توقعت دراسة اقتصادية عدم تحقيق العجز المقدر بنحو 65 بليون ريال (17.33 بليون دولار) الذي لحظته الموازنة التقديرية للسعودية للسنة الحالية، لدى تنفيذها فعلياً، واستندت إلى حرص وزارة المال وتحفظها لدى إعداد الموازنة، على تقدير الإيرادات، بأقل كثيراً من السعر السائد والمتوقع والتقدير الدقيق للطلب على النفط في الفترات المقبلة. وقدرت الدراسة التي أعدها مركز البحوث والدراسات في غرفة تجارة وصناعة الرياض (حصلت «الحياة» على نسخة منها)، أن تكون وزارة المالية بنت تقديراتها لسعر برميل النفط بأقل من 40 دولاراً، في حين يتوقع أن يتجاوز متوسط سعر البرميل 50 دولاراً في 2009، في وقتٍ تشير التوقعات المتفائلة تجاوزه ال 60 دولاراً. وتوقعت الدراسة حدوث فائض في إيرادات الموازنة الجديدة بدل العجز فيها. وفي مقارنتها بين الموازنة الجديدة والسابقة، كشفت الدراسة أن أدوات السياسة المالية تستخدم بإحكام لتحقيق الإيجابية في الاقتصاد الوطني وعدم تأثره في شكل يضعف نموه، وأشارت في هذا الجانب إلى أنه في 2008، قُدّرت النفقات العامة بأقل من الإيرادات بغرض تقليص النفقات لمواجهة توقعات التضخم، وبيّنت أن التوجه في الموازنة الجديدة استهدف استخدام أدوات السياسة المالية لتحريك النشاط الاقتصادي لمواجهة الركود الاقتصادي العالمي، بزيادة النفقات العامة وتأمين السيولة المحلية المناسبة وهو ما تميزت به موازنة 2009 عن الموازنات السابقة، إذ إن النفقات في الموازنة الجديدة تعد الأعلى في تاريخ الموازنات في السعودية، بحيث تم ضخ اعتمادات إلى جانب النفقات الاستثمارية، في مشاريع تنعكس على استمرارية النمو الاقتصادي في المملكة خلال الفترة المقبلة، وتشكل هذه الاعتمادات أكثر من 225 بليون ريال (60 بليون دولار)، بزيادة 36 في المئة عما اعتمد في موازنة 2008، وتمثل 47.4 في المئة من حجم النفقات العام في الموازنة التقديرية للسنة الحالية. وأكدت الدراسة أن معدلات النمو الإيجابي للاقتصاد الوطني، الذي قدر في 2008، بنحو 22 في المئة بالأسعار الجارية و 4.2 في المئة بالأسعار الثابتة، ستكون معدلات عالية ومقبولة، واعتبرت أن الاحتياطات النقدية المتاحة للدولة تمكنها من تجاوز آثار الأزمة المالية في الوقت الراهن وخلال الفترة المقبلة، ما يجعلها قادرة على سد أي عجز متوقع، إضافة إلى التوسع في النفقات العامة، ما يحفز لأداء اقتصادي إيجابي. من جهة أخرى، دعت الدراسة إلى مواصلة تقليص الدين العام من خلال الاستفادة من الفوائض المتاحة خلال السنوات الست الماضية وبلغت نحو 1.4 تريليون ريال، ليتلاشى العجز في شكل نهائي، وبما يوفر النقاء الكامل للتوجهات المالية ورفع القيد عنها في سعيها إلى وضع سبل تقليصه. وأكدت الدراسة أهمية أن تتجه السياسات الاقتصادية بقوة، إلى تفعيل مبدأ تنويع مصادر الدخل بإعطاء دفعة أكبر لتنمية القطاعات غير النفطية، بخاصة في ظل ما أظهره الواقع من عدم استقرار أوضاع الطلب على النفط وتذبذب الأسعار، وتأثيره في تحقيق نمو اقتصادي إيجابي مستقر، مشيرة إلى أنه لولا حرص الدولة على الاستفادة من فائض السنوات السابقة في تكوين احتياط من النقد والحفاظ عليه في شكل آمن، لحدث تأثير سلبي في النمو الإيجابي للاقتصاد الوطني في شكل كبير. ودعت القطاع الخاص إلى توسيع استثماراته والاستفادة من مخصصات النفقات العامة لتنفيذ المشروعات التي وردت في الموازنة، بخاصة في ظل انخفاض تكاليف السلع الأساسية ومدخلات الإنتاج، مؤكدة أن ذلك يؤدي إلى زيادة إسهام القطاع غير النفطي في الناتج المحلي، وزيادة في الطلب على السلع والخدمات وتأمين الدخل الفردي ورفعه والتخفيف من معدل البطالة بتأمين فرص العمل. وفي ما يتعلق بالصناديق السيادية، أوضحت الدراسة أن توجيهها إلى الاستثمار في الداخل يزيد النمو الاقتصادي ويحد من التأثيرات الخارجية، واعتبرت ان من الأمور التي تدعو إلى التفاؤل، توجه الدولة إلى إنشاء المدن الاقتصادية، التي ستحدث نقلة نوعية وتُسرّع عجلة النمو الاقتصادي في المناطق الأقل نمواً في المملكة، بضخ نحو 255 بليون ريال استثمارات فيها خلال السنوات العشر المقبلة، ما يحقق مجموعة منافع، منها توجيه الاستثمارات إلى داخل المملكة وبالتالي بعدها من الخطر الخارجي وتحقيق التنوع الاقتصادي نظراً إلى ما تحتويه هذه المدن من صناعات وخدمات تنافسية جديدة تعد قيمة مضافة للاقتصاد الوطني.