انتقل الخلاف على قانون الانتخاب في لبنان الى المجلس النيابي مع إقرار مجلس الوزراء أمس مشروعاً يعتمد النسبية على أساس 13 دائرة انتخابية، لقي رفضاً قاطعاً من وزراء «جبهة النضال الوطني» النيابية التي يتزعمها النائب وليد جنبلاط، والذي ينتظر أن تعارضه أيضاً في البرلمان قوى 14 آذار. في موازة ذلك، انتقلت قضية المخطوفين اللبنانيين ال11 في سورية الى مرحلة جديدة بسفر وفد من أهاليهم الى تركيا للتواصل مع الخاطفين، بعد أن طلب أحد قادتهم ذلك من الإعلاميين الذين اتصلوا به. وجاء رد الفعل الفوري على مشروع قانون الانتخاب الجديد الذي يدمج أقضية ودوائر انتخابية ببعضها بعضاً وفق صيغ لن تلق تأييدا، بالرفض القاطع من كل من رئيس الحكومة السابق سعد الحريري وجنبلاط. وقال الحريري: «إن أقل ما يقال في مشروع القانون هذا إنه موجه ضد أكثر من نصف اللبنانيين، وليكن معلوماً منذ اللحظة الأولى أن هذا المشروع مرفوض ولن يمر». وأضاف: «لقد قدمت الحكومة مشروع قانون على قياس حزب الله وحلفائه، سواء من خلال النسبية أو من خلال تقسيم الدوائر، وهو من شأنه في حال إقراره في مجلس النواب أن يسلم القرار السياسي والوطني اللبناني بالكامل الى الفريق الذي يمسك بقرار الحكومة حالياً». واضاف: «أجريت مكالمة هاتفية مطولة (أمس) مع الرئيس ميشال سليمان، وأبديت رفضي الكامل لعملية تهريب مشروع القانون من خلال حكومة، هو يعلم تماماً أنها تمثل أقل من نصف اللبنانيين. وإنني بالتالي أحمل مسؤولية ما حصل وتداعياته السياسية الى رئيس الجمهورية ومعه رئيس الحكومة المسؤول عن تغطية هذه الهرطقة بحق الديموقراطية وبحق الفئات التي يزعم أنه يمثلها». وقال جنبلاط ل «الحياة»، تعليقاً على إقرار مشروع قانون الانتخاب الجديد في مجلس الوزراء: «لقد ظهر الجو المتوتر طائفياً ومذهبياً، وسنعالجه في المجلس النيابي. إن حال البلاد غير طبيعية. وكي تكون طبيعية يجب أن يشعر جميع اللبنانيين بالطمأنينة والأمان تحت سقف دولة واحدة وسلطة واحدة، لها قرار السلم والحرب الذي لا يمكن إلا أن يكون قرار الدولة». وأضاف: «القوانين الانتخابية التي يراد منها تسليط جهة سياسية على جهات أخرى لا يمكن أن تؤمن الاستقرار. ولا يمكن تأمين الاستقرار إلا من خلال سلطة الدولة على كل الأراضي اللبنانية، ومن خلال الخطة الدفاعية التي قرارها لبناني ولبناني فقط. فهذا هو الذي يغني البعض عن نفي أنهم الطائفة الواحدة الحاكمة أو القائدة. نريد دولة واحدة قائدة وليس طائفة واحدة قائدة». واختتم جنبلاط بالقول: «وما قيمة النقاش الذي يأخذ طابعاً بيزنطياً حول قانون الانتخاب، وبالأمس القريب، وبإرادة إلهية فك الشيخ أحمد الأسير اعتصامه في صيدا، لكن إرادة إلهية أخرى حلّت على لسان الشيخ عباس زغيب، قدّس الله سره، الذي بشرنا باستضافة ضيوف أتراك على طريقته». وكان أهالي المخطوفين اللبنانيين في سورية قطعوا طريق مطار رفيق الحريري ليل أول من أمس، واعتصموا أمس أمام مقر السفارة التركية وهدد باسمهم أحد رجال الدين بأنه «إذا لم يُحلّ ملفهم سيكون الأتراك ضيوفاً في لبنان». (التعبير الذي يطلقه الخاطفون على المحتجزين). ولوّح الشيخ عباس زغيب المكلف متابعة قضيتهم