجهولة السائق. سامي الجميل: الدولة رهينة وفي السياق، رأى منسق اللجنة المركزية في حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل في حديث الى التلفزيون الفرنسي انه «طالما ان هناك سلاحاً خارج إطار الدولة ويستعمل للضغط السياسي في الداخل، فإن من غير الممكن ان تكون لدينا ديموقراطية حقيقية، وهذا يتجلى اليوم على الساحة الداخلية من خلال وجود أشخاص مسلحين يعقدون المؤتمرات الصحافية بوجوه ملثمة، في وقت ان الدولة تفاوضهم بدل السعي الى قمعهم وتطبق القانون على الجميع، وبالتالي فإن الدولة أصبحت رهينة مجموعة سياسية اليوم في لبنان تدعى حزب الله». وأكد «ان الجيش لا يحظى بالدعم الكافي من السلطة السياسية للقيام بواجباته وفرض السلطة والسيادة والاستقلال، وهذا ما ينقصه، اي القرار السياسي للحزم في وجه كل المجموعات المسلحة الموجودة على الاراضي اللبنانية وهي خارجة عن القانون والدستور». واتهم «النظام السوري بمحاولة ايجاد حالات عدم استقرار في لبنان وهو المستفيد الوحيد من حالات الخطف في شكل او في آخر، ما يفتح المجال امام تصدير الأزمة السورية الى الداخل اللبناني وهذا نوع من التهديد المستمر من قبل النظام السوري بأنه قادر على تفجير المنطقة في اي لحظة». واذ رأى انه لا يمكن ان يجري حمل السلاح بهذه الطريقة في الضاحية الجنوبية من دون اي علاقة ل «حزب الله» وحركة «امل»، حذر السلطات اللبنانية من «انه في حال لم تقم بواجبها الدستوري بحماية اللبنانيين وتأمين الاستقرار لهم ومنع الخروج عن القانون وقطع الطرقات واستعمال السلاح بهذه الطريقة، فنحن متجهون لا مفر الى حرب لبنانية جديدة».