بايدن : لوس أنجلوس أصبحت أشبه ب «ساحة حرب» بسبب الحرائق    ايفان توني يدخل تاريخ دوري روشن برقم جديد    القبض على مقيم لترويجه (11,968) قرصًا خاضعًا لتنظيم التداول الطبي بمكة المكرمة    «سلمان للإغاثة» يوزّع مواد إنسانية متنوعة في مدينة دوما بريف دمشق    ضمك يصعق الرائد بثنائية    رسميًا.. عدنان حمد يتولى تدريب العروبة    اتحاد القدم يختتم المرحلة الثانية من دورة الرخصة التدريبية الآسيوية "B"    جياد ميدان الدمام تتألق وتتأهل لأشواط أبطال بطل الميادين بالرياض    أمريكا تندد بتنصيب مادورو وتفرض عقوبات جديدة على فنزويلا    رئيس لبنان يطالب رئيس حكومة تصريف الأعمال بالاستمرار لحين تشكيل حكومة جديدة    بالشرقية .. جمعية الذوق العام تنظم مسيرة "اسلم وسلّم"    ملتقى الشعر السادس بجازان يختتم فعالياته ب 3 أمسيات شعرية    الشيخ طلال خواجي يحتفل بزواج ابن أخيه النقيب عز    ارتفاع أسعار النفط وخام برنت يتجاوز 80 دولاراً    «حرس الحدود» بعسير ينقذ طفلاً من الغرق أثناء ممارسة السباحة    ثلاث أمسيات شعرية في ختام ملتقى أدبي جازان الشعري    "الزكاة والضريبة والجمارك" تُقدم مزايا جديدة للمستوردين والمصدرين    مجموعة stc تمكّن المكفوفين من عيش أجواء كرة القدم خلال بطولة كأس السوبر الاسباني    أنشيلوتي يبدي إعجابه بالجماهير.. ومدرب مايوركا يعترف: واجهنا فريقًا كبيرًا        خطيب المسجد النبوي: تجنبوا الأحاديث الموضوعة والبدع المتعلقة بشهر رجب    "الزكاة والضريبة والجمارك" تُحبط محاولتي تهريب أكثر من 6 كيلوجرام من "الشبو"    شفيونتيك تكشف عن شعورها بالحرج خلال فترة إيقافها المؤقت بسبب المنشطات    لإنهاء حرب أوكرانيا.. ترمب يكشف عن لقاء قريب مع بوتين    فن الكسل محاربة التقاليع وتذوق سائر الفنون    «سلام» يُخرّج الدفعة السابعة لتأهيل القيادات الشابة للتواصل العالمي    «عباقرة التوحد»..    محافظ الطائف يستأنف جولاته ل«السيل والعطيف» ويطّلع على «التنموي والميقات»    الصداع مؤشر لحالات مرضية متعددة    5 طرق سهلة لحرق دهون البطن في الشتاء    الخروج مع الأصدقاء الطريق نحو عمر أطول وصحة أفضل    سوريا بعد الحرب: سبع خطوات نحو السلام والاستقرار    الحمار في السياسة والرياضة؟!    وزارة الثقافة تُطلق مسابقة «عدسة وحرفة»    كُن مرشدَ نفسك    ماذا بعد دورة الخليج؟    أسرار الجهاز الهضمي    الألعاب الشعبية.. تراث بنكهة الألفة والترفيه    المقدس البشري    جانب مظلم للعمل الرقمي يربط الموظف بعمله باستمرار    نجاح المرأة في قطاع خدمة العملاء يدفع الشركات لتوسيع أقسامها النسائية    الرياض تستضيف الاجتماع الوزاري الدولي الرابع للوزراء المعنيين بشؤون التعدين    جودة القرارات.. سر نجاح المنظمات!    لا تحرره عقداً فيؤذيك    سبب قيام مرتد عن الإسلام بعملية إرهابية    سالم ما سِلم    أفضل الوجبات الصحية في 2025    مركز إكثار وصون النمر العربي في العُلا يحصل على اعتماد دولي    مغادرة الطائرة الإغاثية السعودية ال8 لمساعدة الشعب السوري    إطلاق كائنات مهددة بالانقراض في محمية الإمام تركي بن عبدالله    نائب أمير تبوك يطلع على مؤشرات أداء الخدمات الصحية    أمير القصيم يتسلم التقرير الختامي لفعالية "أطايب الرس"    ولي العهد عنوان المجد    أمير المدينة يرعى المسابقة القرآنية    مجموعة (لمسة وفاء) تزور بدر العباسي للإطمئنان عليه    أسرتا الربيعان والعقيلي تزفان محمد لعش الزوجية    عناية الدولة السعودية واهتمامها بالكِتاب والسُّنَّة    القيادة تعزي رئيس جمهورية الصين الشعبية في ضحايا الزلزال الذي وقع جنوب غرب بلاده    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور محمد الزير ل ( عناوين ) : الضعف اللغوي في مجتمعاتنا العربية يستدعي وقفة مسؤولة وجادة
أكد أن طرق التدريس العقيمة تسبب نفور الطلاب
نشر في عناوين يوم 26 - 04 - 2011


الرياض: حبيب عبدالله
اكد عميد كلية اللغة العربية بجامعة الإمام السابق الدكتور محمد بن حسن الزير ان طرق تعليم اللغة العربية في مجتمعاتنا العربية في مقدمى اسباب في نفور الطلاب وضعف مستواهم اللغوي . وقال الدكتور محمد مدير المعهد العربي الإسلامي في طوكيو سابقا في حديث ل ( عناوين ) ان من أسباب أهم أسباب الضعف اللغوي في مجتمعاتنا العربية ، عدم جدية الطلاب والقائمين على تعليمهم، وعدم الوعي الكافي بأهمية اللغة وأثرها العميق في تأسيس شخصية الإنسان، وتشكيل وجوده الحضاري الفاعل.