بالاعتصام أمام السفارة القطرية أيضاً، ولم يوفر قوات الأممالمتحدة العاملة في الجنوب (يونيفيل) واصفاً إياها ب «الضيوف» في لبنان. وفيما غادر أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني سعيد جليلي بيروت صباح أمس الى دمشق بعد أن أعلن نبأ اجتماعه مع الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله لبحث «أوضاع المنطقة ولبنان وسورية خصوصاً»، أعلنت الخارجية الفرنسية عن زيارة وزير الخارجية لوران فابيوس في 15 الجاري كلاً من الأردن ولبنان وتركيا، مشيرة الى أنها «مرتبطة بتداعيات الأزمة السورية في هذه الدول التي تستقبل عدداً كبيراً من اللاجئين». وقالت الخارجية الفرنسية إن هذه الزيارة ستكون مناسبة للتعبير عن الدعم الفرنسي للاجئين السوريين الذين أجبروا على النزوح بسبب العنف، كما ستتيح للوزير إجراء محادثات مع مسؤولي الدول الثلاث وإعادة تأكيد دعم فرنسا جهودها لاستقبال اللاجئين. وقالت الخارجية إن هذه الزيارة تندرج في إطار تضامن فرنسا مع الشعب السوري، وإن فابيوس سيزور مخيمي لاجئين، كما سيتناول في محادثاته مع كبار المسؤولين جهود فرنسا من أجل انتقال سياسي سريع وذي صدقية في سورية. وقال معاون الناطق الرسمي في الخارجية إن باريس ستقدم مساعدة طبية لضحايا المعارك واللاجئين السوريين في الأردن عبر إقامة مستوصف للجراحة يُنقل بالجو، قرب الحدود الأردنية – السورية. وتوجهت أمس بعثة فرنسية تحضيرية مكونة من ممثلين من وزارات الداخلية والدفاع والخارجية الى الأردن للتنسيق مع المسؤولين الأردنيين. الى ذلك قال مصدر فرنسي ل «الحياة» إن بلاده «مستاءة جداً» من إعادة المواطنين السوريين اللاجئين من لبنان الى سورية». واعتبر الجانب الفرنسي أن تسليم السوريين ال14 الى النظام السوري «أمر غير مشرف للحكومة اللبنانية كما أن توقيف الناشطين السوريين ومطاردة المعارضين السوريين في لبنان لتسليمهم الى قمع وقتل نظامهم أمر تدينه فرنسا بشدة وستثير هذا الموضوع مع المسؤولين في لبنان». وجددت كتلة «المستقبل» النيابية بعد اجتماعها برئاسة رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة هجومها على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أمس معتبرة أن «التغطية البائسة وغير المسؤولة التي أقدم عليها للخطوة التي قام بها الأمن العام اللبناني لجهة إبعاد مواطنين سوريين الى بلدهم سابقة خطيرة في انتهاك حقوق الإنسان». ورأت الكتلة أن «معالجة مأساة المختطفين في سورية هي من مسؤولية الحكومة التي تبدو غائبة وقاصرة ومقصرة»، وطالبتها بتشكيل خلية أزمة تعمل ليل نهار لكشف ملابسات اختطافهم. وفي شأن الحوار الوطني (الذي دعا رئيس الجمهورية ميشال سليمان الى جلسة له في 16 آب/ أغسطس) أعلنت الكتلة عن «تقديرها للكلام المسؤول الذي صدر عن الرئيس سليمان بعدم جواز الشراكة بين سلاح الشرعية والسلاح الخارج عن الشرعية»، لكنها رأت في الموقف الذي أعلنه السيد نصرالله «الذي أعلن فيه تمسكه بسلاحه كما هو عليه الآن قطعاً للطريق من حزب الله على أي حوار مجدٍ، خصوصاً أنه غيّر الموضوع الوحيد على جدول الأعمال الذي حدده رئيس الجمهورية وصادر نتيجة الحوار قبل أن يعقد».