تصاعد الجدل بين شريكي الحكم السوداني «حزب المؤتمر الوطني» و «الحركة الشعبية لتحرير السودان» أمس في شأن تبعية حقول هجليج للنفط التي اعتبرت المحكمة الدولية أنها ليست جزءاً من منطقة ابيي التي تنازع عليها الطرفان. وهددت حكومة الجنوب باللجوء الى دولتي الحكم الثنائي (بريطانيا ومصر) اللتين كانتا تستعمران السودان لحسم هذا الجدل أو العودة إلى محكمة لاهاي لإثبات تبعية الحقول إلى جنوب البلاد وليس شمالها. وقال نائب رئيس البرلمان القيادي في «الحركة الشعبية» أتيم قرنق أن قرار محكمة التحكيم الدولية في لاهاي في شأن النزاع على منطقة ابيي أخرج حقول هجليج من المنطقة، لكنه لم يبت في تبعيتها إلى الجنوب أو الشمال، موضحاً أن الحركة ستنتظر قرار لجنة ترسيم الحدود بين شطري البلاد، و «إذا فشلت اللجنة، سنقرر إلى أين نذهب، هل إلى حل سياسي أم إلى طرف ثالث؟». ولم يستبعد دخول بريطانيا أو مصر لحسم هذا الجدل أو العودة الى محكمة لاهاي، لكنه قلل من احتمالات تفاقم الخلافات في شأن تبعية هجليج. غير أن مستشار الحكومة للشؤون القانونية في ملف ابيي عبدالرحمن الخليفة اعتبر موقف الجنوبيين «التفافاً وعدم اعتراف بقرار محكمة التحكيم الدائمة في لاهاي». وقال: «لا يمكن لأحد الالتفاف على قرار المحكمة الذي نص على تبعية منطقة هجليج إلى الشمال، كما أن شريكي الحكم التزما بما نص عليه القرار». واتهم الحركة بأنها «تسعى إلى النفط بحديثها عن تبعية هجليج إلى ولاية الوحدة (الجنوبية)، وهذا موقف غير مسؤول». واستبعد العودة إلى محكمة لاهاي لحسم الجدل في شأن تبعية هجليج. وقال إن «الأمر محسوم وفقاً لقرار المحكمة الذي حدد أن هجليج خارج أبيي تماماً... وهذا قرار توفيقي». واستهجنت قبيلة المسيرية العربية حديث الأمين العام ل «الحركة الشعبية» باقان أموم عن اقتصار حق التصويت في استفتاء ابيي بالانضمام إلى الجنوب أو الاستمرار على وضعها الحالي، على قبيلة دينكا نقوك فقط. وتمسّكت القبيلة العربية بحقها في التصويت. وقال زعيم المسيرية مختار بابو نمر أمس إنّ كل من تنطبق عليه شروط المواطنة التي يحددها القانون لا بد أن يُشارك في الاستفتاء. وقال محافظ أبيي محمد الدوريك إنَّ «القانون هو الفيصل في القضية، والبروتوكول نص على حق السكان في الاستفتاء». وزاد: «نحن أصيلون في المنطقة ولنا حق التصويت في الرقعة المسماة إدارياً أبيي». إلى ذلك، شرع شريكا الحكم في إجراء مشاورات لاختيار اللجان الفنية والسياسية لترسيم حدود أبيي والإشراف عليها تنفيذاً لقرارات محكمة التحكيم الدولية، كما بدأت إدارة أبيي الموقتة ترتيبات لإقامة احتفال جماهيري في مدينة أكول لمناسبة صدور نتيجة التحكيم. وقال وزير شؤون الرئاسة في حكومة الجنوب لوكا بيونق ان اللجنة الفنية الخاصة بترسيم الحدود التي اتفق الشريكان على تكوينها، يفترض أن تصل إلى أبيي خلال أسبوعين والبدء في عمليات الترسيم على الأرض. وأشار إلى أن اللجنة ستُشكل بأعداد متساوية من الطرفين. وفي القاهرة، شددت الجامعة العربية على أهمية الالتزام بتنفيذ القرار الذي توصلت إليه محكمة التحكيم الدولي في لاهاي لتسوية النزاع في منطقة أبيي. وحضت الأطراف السودانية كافة على «اتخاذ الخطوات اللازمة لتنفيذ ما قررته المحكمة وتعزيز الشراكة في ما بينها بهدف تحقيق السلام الدائم والعادل لكل سكان المنطقة والتركيز على الاحتياجات التنموية فيها». وأكدت الجامعة في بيان أنها «ستتابع باهتمام بالغ التطورات المتعلقة في منطقة أبيي، وهو الأمر الذي تابعته منذ التوقيع على خريطة الطريق في 8 حزيران (يونيو) 2008 التي نصت على عودة عشرات الآلاف من النازحين نتيجة اندلاع المعارك في هذه المنطقة منذ أيار (مايو) 2008 وما تم الاتفاق عليه في شأن منطقة أبيي من إقامة إدارة انتقالية واتفاق شريكي الحكم على إحالة الموضوع على التحكيم الدولي لتسوية الخلاف». وأعربت الجامعة عن «التزامها العمل مع مختلف الأطراف لتنفيذ الالتزامات والبروتوكولات التي شكلت اتفاق نيفاشا». من جهة أخرى، أعلنت الخرطوم أمس على نحو مفاجئ حملة للتدريب العسكري ورفع راية «الجهاد» التي توقفت منذ توقيع اتفاق سلام قبل أربع سنوات. وأكد مساعد الرئيس نافع علي نافع، أن «مسيرة الجهاد لن تتوقف وستستمر لمواجهة المتطاولين والباغين»، وأن مشروع «الانقاذ» لن يستمر «إلا بالقوة المباشرة، وليس بالقوة المعنوية فقط». واتهم نافع خلال احتفال جماهيري في ولاية القضارف في شرق البلاد أمس، منظمات العون الإنساني الأجنبية العاملة في السودان ب «تبديد الأموال التي تجمع باسم فقراء افريقيا بنحو 80 أو 90 في المئة على المساكن الفاخرة والمكاتب والأطعمة المستوردة». وقال إن «ما يصل للمستفيدين من هذه الأموال فُتات». وكشفت «قوات الدفاع الشعبي» التي تساند الجيش في العمليات مشاركة 500 ألف «مجاهد» في العمليات في جبهات القتال في جنوب البلاد وشرقها وغربها خلال العقدين الماضيين، قتل من بينهم 15 ألفاً وأصيب 50 ألفاً. وأكّدَ القائد العام ل «قوات الدفاع الشعبى» اللواء عبدالله عثمان يوسف أن قواته تعد «لتدريب 10 آلاف متطوع من مختلف أنحاء السودان، وتأهيلهم خلال العام الحالي». وأضاف لدى مخاطبته احتفالاً في ختام مشروع تدريب في منطقة الجيلي شمال الخرطوم أمس أن «مستوى التدريب للمتطوعين يتحسن يومياً... وجرى تدريبهم على استخدام الدبابات والأسحلة الثقيلة الأخرى».