وأضاف إن حالة اللغة العربية الراهنة، تستدعي وقفة مسؤولة وجادة، و نظرة منهجية عميقة؛ لتشخيص الداء ومعرفة الدواء، ورسم المنهج الذي يحقق الاستثمار الأمثل للاعتماد على اللغة العربية وآدابها، بوصفها لغة حيّة حيوية، ذات فاعلية خاصّة؛ وإعداد خطة شاملة، تتضمن العناصر التالية: إعداد الطالب والمتعلم، والعناية بالمعلم وتطويرالمنهج المنهج .

وأكد الدكتور الزيران اللغة العربية هي الاداة الاساسية للتعريف بالاسلام وبالثقافة الاسلامية ، داعيا الى تطوير طرق دراسيها للاجانب ،ووضع مناهج تتواكب مع بيئة وثقافة هذه المجتمع .
وأوضح أن اليابان من أكثر الدول اهتماما في تعزيز التبادل الثقافي والحوار الحضاري مع العالم الإسلامي، مؤكدا ان المعهد العربي الإسلامي في طوكيو هو الوحيد المتخصص بنشر اللغة والثقافة العربية والإسلامية في اليابان حيث يتبنى المعهد الأسلوب الثقافي غير المباشر من أجل فتح نوافذ مضيئة للعالم لمواجهة ما يلقاه الإسلام والمسلمون من حملات التشويه الضارية،
وفيما يلي نص الحوار:
**هناك نفور واضح من الطلاب السعوديين لتعلم اللغة العربية؟ بالمقابل كيف هو تقبل الأجنبي كالياباني للغة والثقافة العربية، وما دور المناهج وطرق التدريس في ترغيب الآخرين بتعلمها؟
-بالنسبة للشق الأول من السؤال؛ نعم هناك نفور واضح جدا مع الأسف الشديد والأسباب كثيرة ومتنوعة؛ والسبب الأهم والجوهري في نظري هو طريقة تعليم اللغة العربية في مجتمعاتنا العربية، ثم عدم جدية الطلاب والقائمين على تعليمهم، وعدم الوعي الكافي بأهمية اللغة وأثرها العميق في تأسيس شخصية الإنسان، وتشكيل وجوده الحضاري الفاعل، والتأسيس على ذلك في العناية بالطريقة والمنهج والوسائل، والمناهج وطرق التدريس لها تأثير بعيد المدى وهذا الجانب من أهم أسباب الضعف اللغوي في مجتمعاتنا العربية، إن حالة اللغة العربية الراهنة، تستدعي وقفة مسؤولة وجادة، وتستدعي نظرة منهجية عميقة؛ لتشخيص الداء ومعرفة الدواء، ورسم المنهج الذي يحقق الاستثمار الأمثل للاعتماد على اللغة العربية وآدابها، بوصفها لغة حيّة حيوية، ذات فاعلية خاصّة؛ وإعداد خطة شاملة، تتضمن العناصر التالية: إعداد الطالب والمتعلم، والعناية بالمعلم والعناية بالمنهج من حيث (المادة، اختيار النصوص الجميلة التي تنشئ الذوق وتصل بين المتعلم وجماليات اللغة العربية) ومن حيث (المنهج الدراسي وطريقة تصميم خريطته)، وأخيرا العناية بالطريقة الصحيحة لتعليم اللغة العربية وآدابها، وتتجلى أبرز مجالات العناية بتعليم اللغة العربية، في مجال كيفية تعليمها، وإصلاح الطريقة الفنية لتعليمها، وفي استخدام الطريقة الصحيحة لتعليمها.

*كيف نستطيع أن نتبين ملامح هذه الطريقة والعناصر والآليات الفنية؟
- من أهم مظاهر إصلاح الطريقة الفنية لتعليم اللغة العربية، هوا اعتمادها على منهج يتبنى ضرورة أن يتم تعليم اللغة العربية باللغة العربية مباشرة، فيكون المعلم نفسه لغة مسموعة يتلقاها الطالب من أساتذته ومدرسيه.
والعنصر المهم الثاني في الطريقة الصحيحة لتعليم اللغة العربية الاعتماد على نصوصها اللغوية الأدبية، والتواصل المباشر مع اللغة من حيث هي النصوص، قبل تعلمها من حيث القواعد والقوانين، فيقرؤها الطالب ويتحدث بها ويتذوقها، قبل أن نفجأه بمصاعب القواعد ومشكلاتها؛ فنصده عن غير قصد عن سبيل العربية، والاهتداء إليها. والقواعد اللغوية على أهميتها في المسألة التعليمية بشكل عام، يجب ألا تكون همنا الأول؛ لأن اللغة ليست موجودة في (القواعد النحوية والصرفية) وإنما هي موجودة في الكلام اللغوي النصّي؛ فاللغة هي النصوص التي تمثل اللغة، ولكل لغة نصوصها، و نجد نصوص العربية النموذجية، في نصوص القرآن الكريم، ونصوص الحديث النبوي الشريف، ونصوص العرب النثرية من خطب وحكم وأمثال ووصايا وقصص، ونصوصها الشعرية في عصور تاريخها الأدبي المختلفة، وهذه مسألة جوهرية في تقنية تعليم العربية وآدابها. ونسطيع أن نتبين هذه النصوصية في مظاهر مستويات متعددة نذكر منها: الاتصال المباشر بالنصوص، واختيار النصوص الجميلة البليغة، وتداول النصوص اللغوية الأدبية المختارة نفسها في أكثر من مادة فتتكرر النصوص على الدارس مرات عدة ؛ مما يساعده على تعلم العربية وتذوقها، والتدريب العملي والممارسة التطبيقية وتأليف الكتب والمناهج المعدة لتعليم اللغة العربية.

