قدَّر الله أن يكون موقع بلادنا «المملكة العربية السعودية» في قلب العالم، تأوي إليها أفئدة أكثر من بليون و600 مليون مسلم، كونها مهبط الوحي، فيها الحرمان الشريفان، ومنها انطلقت الرسالة المحمدية، ومن هنا اكتسبت أهميتها الدينية والسياسية والجغرافية على وجه الخصوص، والمملكة قارة بذاتها، ولا أخالها إلا سادس القارات الخمس، بل أمة تحمي - بعد الله - الحرمين الشريفين، وتوليهما أشد عنايتها «خدمة ورعاية وعناية»، ترى ذلك من أولى واجباتها بلا منّة، ولا أدلُّ على صدق هذا التوجه وإخلاصه للمولى عز وجل، أن تحلى قائد هذه الأمة بلقب «خادم الحرمين الشريفين»، وجسّد أقواله بأفعاله المتتالية والمتعاقبة، خدمة للأمة بأسرها، ومن واقع عظم المسؤوليات الجسيمة الملقاة على عاتقها، ترى بلادنا دائماً في طليعة الدول التي تعيش همّ الأمتين العربية والإسلامية، تكون حاضرة في المشاهد كلها، من خلال مبادراتها الخيرية الاستباقية، لا سيما ما يتعلق بالمصير . العالمان العربي والإسلامي في هذا العصر، يعيشان ظروفاً استثنائية غير مسبوقة، لم نشاهدها في حياتنا المعاصرة، ثورات واضطرابات في بلدان عربية إسلامية، واعتداءات تطهيرية عرقية عنصرية على إخوان لنا في العقيدة في بقع كثيرة من هذا العالم، الذي تكيل قواه الدولية بمكيالين، تجسد شريعة الغاب، يأكل القوي فيه الضعيف، وسط صمت قوى العار والدمار الدولية، بل بمباركة منها ومبعوثيها، وأمام هذه العواصف المخيفة التي تذر هبوبها على أمتنا الإسلامية في الشرق والغرب ومن حوالينا، رأى قائد مسيرتنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أن عليه واجباً لا بد أن يبرئ ذمته منه، نصرةً للمكلومين في بورما وفلسطين والصومال واليمن ومصر وغيرها، خصوصاً سورية التي تشهد جرائم الشبيح «بشار الأسد»، حركت صرخات الثكالى والمكلومين هنا وهناك، مشاعر قائدنا المظفر، ولا غرو في ذلك، فأمتنا المكلومة في هذه الفترة العصيبة، تعيش حال انقلابية في ظروفها الآنية القاسية، تحتاج لوقفات وهبّات القادة المخلصين المحنكين، لتتخلص من أزماتها السياسية المضطربة، التي صنعتها أنظمة دكتاتورية حقبات من الزمن كلها فقر وتخلف وظلم، هذه الشعوب المظلومة من أنظمتها الدكتاتورية المجرمة، لم تجد لها مخلصاً بعد الله، غير خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، والواقع يشي بذلك، هموم شعوب هذه البلدان المضطربة تهيم في عقل هذا الإنسان، وتسري في جسده، يصدق عليه قولنا «رجل في أمة وأمة في رجل»، إي والله، هاتوا لي يا جماعة الخير في هذا العصر قائداً بصفات وخصال «عبدالله بن عبدالعزيز»، ملك المملكة العربية السعودية، حاضنة الحرمين الشريفين، كثيراً ما نسمع تأسفه وامتعاضه الشديدين، جرّاء الحالات المتردية في بعض البلدان الإسلامية، وعلى رغم أن السماء ملبدة بالغيوم، وأن النفوس مائلة عند البعض ومتعكرة، إلا أن ذلك كله لم يثنِ صاحب العقل الكبير وداعية السلام النزيه «أبو متعب» مليكنا المفدى، أن يدعو وبصفة عاجلة لعقد مؤتمر التضامن الإسلامي الاستثنائي في رحاب مكةالمكرمة، وفي هذه الليالي العشر الأواخر المباركة من هذا الشهر الكريم، ولأنه الرجل الصادق قوي الإيمان بربه، صاحب التفكير والتوجه السليم، رأى مناسبة استغلال هذه الأيام المباركة في جمع إخوانه قادة الدول العربية والإسلامية لبحث الظروف المفصلية التي تمر بها أمتنا في بقاع شتى، هذا الرجل «الإستثنائي» متفائل جداً بخالقه - جل في علاه - بأن يمنحه ما يصبو إليه فؤاده المحترق، من شفقة بحال أمته، وبحال من يتعرض منها لتطهير عرقي، كما في بورما، أو توسع في بناء المستوطنات والتهديدات المستمرة لثالث الحرمين الشريفين المسجد الأقصى المبارك، ولإخواننا في فلسطين من اليهود الغاصبين الذين استغلوا الظروف المحيطة، ودعم القوى الحرامية المجرمة لهم، أو ما يشهده إخواننا في الصومال من فقر مدقع وحال بئيسة لا تحتمل، أو عبث القاعدة والحوثيين في اليمن السعيد، أو مآلات الأحداث الأخيرة في مصر العروبة، أو في دول أخرى يُضطهد فيها المسلمون، أو هيجان النظام البعثي «البشاري»، الذي خرب الديار السورية، وهتك الأغراض، وقتل الأطفال والشيوخ والنساء، ودمر المساكن تحت مظلة الروس والصين وإيران بذراعيها الأسودين «حزب الشيطان اللبناني، وحزب المالكي الشيعي العراقي»، حتى بات الوضع قاب قوسين أو أدنى من التفجر الذي لا يعلم عواقبه غير الله. الملك عبدالله بن عبدالعزيز استشعر هذه المخاطر المحيطة بالمنطقة والملمة بأمته هنا وهناك، يرى أن عليه مسؤولية جمع هؤلاء القادة ووضعهم أمام هذا الأمر الواقعي المرير ، وأن استمراره ليس في مصلحة الشعوب العربية والإسلامية، ولا حتى في مصلحة العالم أجمع، نعم هذا القائد الفذ سيدعو القادة إلى نبذ الخلافات المختلقة والمصطنعة من العدو الحقيقي للأمة، وتحكيم العقل المجرد من الرغبات والأهواء للوقوف سداً منيعاً في وجه المتربصين في هذه الأمة، ووضع حد فاصل للأوضاع المتدهورة في سورية التي يقودها جاهل متهور، سلم عقله للشياطين الحمر والسود من حوله. شعوب الأمتين العربية والإسلامية تتوق لأن يترجم هؤلاء القادة والزعماء، التوجهات والنيات الصادقة، لهذا القائد الملهم «الملك عبدالله بن عبدالعزيز»، ويستشعرون شرف المكان والزمان، ليتجاوزوا هذه المحن والرزايا التي بليت بها الأمة، فنحن في هذا الوقت الصعب، في أمس الحاجة لتحقيق أسس التضامن العربي والإسلامي، وجعلها تسمو على الخلافات بيننا، مهما علت واتسعت فجوتها، فالخير كله لنا جميعاً، أن نجلس معاً، وأن نفكر معاً، وأن نعمل بإخلاص، وأن تتوحد كلمتنا وهدفنا، لا من أجل تحقيق قواسم مشتركة بيننا، ممكن تحقيقها بطرق شتى، لكن من أجل أن نبعد دولنا وشعوبنا مخاطر حقيقية تهدد أمنها وسلامتها ووجودها، بقي القول، إنها الحقيقة لا غير «قمة في قلب أمة» يقودها رجل في أمة، متعلقة فيها آمال الأمة... ودمتم بخير. dr-al -jwair@ hotmail.com