تدشن سلطنة عمان أول كلية لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها بعد عيد الفطر، باستقبال أول دفعة من الطلاب ضمن اهتمام عماني بدعم العربية في البلاد التي يشغل غير الناطقين بها نسبة كبيرة من السكان، ويزيد عددهم عن ثلاثة ملايين نسمة نصفهم من العمال الأجانب وغالبيتهم من دول شبه القارة الهندية. وجاء إنشاء الكلية بأوامر من السلطان قابوس، وكما أشار إليه الأمين العام لمركز السلطان قابوس للثقافة الإسلامية (الجهة المشرفة على الكلية) حبيب بن محمد الريامي، فإن إنشاءها يعكس اهتمام السلطان باللغة العربية و «تجاوباً مع متطلبات العصر ومقتضيات الانفتاح العالمي بين الشعوب»، وهي «أول كلية مختصة لتعليم اللغة العربية بغيرها في السلطنة، وإضافة جديدة لبرامج تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها في دول الخليج والوطن العربي، وتساهم في توثيق الروابط وتقوية الأواصر بين ثقافاتها المتنوعة، كما أنها تحقق رغبة كثيرين من الناطقين بغير العربية في السلطنة وخارجها في تعلم العربية». وأضاف الريامي: «تساهم الكلية في نشر اللغة العربية وثقافتها لغير الناطقين بها وفي ذلك خدمة جليلة للغة العربية، فهي تعمل على التعريف بالموروث الثقافي والاجتماعي والحضاري للسلطنة، وترفد الطالب بالمعارف التي يحتاجها، إضافة إلى أنها تساهم في دفع عجلة التنمية في محافظة الداخلية من خلال توفير فرص عمل لأبناء المحافظة من جهة، والعمل على تنشيط الحركة الاقتصادية والسياحية في المحافظة من جهة أخرى». وتهدف الكلية إلى «تقديم برامج نوعية في اللغة العربية في بيئة لغوية وثقافية أصيلة وإعداد متعلمين يتمتعون بمعرفة أساسية بمهارات اللغة؛ استماعاً وتعبيراً شفوياً وقراءة وكتابة، ومعرفة تمكنهم من التواصل مع الثقافة العربية المعاصرة ونشر الوعي بأهمية تعلم العربية في مد جسور التعاون والتبادل الثقافي وتهيئة السبل لمواصلة الدراسة باللغة العربية في مؤسسات تتخذ العربية لغة للتعليم». واختير موقع الكلية ليكون في ولاية منح بالمنطقة الداخلية على بعد 150 كيلومتراً من العاصمة مسقط، بما اعتبره الريامي «مكاناً مثالياً لدارسي اللغة العربية إذ تحتفظ المنطقة بطابعها العماني الأصيل من حيث اللغة والعادات والتقاليد وطرائق الحياة، ويحيط بالولاية عدد من المواقع السياحية والأثرية المهمة التي تشكل قبلة للسياح في السلطنة». وأوضح حبيب الريامي أن شروط القبول بالكلية هي أن لا يقل عمر المتقدم للدراسة عن 18 عاماً وحاصلاً على شهادة الثانوية العامة على أقل تقدير، منوهاً بوجود «تعاون أكاديمي بين الكلية وبين جامعة ديكن الأسترالية في تنفيذ وإدارة البرامج الدراسية التي تم اعتمادها في الكلية في عامها الأول». وأضاف أن الكلية ستقدم دورات قصيرة في اللغة العربية في ستة مستويات، وتتكون كل دورة من 160 ساعة دراسية تقدم خلال ثمانية أسابيع، وتتضمن عدداً معيناً من الدروس وفق المناهج المعتمدة إضافة إلى برنامج ثقافي مكمل للمنهج الدراسي. وأعرب الريامي عن أمله في أن تتبوأ الكلية «مكانة مرموقة بين مؤسسات تعليم اللغة العربية إقليميّاً ودوليّاً، من خلال البرامج الرصينة التي تقدمها والتي تعتمد على أحدث التقنيات في مجال تعليم اللغات الأجنبية». وأوضح الريامي أن الكلية تستخدم - إلى جانب التعليم التقليدي - برنامجاً إلكترونياً تفاعلياً لتعليم اللغة العربية بالتعاون مع جامعة ديكن الأسترالية وذلك لتوفير الفرصة للدارسين لمواصلة تعلم اللغة لساعات إضافية خارج الفصل الدراسي من أي مكان وفي أي وقت، بحيث يستطيع الطالب دراسة المحتوى وأداء النشاطات الدراسية والاختبارات المصاحبة والحصول على النتيجة في شكل فوري. ومن منطلق الإدراك أنه لا يمكن دراسة اللغة بمعزل عن الثقافة فإن الكلية تقدم لطلابها برنامجاً ثقافياً متكاملاً لتحقيق الإفادة القصوى من وجودهم في بيئة عربية أصيلة. يتكون البرنامج من رحلات أسبوعية لأهم المعالم التاريخية والسياحية والأثرية والطبيعية في السلطنة لتعريف الدارسين بأهم مفردات الثقافة العمانية من طريق التواصل المباشر مع البيئة المحلية واستضافة متحدثين ومختصين لإلقاء محاضرات في مختلف الجوانب التاريخية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية وتوفير الفرصة لكل دارس، الالتقاء بطالب عماني يصبح زميلاً له ومتعاوناً معه في مجال التواصل المباشر في اللغة العربية، وتبادل الآراء والأفكار في مختلف الجوانب المتعلقة بالدراسة وإقامة أمسيات ثقافية وفنية يلتقي فيها الطلاب بمختصين وطلاب عمانيين إضافة إلى أفراد من المجتمع المحلي.