*إلى أي مدى تعتقد أن اللغة العربية وسيلة جوهرية لمعرفة وتقبل الثقافة الإسلامية، ومن ثم اعتناق الإسلام كوسيلة دعوية سلمية وجذابة؟
- بل إنها الوسيلة الأساسية والفعالة للمعرفة الصحيحة عن الإسلام والثقافة الإسلامية ولأمر ما جعلها الله وعاء خالدا محفوظا على مرّ الزمان؛ لما فيها من بلاغة البيان وقوة التأثير، وقد قال تعالى: "بلسان عربي مبين" وستظل العربية دائما أفضل الوسائل وأنجعها لأنها الطريقة التي اختارها الله –تبارك وتعالى– لبيان رسالته لخلقه؛ لأنه العليم بهم وبما يؤثر فيهم، وقد قال تعالى: "ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير"، وأعتقد أن المسلمين اليوم في حاجة أكثر من أي وقت مضى، لاستثمار تعليم الناس وبخاصة غير المسلمين (اللغة العربية) لتوصيل رسالة الإسلام إليهم مباشرة من خلال أنفسهم وتبينهم الذاتي، وكذلك لتوضيح حقيقة الإسلام، وبيان صورته الصحيحة التي تتضافر على تشويهها، عوامل دعائية مغرضة، وتكرسها أفعال بعض المسلمين الشنيعة؛ سواء منها ما كان مخالفة متعمدة، أو كان مخالفة عن جهل وضلال، والإسلام منها براء، كقتل الأبرياء، واستباحة أنفسهم وأموالهم، وأمنهم باسم الإسلام، الذي أنعم الله به على العالمين رحمة وسلاما؛ بل إن المسلمين أنفسهم في حاجة ملحة لأن يتعلموا العربية وأن يتفقهوا فيها؛ ليفقهوا دينهم الذي ارتضاه الله لهم، وليتجاوزا آفة الفهم السقيم لدينهم التي حلت بساحتهم بسبب عدم فقه اللغة العربية، ثم إن اللغة العربية وسيلة غير مباشرة للتعريف بالإسلام والدعوة إليه.

ولا شك في أن هذا الأسلوب الثقافي غير المباشر من أفضل الأساليب العلمية المعرفية ؛ لفتح نوافذ مضيئة للعالم ؛ ليتبين له مافي هذا القرآن، ذي اللسان العربي المبين؛ من رسالة سماوية للناس، وبلاغ للعالمين من ربهم، ذي الجلال والإكرام، وهل كانت مهمة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلا أن يبيّن للناس ما نزل إليهم؟! ولا شك في أن الاتصال المباشر بالمصادر الأساسية للمعرفة، عن طريق تعلم اللغة العربية، هو من أنجح الوسائل والأسليب المنهجية، لمواجهة ما يلقاه الإسلام والمسلمون من حملات التشويه الضارية؛ بما فيها من انحياز وعدوانية وظلم!!.
ومرد أهمية تعليم اللغة العربية، وأثرها الإيجابي العميق، إلى الفاعلية اللغوية، وهي فاعلية تتجلى في اللغة العربية بخاصة، بشكل أظهر وأقوى وأنفذ؛ بسبب ما تتميز به اللغة العربية من خصائص ومقومات بيانية، وفاعلية تتمثل في عناصر عديدة ؛ من مثل:
أ- أنها أداة تعليم غر مباشر، وأنها وسيلة مضمونة ومقبولة لدى المجتمعات الأخرى للتعريف بالإسلام، وتوضيح صورته الحقيقية، بعيداً عن إشكالات الدعاية المباشرة للإسلام؛ التي قد تواجه بالصدود والتوجس، وبالحساسية الخاصّة لدي البعض.
ب- فاعليتها العميقة في فكر الإنسان ووجدانه؛ من حيث إنها وسيلة لغوية تمثل ملكة الإنسان الفكرية؛ من حيث هو كائن يفكر من خلال اللغة ومكوناتها، ولأثرها البياني، وما تمثله من جماليات بلاغية.
ج– أنها لغة القرآن الكريم بكل ما فيه من علم و إعجاز، وسحر بيان، وهي كذلك لغة الحديث الشريف الذي هو بيان للقرآن الكريم، كما أنه يحتل المرتبة الثانية، بعد القرآن الكريم، في البلاغة العربية.
د- أنها لغة مدونات الثقافة الإسلامية الأساسية.
ه- أنها بطبيعتها ذات محتوى ثقافي عربي إسلامي.
و- اللغة نافذة حقيقية، وجسر ثقافي مهم للتفاهم والتواصل مع الأمم والشعوب. ونجد كثيرا من الدول في العالم تفتتح في عواصم ومدن عالمية معاهد ومراكز ثقافية تستهدف من خلالها نشر لغاتعا وثقافتها؛ مثل المركز الثقافي البريطاني لنشر اللغة الإنجلزية أو معهد غوته الألماني لنشر الثقافة الألمانية في العالم، وغيرها من المعاهد والمراكز.
ز- تعلم اللغات والعربية في طليعتها؛ مطلب في الأساس لدى كثير من الناس، يسعون لتحقيقه لأهداف كثيرة لديهم، وتلبية لاحتياجاتهم الشخصية والخاصة، وعلينا أن نستثمر هذا التوجه الذاتي لدى الآخرين لتوظيفه من أجل إكسابهم خبرات معرفية عن الإسلام ونبيه صلى الله عليه وسلم وعن الثقافة الإسلامية، وقيمها الفاضلة، وأخلاقها الحميدة، وعنايتها الحياة والأحاء والخلق أجمعين.
وأعتقد أنه ينبغي للمسلمين العمل الجاد والفوري لتنفيذ مشروع لنشراللغة العربية ولتعليمها للناطقين بغيرها، وبخاصة في أوساط الأمم والشعوب غير الإسلامية، على مستوى العالم، تلبية لحاجة ملحة لدى تلك الأوساط، لما للغة العربية من أثر عميق في تحقيق البيان ونقل المعرفة الحقيقية عن الإسلام وشريعته السمحة، ومبادئه الحقة العادلة، وشمولية أنظمته، وإنسانية قيمه، وصلاحية أنظمته لحل مشكلات الإنسان، وتحقيق السلام والطمأنينة له، وبتعلمه العربية يستطيع الإنسان أن يتبين الصورة الحقيقية للإسلام، بعيداً عن آثار الإعلام الظالم الذي يتبنى متعمداً تقديم المعلومات المغلوطة، والصور الشائنة، والمفاهيم الخاطئة، على أنها صورة الإسلام المعبرة عن واقعة وحقيقته، مع أن الحقيقة غير ذلك تماماً. وأعتقد أن مثل هذا المشروع سيشكل تكاملا نموذجيا مع الدعوة النبيلة الواعية للملك عبدالله بن عبدالعزيز لاتخاذ الحوار والتفاهم وسيلة للتواصل والتعارف وإشاعة مفاهيم التعاون والتسامح.


