تظلّ محطات الوقود «لغزاً حائراً» بين سكان المنطقة الشرقية، فبينما يُعبّرون في أحاديثهم، عن رغبتهم في وجود «جوّ صحي غير ملوث»، تجدهم أكثر فرحاً بإنشاء محطات وقود قريبة من منازلهم. ولمست «الحياة» خلال جولة قامت بها في المناطق المحاذية لكورنيش الدمام، التي توجد بها مجموعة من محطات الوقود المحيطة في الميادين، أن هناك نوعاً من «الارتياح والتشجيع» من قِبل قاطنين في المنازل المجاورة، أو حتى الزوار، من وجود مجموعة من محطات الوقود، من دون أن يستفسر أحدهم عن الشروط اللازمة لإقامة المحطات بشكل عام، وبخاصة في مثل الأحياء المأهولة بالسكان. ويُجيز النظام بناء محطات الوقود بجوار الميادين، بشرط «ألا تقل المسافة بين موقعها والدوّار عن مئة متر»، وهذا غير متحقق في بعض المحطات الموجودة في تلك المنطقة. وعلى رغم تفاعل حسان الطعيمي، الذي يقع منزله على مسافة قريبة من إحدى هذه المحطات، مع القضية، وتأكيده على ضرورة أن «تكون البيئة أولاً»، إلا أنه يقرّ بأنه لا يخادع نفسه، «فأنا مستفيد من وجود مثل هذه المحطات في هذه الأماكن الحيوية، التي يتوافد عليها الناس بشكل دوري، حتى تحوّلت لبعض العابرين يومياً بين مدينة الدمام ومحافظة القطيف، حاجة ماسة». وتمنى أن يتم «إيجاد حل مع الأخذ بعين الاعتبار حاجة الناس إلى هذه المحطات، وبخاصة في هذه المواقع». وعلى النقيض من الطعيمي، تحدث محمد الكعبي، بأن «تلوث البيئة أصبح شيئاً ظاهراً للعيان، وأن محاولات الحدّ منه باءت غالبيتها بالفشل». وعن الحل الذي يراه مناسباً، قال: «إن الجهود الفردية للحدّ من أي ظاهرة، مضيعة للوقت والجهد، لذلك يجب إيجاد منظومة متكاملة للحدّ من التلوث البيئي، تشارك فيها الجهات المعنية كافة، مثل أمانة المنطقة الشرقية، والمجلس البلدي، والرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، ووزارة البترول والثروة المعدنية؛ لكونها الجهة المُموّلة لمحطات الوقود بالمواد البترولية، من خلال شركة «أرامكو السعودية»». وأبان الكعبي، أن «العمل المتكامل عبر منظومة، يساهم في الحدّ من غالبية مظاهر التلوث التي تتعلق بالبيئة، سواء كانت لها علاقة بمحطات الوقود ومشكلاتها التي لا تنتهي، أو مشكلات أخرى متعلقة أيضاً بالبيئة»، وشدد على أن كل ما ذكره «لن يتحوّل إلى أرض الواقع، ما لم يرافق ذلك سنّ قوانين وأنظمة تكون مُلزمة في التنفيذ، وأن من يتخلّف عن ذلك يعرّض نفسه أما للعقوبة، أو الغرامة». بينما تساءل سمير المنيع، عن سبب عدم وجود وزارة متخصصة تهتم بالبيئة، أسوة في الدول الأخرى، وأكد وجودها «بروح عصرية، وكوادر وطنية، ما يخلق تكاملاً نظامياً وبيئياً، نحن في أشدّ الحاجة إليه»، مطالباً بالاستفادة من تجربة شركة «أرامكو السعودية»، «إذ أن لها باعاً طويلاً في العمل التنظيمي، والذي ساهم في خلق مجتمع أقل ضرراً من الناحية البيئية». يُشار، إلى أن أمين المنطقة الشرقية المهندس ضيف الله العتيبي، كشف في تصريح صحافي سابق، عن وجود تحرك «لإعادة تأهيل جميع محطات الوقود العاملة في المنطقة، على رغم بطء التجاوب من قِبل مُلاك المحطات، لتحسين أوضاعها»، لافتاً إلى إغلاق بعضها «إلى حين إنجاز أعمال تطويرها». وأكد العتيبي، أن الجولات التي قامت بها الأمانة على تلك المحطات، تهدف إلى «تحقيق الأهداف الاستراتيجية للأمانة»، وكشف عن تشكيل لجنة فنية بمسمى «برنامج متابعة وتحسين محطات الوقود»، موضحاً أن الأمانة «وضعت شروطاً لتحسين المحطات، كوضع رجل أمن في كل محطات الوقود، والتعاقد مع شركة نظافة، ووضع حاويات للتخلص من النفايات».