ثبتت حركة مجتمع السلم قرارها عدم المشاركة في الحكومة الجزائرية المقبلة واستمرار تحالفها مع حزبي النهضة والإصلاح الإسلاميين ضمن «تكتل الجزائر الخضراء». ورمى رئيس الحركة أبو جرة سلطاني، في اختتام دورة مجلس الشورى التي استمرت يومين، بحجر في «مطبخ» السلطة، متحدياً أن تجد بديلاً إسلامياً يعوّض عن غياب حركة مجتمع السلم. وقال: «من يعتقد أنه قد يتخطى هذه الحركة فهو مخطئ. المعادلة الثلاثية - وطني ديموقراطي إسلامي - لن يتخطوها إلا في وجود الحركة لأنها شعرة الميزان». وبدا أن سلطاني «نجا من مصيدة» تقديم حساب لعهدته على رأس الحركة في دورة مجلس الشورى الوطني الذي أنهى أشغاله أمس. وكان قياديون غاضبون من الاستقالات التي قدّمها أعضاء في المكتب الوطني للحركة، حمّلوا مسؤولية ذلك إلى سلطاني. لكن سرعان ما هدأت ثورة الغضب بمجرد توقف عدد المستقيلين عند بضعة قياديين فقط. وقرر مجلس شورى حركة مجتمع السلم التي تعرف اختصاراً ب «حمس» وتمثّل تيار «الإخوان» في الجزائر، تثبيت «قرارات مجلس الشورى في دورته الإستثنائية السابقة». والمقصود بتلك القرارات عدم المشاركة في الحكومة المقبلة احتجاجاً على ما تعتبره الحركة «عدم شفافية» في الانتخابات التي أُجريت في العاشر من أيار (مايو) الماضي. وطالب مجلس الشورى أيضاً ب «الإسراع في معالجة حال الجمود السياسي»، وحذّر من مشكلات اقتصادية «في جو مضطرب بتراجع سعر النفط». كما طالب المجلس ب «ضرورة استدراك الإصلاحات السياسية وإعلان تشكيل لجنة تعديل الدستور وأن تكون موسعة لتشمل أشكال الطيف كله». وتحدّث أبو جرة سلطاني إلى «الحياة» عن قرار مقاطعة الحكومة وهل طلبت «حمس» من وزرائها الثلاثة المتبقين في الحكومة أن ينسحبوا منها من دون أن ينتظروا قرار إنهاء المهمات الذي يوقّعه الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، فأجاب: «لقد قررت الحركة عدم المشاركة في الحكومة المقبلة ... لو تبقى الحكومة الحالية على حالها فالوزراء باقون، أما في حال (تشكيل) حكومة جديدة فالأمر يختلف». وحضر اليوم الأخير من أشغال مجلس شورى «حمس» إسماعيل ميمون وزير السياحة، دون غيره من وزراء الحركة، وقد جلس في الصف الأول، وبدا مستريحاً ومبتسماً إلى جانب الوزير السابق الهاشمي جعبوب. ولم يتوضح في شكل رسمي مصير نائب رئيس الحركة حمو مغارية، والقيادي عبدالقادر عبد اللاوي المكلّف شؤون المنتخبين، والطاهر بلخيري الذي انسحب منذ فترة من الحركة إلى جانب كمال قرقوري. وأعطى قياديون في الحركة انطباعاً بأن استقالة الوزير السابق عمار غول وإثنين من القياديين في المكتب الوطني، باتت فعلاً «صفحة مطوية»، مثلما وصف أبو جرة سلطاني تلك الخطوات في افتتاح أشغال مجلس الشورى. وقال عبدالرحمن سعيدي رئيس مجلس الشورى إن «الحركة سجّلت أسفها على بعض الإستقالات، وهناك إرادة من مجلس الشورى لإعادة من غادر، إلا من أبى». وذكر سعيدي أن «المسيرة متواصلة». وأفاد نائب رئيس حركة مجتمع السلم عبدالرزاق مقري «الحياة» بخصوص من لحق رسمياً بالوزير غول، أن بينهم كلاً من محمد جمعة عضو المكتب الوطني، وزميله أحمد لطيفي، فيما لم تتوضح نيات عضوين آخرين هما كمال ميدا وعبدالحليم عبدالوهاب الذان قدما استقالتيهما فقط من المكتب الوطني لكنهما شوهدا أمس يشاركان في شكل عادي في أشغال الدورة العادية لمجلس الشورى. وكشف مقري عن تغييرات طاولت تشكيلة المكتب الوطني، حيث عُيّن فاروق سراج أبو الذهب مسؤولاً للإعلام والشؤون السياسية، والوزير السابق الهاشمي جعبوب مكلفاً الإقتصاد، وبوليل أحمد مسؤولاً للتخطيط، وجعفر شلي مسؤولاً عن الإدارة والمالية، وإبراهيم بدر مسؤولاً عن الجامعات. وبدا رئيس الحركة سلطاني كمن استفزته تحليلات قالت إن الحركة تتجه عن قرار مقاطعة الحكومة الذي ساهم في خروج بعض القياديين المستقيلين. وذكر سلطاني في كلمة ختامية مخاطباً أعضاء مجلس الشورى: «لا يمكن أن نقول كلمة اليوم ونرجع فيها غداً ... مصرون أن لا نشارك في الحكومة بهذا الشكل ونؤكد أن إرادة المؤسسات غالبة على رغبات الأشخاص». ولمّح إلى حسابات الرئيس بوتفليقة في خصوص توزانات المرحلة المقبلة وحاجته إلى حركة مجتمع السلم كونها «عصب التوازنات»، فقال: «كلنا عزم أن نثبت أن الحركة عنصر استقرار للجزائر وعنصر توازن وهي شعرة الميزان». واختتم: «من يعتقد أنه قد يتخطى هذه الحركة فهو مخطئ. إن المعادلة الثلاثية - وطني ديموقراطي إسلامي - لن يتخطوها إلا في وجود الحركة لأنها شعرة الميزان».