*منذ افتتاح المعهد العربي الإسلامي في طوكيو سنة 1402ه 1982م، إلى سنة 1432ه، 2011، مرت 28 سنة تقريبا على العمل في نشر اللغة العربية والثقافة الإسلامية، إلى أي مدى ساهم المعهد في تعريف المجتمع الياباني بالحضارة العربية الإسلامية؟
- قام المعهد بتحقيق انجازات عظيمة في مجال الإسهام في مجال تعريف المجتمع الياباني بالحضارة العربية الإسلامية، وقامت السعودية بإنشاء ودعم هذا المعهد النموذجي، ليمثل حلقة مهمة في سياق رسالتها الحضارية السامية، وفي نطاق عنايتها بأسلوب الحوار العلمي القائم على العلم والمعرفة، واحترام كرامة الإنسان، والتعويل على ملكاته الفطرية الأصيلة وفي مقدمتها ملكة التعلم، واستثمارها للتأثر في مرحلة من مراحل التفكير والتدبر والتفاعل.

وتمكن المعهد من خلال برامجه المتنوعة في تعليم اللغة العربية، وأنشطته الثقافية المتنوعة، أن يقدم مادة تعريفية مناسبة للمجتمع، ومقبولة لديه لأنها تأتي من خلال برامج علمية وثقافية مدروسة ومتنوعة، تسودها روح الحكمة والسلام ، المستمدة من منهجية الحكمة القرآنية. وفي مقدمة هذه البرامج تدريس اللغة العربية للناطقين بغيرها، وتأليف المناهج التعليمية للغة العربية لجميع المستويات الدراسية وطباعتها، وإقامة الندوات العلمية الثقافية داخل المعهد وخارجه وطباعة أبحاثها (باللغتين العربية واليابانية) وارسال النسخة اليابانية للمؤسسات الجامعية والبحثية والثقافية والمكتبات العامة والعلماء والمثقفين وغيرهم ، ويصل العدد في القائمة أحيانا إلى 1200 جهة يابانية.

وإقامة مسابقات سنوية في الخطابة العربية، والخط العربي والأدب العربي ، والطباعة العربية (برنامج أولمبياد اللغة العربية) يشترك فيها طلاب المعهد وغيرهم ، يتسابقون فيما بينهم في إظهارمهاراتهم في اللغة العربية، وإقامة دورات مكثفة للمتخرجين وللمبتدئين، وإقامة أنشطة طلابية متنوعة، لإكساب الطلاب مهارة التحدث باللغة العربية والتدرب على ممارستها بصورة عملية، تحت مسمى (النشاط الطلابي المنبري). وهناك البحث العلمي والترجمة بين اللغتين؛ فقد نشر المعهد بحوثاً ومقالات بالعربية واليابانية، تمثلت في أبحاث الندوات العلمية، ونشر المعهد كتاباً عن المساجد في الإسلام باللغة اليابانية، من تأليف الباحث في المعهد أمين ميزوتاني. ونشر مقالات للمعهد عن (محمد بن عبدالله المرسل رحمة للعالمين) في مجلة (نويد سحر) التي تصدر في اليابان باللغات الأردية واليابانية والإنجليزية، وكذلك النشر في موقع المعهد الشبكي باللغة اليابانية.

