انعكست حال الاستقطاب السياسي في مصر بين التيار الإسلامي وخصومه على احتفالات الذكرى الستين ل «ثورة يوليو»، والتي مرت للمرة الأولى في ظل رئيس مدني إسلامي. ورغم أن الرئيس محمد مرسي ألقى كلمة لمناسبة الذكرى قال فيها إن «ثورة يوليو نجحت في تحقيق أهداف وأخفقت في أخرى» وان « ثورة يناير جاءت لتصحيحها»، إلا أنه لم يوفد مندوباً لوضع اكليل على قبر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر مثلما كان يفعل سلفه الرئيس السابق حسني مبارك. وبدا أن مرسي سعى إلى موقف متوازن لتجنب الاتهامات بتجاهله الاحتفال بذكرى «ثورة يوليو» بسبب الخلاف التاريخي بين جماعته «الإخوان المسلمين» والمؤسسة العسكرية من جهة، والحفاظ على موقفه السياسي من جهة أخرى. في المقابل، نظمت قوى ناصرية وقومية احتفالاً بالذكرى في ميدان التحرير، وزارت شخصيات من التيارين ضريح عبد الناصر، لكن كان لافتاً انضمام شخصيات ليبرالية إلى الاحتفال وزيارة الضريح للمرة الأولى، إضافة إلى ممثلي جماعات مدافعة عن نظام مبارك مثل «آسفين يا ريس»، ما بدا «اصطفافاً» محوره معارضة «الإخوان». وعُرض في احتفال ميدان التحرير مساء فيلم وثائقي عن «ثورة يوليو» أعدته هدى جمال عبد الناصر بعنوان «وما أدراك ما الستينات»، في إشارة إلى الجملة التي استخدمها مرسي عندما أقسم اليمين في الميدان للإشارة إلى مساوئ عقد الستينيات. وقال الرئيس في كلمته للمناسبة ان «ثورة 23 يوليو 1952 كانت لحظة فارقة في تاريخ مصر المعاصر وأسست الجمهورية الأولى التي دعمها الشعب والتف حول قادتها». وأضاف ان «مبادئ الثورة الستة بأهدافها الوطنية كانت بداية لتمكين الشعب المصري من مصيره ودعم تحرره وجعله مصدر السلطة». ولفت إلى أن «الثورة خاضت معركة الجلاء والاستقلال، وحاولت أن تقدم نموذجاً لحركات التحرر في العالم، وأن ترسي نموذجاً للتنمية وحشد الموارد، لكنها نجحت في بعض هذه الأهداف وتعثرت في أهداف أخرى، خصوصاً ملف الديموقراطية والحريات التي تراجعت عبر الأنظمة المختلفة». وأكد أن «السنوات الثلاثين الماضية شهدت فشل التجربة الديموقراطية وساد التزوير الذي أسهم في انتشار الفساد، وكان لا بد للشعب المصري من تصحيح المسار فثار ثورته الثانية في 25 يناير 2011 ليعيد الأمر إلى نصابه». ولم تفته الإشادة بالجيش، فإشار إلى أن «الجيش المصري العظيم انحاز إلى إرادة الشعب ووقف مع خيار الجمهورية الثانية على أساس الحرية للجميع والديموقراطية وسيادة القانون والدولة الدستورية التي نسعى إلى بنائها». إلى ذلك، نفت الرئاسة تسمية رئيس الحكومة الجديدة هذا الأسبوع بعدما أعلن أمس حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية ل «الإخوان»، أن مرسي سيعلن قبل الخميس المقبل الحكومة الجديدة ورئيسها الذي «سيكون شخصية وطنية تحظى بقبول بين مختلف التيارات السياسية». وقال القائم بأعمال الناطق باسم الرئاسة ياسر علي إن «موعد إعلان رئيس الحكومة لم يتحدد بعد، وسيتم في أقرب وقت ممكن». وأضاف أن «المشاورات ما زالت جارية في شأن من يتم تكليفه بتشكيل الحكومة ولم يتم بعد تحديد شخص معين».