وأيضا إقامة فصول تعليمية في الدين الإسلامي لأبناء الجاليات الإسلامية في نهاية الأسبوع، حين يتوافر العدد الكافي، لربطهم بهويتهم وثقافتهم الإسلامية، وإقامة برنامج للزيارات الثقافية، حيث يستقبل المعهد على مدار العام الوفود الثقافية والزوار من مختلف فئات المجتمع الياباني، ومختلف مستويات الجهات التعلمية، من طلاب المدراس والكليات والجامعات، والأساتذة والأفراد، وتقديم محاضرات ومواد ثقافية لهم. وهناك البرنامج السنوي الثقافي مع مدينة تشوفو، كما يقوم المعهد بزيارات إلى المدراس والجامعات اليابانية، وإقامة نشاط ثقافي تعريفي بالسعودية وثقافتها العربية الإسلامية، وإقامة دورة سنوية عن مناسك الحج، للإخوة والأخوات الراغبين في القيام بالحج.

وهناك تصميم المواقع الإلكترونية المتعددة على الشبكة العالمية، باللغات اليابانية والعربية والإنجليزية وتحديثها، ويحتوي موقع المعهد باللغة اليابانية (www.aii-t.org) على مواقع: مقهى اللغة العربية، المجلة العربية، الساحة الإسلامية، الدارة السعودية، الرحلة السعودية، وموقع الطالب (تعليم اللغة العربية من بعد).

* ما هو واقع انتشار اللغة العربية والثقافة الإسلامية في اليابان، ومدى تقبل الشعب الياباني لها بشكل عام؟
1-من غير التقليل من دور وجهود الجهات والمؤسسات الإسلامية وغير الإسلامية في اليابان في هذا المجال؛ فإن واقع انتشار اللغة العربية والثفافة الإسلامية في اليابان متواضع نسبيا؛ بالنظر لكثرة السكان، وبالنظر لأهمية اللغة العربية وحيويتها وقيمتها العظيمة، وبالنظرلما هو مطلوب، وعلى العرب والمسلمين أن يقوموا بجهود مضاعفة ومتواصلة ومنهجية لنشر اللغة العربية والثقافة الإسلامية في العالم بعامة، وفي اليابان بخاصة، فهي قوة لهم، ووعاء مؤثر لحمل رسالتهم السامية النبيلة، وبخاصة أن الشعب الياباني لديه تقبل للعلم والمعرفة، وهو حين يجد الفرصة المواتية، يقبل عليها؛ بشرط أن تقدم إليه بشكل جمالي أنيق محترم، والشعب الياباني شعب أنيق، مشبع بروح الفن وتذوق الجمال، وأعتقد أن من أهم أسباب إقبال اليابانيين على تعلم العربية في المعهد وصبرهم على صعوبات ذلك ومشقاته هو تذوقهم لجماليات اللغة العربية الصوتية والبيانية والمضمونية، وكذلك حسن الوسائل والأدوات التعليمية، وحسن مكان التعليم ونظافته، وقد عبرالطلاب عن ذلك صراحة.

*وهل تدريسها كلغة أجنبية لغير الناطقين بها بحاجة إلى تجديد وتغيير؟
-لا شك في أنه لابد أن نهتم بطريقة تدريسها، وتوفير وسائل تقنية المعلومات في تعليمها، واختيار النصوص الملائمة (للمجتمع والبيئة التي يتم فيها التعليم) وعلينا أن نحرص على أن تكون هذه النصوص ذات دلالات ثقافية وحضارية خاصة لتوصيل رسائلنا المعرفية المستهدفة.

*هل هناك اهتمام بتدريس اللغة والثقافة العربية أو الإسلامية في الجامعات والمعاهد اليابانية أو تطوير للعلاقات والترجمة والاستعراب في مراكز البحوث؟
-نعم هناك اهتمام بشكل ما؛ في الجامعات وبعض المؤسسات الإسلامية؛ مثل المراكز الإسلامية وجمعية مسلمي اليابان؛ لكن يبقى المعهد العربي الإسلامي في طوكيو التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، هو الوحيد المتخصص والمتميز والفعال.

*ما أبرز المعوقات والصعوبات التي يواجهها الطلاب في اليابان خلال دراسة اللغة العربية والنحو؟ و ما فرص استمرار تعلمها وتطويرها لديهم؟
-من أبرز تلك الصعوبات والمشكلات، عدم وجود برنامج لمرحلة ما بعد الإعداد اللغوي الذي يقدمه المعهد العربي الإسلامي في طوكيو، والمأمول تنفيذ مقترح قدمته إدارة المعهد لرفع مستوى المعهد لمرحلة (بكالوريوس) في اللغة العربية، وكذلك عدم وجود برنامج منح دراسية كافية في البلاد العربية والإسلامية، عدم وجود بيئة للممارسة اللغوية خارج المعهد، وبهذه المناسبة، أفترح إيجاد مركز ثقافي يتبع لسفارة المملكة العربية السعودية، تقدم فيه أنشطة ثقافية متنوعة، ويمثل بيئة عربية حيوية خالصة.

*مقارنة مع عدد السكان في اليابان فإن عدد الطلاب في المعهد يعد قليلا جدا كوسيلة لنشر الثقافة العربية والإسلامية؟
- نعم عدد الطلاب في المعهد سيظل قليلا مهما كثروا، بالنظر إلى هذا الهدف، وبالنظر إلى عدد السكان، ولكن المسألة أيضا نسبية؛ لأن المعهد يجد إقبالا، ويواجه عجزا في استيعاب جميع المتقدمين الراغبين في تعلم اللغة العربية، والمعهد يحرص على استثمار المكان في الصباح وفي المساء؛ وبخاصة أن هناك رغبة لدي كثير من الشعب الياباني لتعلم اللغة العربية؛ لأسباب كثيرة ومتنوعة.

*للإعلام دور كبير ومهم في مساعدة دارسي اللغة العربية لإكتسابها وإتقانها، هل هناك أي وسيلة جذب إعلامية لمتحدثي العربية في اليابان؟
- نعم هناك موقع المعهد الذي يحتوي على موقع الطالب لتعليم اللغة العربية من بعد، إضافة إلى إذاعة اليابان العربية (إذاعة إن إتش كي NHK) وبرنامج تعليم اللغة العربية في التلفزيون الياباني (تلفزيون إن إتش كي NHK ) والمواد العربية المتوافرة عبر الإنترنت.

*بين اهتمامك وعملك في مجال اللغة العربية في وطن عربي (السعودية) لسنوات عديدة، وبين مسؤوليتك في رعايتها وتدريسها في وطن أبعد ما يكون عن العربية (اليابان)، كيف وجدت الفرق والتحديات، وحتى المستقبل لهذه اللغة خارج أوطانها؟
- هناك فروق ! وقد لا يسمح المجال لشرحها؛ ولكن هناك في أرض الغربة تجد العربية إقبالا جادا، واهتماما كبيرا، وأعتقد جازما أنه لو وجد أكثر من معهد عربي، في طوكيو والمدن الرئيسة في اليابا ، لضاق بطلابه–بشرط أن يكون على غرار المعهد العربي التابع للمملك ، وما يتوافر له من إمكانات فنية وبشرية ووسائل، والمستقبل لهده اللغة؛ لأنها لغة فريدة، كاملة، دقيقة، جميلة في صوتها، وفي بيانها وصورها، وفي مضمونها؛ بشرط أن تتاح لتعليمها الظروف الصحيحة المناسبة، وستظل مطلوبة، وستظل البشرية في حاجة إليها لتتلقى كلمات (الله جل جلاله) لتعلم المعرفة الصحيحة، وتستبين الهداية للسير في الطريق المستقيم.

*لقد تم اختيار"الثقافة واحترام الأديان"عنوانا لمنتدى الحوار بين اليابان والعالم الإسلامي في الرياض 2008، لماذا سبقت اليابان الدول الغربية في تبني احترام القيم الدينية برأيك، وما مدى انفتاحها على الآخر؟
- ذلك أن المجتمع الياباني مجتمع شرقي يتمتع بروح دينية (على الرغم من الانتكاسة تجاه الدين التي تلفاها إثر الهزيمة في الحرب الكونية الثانية) وبذوق شرقي يحترم الأديان والثقافات، ويتمتع بروح منفتحة متسامحة، في جوهر ثقافته، ولديه حساسية خاصة في هذا السياق، كما أنها تجد من الحكمة السياسية استثمار مثل احترام هذه القيم في صالح تدعيم علاقاته، وتحقيق مصالحها، ولابد أن نضيف هنا، مسألة إيجابية أخري تتعلق بسلامة التاريخ الياباني العربي، من شوائب الحروب والصراعات الدينية أو السياسية.

*كيف تصف لنا القيم والعادات المشتركة التي تجمع بين العربي والياباني؟ ودورها في الفهم المتبادل والاحترام والتواصل بين الحضارتين؟
- هناك انتماء واحد مشترك، وهو الانتماء للبيت الآسيوي الشرقي؛ بما فيه من روح شرقية وقيم اجتماعية متشابهة أو متقاربة مشتركة، سواء في الروحية الدينية العامة، أوفي بعض العادات والذوق الشرقي العام؛ من مثل احترام الوالدين وكبار السن، ورحمة الصغار والضعفاء، واحترام الجيران ومراعاة حقوقهم، وفي الثقافة اليابانية عليك احترام الجيران إلى خامس جار، وهناك من العادات المتشابهة، النوم على الأرض مباشرة، والأكل عليها كذلك، وخلع الأحذية قبل الدخول إلى داخل البيت أو الغرف ..الخ.

*كيف تقوم حجم البعثات والمقاعد الدراسية بين السعودية واليابان؟ هل هناك حاجة لمزيد من التعاون كالابتعاث وتوفير مقاعد لدراسة العربية لليابانيين؟ حيث إن غالبية المقاعد في الجامعات السعودية فقط للمسلمين الأجانب؟
- ليس هناك توازن بين السعودية واليابان، في مجال البعثات والمنح؛ فهناك حاجة لزيادة فرص المنح الدراسية من الجانب السعودي، وتكثير فرص الراغبين في الدراسة والتعلم في السعودية، ومن المفيد أن نعتني بزيادة فرص المنح الدراسية العلمية المقدمة من المسلمين الراغبين في تعلم لغتنا وثقافتنا والاطلاع على حضارتنا؛ لما يرجى من وراء ذلك من تعميق التواصل وتحقيق الفهم المشترك من خلال تنامي فرص الدارسين لدى الجانبين، ويجب إيجاد برامج محددة للطلبة الوافدين لدراسة اللغة العربية والثقافة الإسلامية في الجامعات السعودية وبخاصة للمسلمين منهم، والتفكير أيضا في استقبال طلبة أجانب لدراسة اللغة العربية، وإتاحة الفرصة لسكنهم، مع الأسر السعودية، بما يتوافق تماما مع الضوابط الشرعية والاجتماعية المرعية في المجتمع السعودي الملتزم بأحكام الدين ومبادئه،كما يحسن تنظيم دورات صيفية متبادلة، والتوسع في برنامج تبادل الوفود الشبابية والطلابية، ووضع برناج محدد، يصمم بأسلوب خاص لاستقبال وفود ومجموعات طلابية وشبابية من دول العالم المختلفة، للقيام بزيارة المملكة والبلاد الأسلامية والتعرف عليها من قرب، ومن المهم في هذا السياق تنشيط السياحة المنهجية لغير المسلمين مع البلدان الإسلامية وبخاصة مع المملكة؛ لأهمية ذلك في إعطاء غير المسلمين خبرة عملية مباشرة عن المجتمعات الإسلامية والأفراد فيها.

*على الجهة الأخرى في الدول العربية، ما مدى مساهماتها ودورها في التواصل مع الحضارة اليابانية كاللغة والثقافة؟
- هناك مساهمات وأنشطة ثقافية للتواصل مع الثقافة اليابانية وحضارتها، تقوم به بعض سفارات الدول العربية؛ منها ماهو نشاط جماعي لمجلس السفراء العرب، ومنها ما هوأنشطة فردية لكل سفارة، ومن أنشط تلك السفارات العربية وأكثرها حيوية وفاعلية نسبية، سفارة جمهورية مصر العربية في طوكيو.

*بخصوص اليابان والعالم الخارجي، هناك محاولة واضحة لتجديد علاقاتها بالعالم الإسلامي، ما مدى هذه الجدية وصورها بعيدا عن الاقتصاد؟
-نعم لابد أن تكون هناك جدية من قبل اليابان وغيرها من بلدان العالم لتوثيق علاقاتها بالعالم الإسلامي؛ وذلك يرجع لأهداف استراتيجية، وخدمة المصالح المشتركة، وبالنسبة لليابان فهناك اهتمام واضح بالعلاقات مع العالم الإسلامي وبخاصة مع السعودية، ليس فقط لمكانتها السياسية، وما تتحلى به من حكمة السياسة، ورزانة المواقف واعتدالها، وليس فقط لمكانتها الاقتصادية كأكبر دولة تتوافر على أكبراحتياطيات الطاقة، وهي عناصر بلا شك محل اهتمام مباشر لدى اليابان؛ ولكن أيضا هناك مكانة المملكة الخاصة بوصفها دولة الإسلام الرئيسة، بحكم دورها القيادي، وموقعها المركزي الإسلامي، بالنظر إلى أنها مهبط الوحي، ومهد العربية لغة القرآن الكريم، وفيها قبلة أكثر من (مليار ونصف المليار مسلم)، وتخدم الحرمين المقدسين، ومشاعر الحج والعمرة؛ ولجدية اليابان في توثيق هذه العلاقة، والواقع أن علاقة اليابان مع العالم الإسلامي ومع السعودية بالذات، شهدت تطورات إيجابية، والعلاقات الثقافية بين السعودية واليابان محل بحث دائم.

وكما قلت سابقا ينبغي أن نلتفت إلى بعد آخر أهم من البعد الزمني، وهو هذا البعد الثقافي المعنوي في التواصل الأهم بين البلدين والشعبين من خلال رحلات الحج، وهذا أيضا يلفت إلى بعد آخر في موقع المملكة الثقافي، وما تمثله من مكانة روحية قيادية في جسم العالم الإسلامي؛ حيث تمثل قلب هذا العالم وروحه الأصيلة، ويمثل هذا البعد الأصيل في طبيعته جوهرها الحقيقي وما تمثله تلك الديار إنساناَ ومكانا من قيم ورسالة، وقد عبر الحاج الياباني (محمد صالح ؛ تاكيشي سوزوكي) عن هذه الحقيقة، في تعبيره الانطباعي الصادق عن لقائه بالملك عبد العزيز، وما جاء في ذلك من تعابير جيّاشة بالعواطف الدينية، وكان مما قال:"لو لم يظهر ابن سعود إلى عالم الوجود، لما تحققت وحدة الجزيرة العربية حتى اليوم.....لا أزال أتذكر ابن سعود، بجسمه القوي، وقامته الفارعة، والتعبير الحار الذي يملأ قسمات وجهه، لا أزال أتذكر سنوات حياته التي تشبه المصباح الياباني الملون الذي يدور مع هبوب الرياح، فيكشف عن العديد من الألوان والأشكال، أحداث النصف الأول من حياته تدور أمامي الآن كما يدور هذا المصباح... إنه الملك ابن سعود العظيم المهيب. والسعودية بلد مهم جداً لجميع البلدان الإسلامية جغرافيا ودينيا".

ولابد من الإشارة هنا إلى أحد المواقف الإيجابية في هذا السياق، ألا وهو قول وزير الخارجية الياباني الأسبق ورئيس مجلس النواب حالياً يوهي كونو عن الإسلام: "الحصول على معرفة كافية عن الإسلام أمر مهم جداً وضروري؛ فالديانة البوذية توصي بعدم اتخاذ طبيب، أي (لا تتخذ طبيباً، لا تأخذ ذهباً وفضة) وهذه الوصايا لا يمكن لأي بوذي اتباعها. عكس الدين الإسلامي،فهو دين وسط، لا رهبانية فيه ولا إكراه في الدين".
وقد نشرت التايمز في إصدارها الياباني مقالاً مطولاً قبل بضع سنوات عبر عن حرص اليابان على تعميق فهم الشعب الياباني للإسلام، والتطلع إلى الحوار مع الحضارة الإسلامية. وقد دعى كونو الحكومة إلى مزيد من تفهم الفكر الإسلامي؛ من أجل تدعيم الروابط والعلاقات مع العالمين العربي والإسلامي، وكوّن لجنة في وزارة الخارجية من أساتذة جامعة طوكيو،برئاسة الرئيس الفخري لجامعة طوكيو يوزو أتا جاكي؛ للعمل في هذا السبيل، وقد رفعت اللجنة تقريراً إيجابياً، دعت فيه إلى التوسع في بحث الدين الإسلامي، ودعم الأنشطة فيما بين اليابان والعالم الإسلامي، وأوصت بإدراج دراسات ومعارف إسلامية في المدارس الابتدائية والثانوية. وقد درس في المنهج الدراسي الياباني، مقرر عن السعودية، تلقى فيه الطلاب معلومات عن البلاد السعودية وعاداتها وقيمها وثقافتها.

ومن المواقف الإيجابية في مجال احترام اليابان للثقافة الإسلامية ومشاعر المسلمي ، ما جاء على لسان وزير الخارجية اليابانية السابق تارو آسو بشأن الرسوم الكاريكاتورية التي أساءت إلى مشاعر المسلمين، وعدها عملاً طائشاً حيث جاء في تصريحه قوله: "حتى لو كنا غير مسلمين؛ فإننا ندرك جيداً أن الإسلام يحرم التمثيل التصويري للنبي محمد. وقد امتنعت الصحف اليابانية عن التورط في نشر تلك الرسوم المسيئة.
ومن المظاهر الإيجابية في علاقات الصداقة، تبادل الزيارات بين المسؤولين في البلدين، وإبرام اتفاقيات، وإقامة مشاريع مشتركة، وتأسيس جمعية الصداقة اليابانية السعودية عام 1960م وألقى صاحب السمو الملكي الأمير سلطان كلمة بهذه المناسبة في طوكيو في أكتوبر عام 1960م، وكانت زيارته (حين كان وزيراً للمواصلات ) بداية زيارات تواصلت بين المسؤولين في البلدين، دعمت أواصر الصداقة بين الشعبين والبلدين الصديقين، لأنها استمرت في حوار إيجابي بين البلدين، وبرغبة مؤكدة لدى الطرفين لتعميق الصلات، وتحقيق المصالح المشتركة،وفي هذا السياق يستطيع الباحث أن يرصد جولات متبادلة من الزيارات لكبار المسؤولين بين الطرفين في مناسبات مختلفة منذ تأسيس العلاقات الدبلوماسية الرسمية، كزيارة الملك فيصل في مايو 1971 لليابان ولقاء الإمبراطور هيروهيتو ثم قام الأمير نايف في إبريل عام 1987م بزيارة اليابان واستقبله الإمبراطور الياباني في القصر الإمبراطوري وفي عام 1992 قام الأمير أحمد بن عبد العزيز بزيارة إلي اليابان، حيث استقبل في هذه الزيارة أحد المسلمين اليابانيين الحاج مصطفي كومورا وقدم لسموه مؤلفه عن تاريخ الإسلام في اليابان، وفي مايو عام 1996 استقبل رئيس الوزراء الياباني هاشي موتو في منزله الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي. وفي آواخر1998م قام الأمير سلمان بن عبد العزيز بزيارة ناجحة إلي اليابان.

ثم جاءت زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله (حين كان ولياً للعهد) في أكتوبر 1998م لتتويج علاقات طويلة من الصداقة المتينة،ولتزيد من تقويتها ودفعها إلي الأمام ولتصب في مصلحة تطوير البلدين وخدمة الأمن والسلام العالمي، وقد تم خلالها توقيع مذكرة تعاون بين البلدين، في مجالات مهمة مثل تطوير الموارد البشرية في نطاق التعليم والتدريب المهني، وفي مجال البيئة، والصحة، والعلوم والتكنولوجيا وكذلك في ميدان الثقافة والرياضة، والاستثمار والمضاربات المشتركة، وخلال زيارته هذه ، افتتح – حفظه الله – المبني الجديد (للمعهد العربي الإسلامي في طوكيو) خدمة لعلاقات التعارف والتعاون العلمي والثقافي بين المملكة واليابان بخاصة، وبين اليابان والعالم العربي والإسلامي بعامة.

وفي المقابل نجد زيارات مهمة لكبار رجال الحكومة اليابانية للمملكة، فعلى سبيل المثال قام ولي العهد الإمبراطور في ذلك التوقيت أكيهيتو بزيارة رسمية للمملكة في عام 1981م، ثم زار المملكة ولي العهد ناروهيتو عام 1994م، وفي عام 1997م قام رئيس الوزراء اليابانى هاشيموتو ديوتارو بزيارة للمملكة، وفي يناير عام 2001،كانت لوزير الخارجية الياباني الأسبق كونو يوهيه زيارة مهمة لدول الخليج العربي ومنها المملكة وأعلن عن مبادرته في مجال التعاون السعودي الياباني وكان ضمن ما اشتملت عليه الزيارة تفعيل الحوار الحضاري الإسلامي الياباني، والتعاون في مجال الثروات المائية، وتوسع آفاق التعاون والتبادل، والتعاون العلمي والثقافي. ومنذ بدء برنامج الابتعاث الخارجي هناك المئات من الطلبة السعوديين في اليابان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.